1397226
1397226
تقارير

مخاوف كثيرة في أسواق المال.. لكنها لا تخلو من الفرص

19 يوليو 2018
19 يوليو 2018

توقع ابتعاد المستثمرين عن قطاعات معرضة لـ «الرسوم الجمركية» مثل التكنولوجيا والطاقة -

من المتوقع أن يكون الربع الثالث من العام الجاري بمثابة فترة انتقالية تشهد فيها الأسواق تراجعا مستمرا في هوامش الائتمان، مما سيؤدي بنهاية المطاف إلى انعكاس منحنى العائد بحلول نهاية هذا العام أو مطلع عام 2019، وحذر تقرير صادر عن “ساكسو بنك” من أن مزيج السياسات المتشددة للاحتياطي الفدرالي والاقتصاد المحموم قد تسهم في تسريع الطريق نحو الركود، وأشار إلى أن حيازة مراكز تداول في الأصول ذات المخاطر العالية سيبقى ضعيفا، وسيبتعد المستثمرون عمّا يسمى اقتصادات سلسلة التوريد والقطاعات الحساسة لتأثيرات الرسوم الجمركية الإضافية مثل قطاعي تكنولوجيا المعلومات والطاقة، وذلك في ضوء الافتقار إلى رؤية واضحة حول تداعيات نشوب حرب تجارية.

كما سيتم بشكل مكثف مراقبة الفوضى السياسية في منطقة الاتحاد الأوروبي، مع التركيز بشكل خاص على إيطاليا عند حلول شهر أكتوبر، حينما يتم عرض الميزانية لعام 2019.

وفي الوقت نفسه، فإن البيئات الاقتصادية المتقلبة كالتي نشهدها حاليا، ستوفر مزيدا من الفرص الجديدة.

فقد أفضت موجات البيع التي رأيناها خلال الربعين السنويين السابقين إلى اتساع هوامش الائتمان، وبالتالي يمكن استكشاف القيمة في السندات الأمريكية ذات التصنيف الاستثماري، وكذلك مجموعة مُنتقاة من الشركات ذات العوائد المرتفعة.

ومع ذلك، أوصى التقرير بمراقبة استراتيجيات التنويع، وتبني منهجٍ مترقب على المدى القصير، خصوصا وأن هوامش الائتمان لا تزال عُرضةً لمزيد من الضغوط في ضوء انعدام اليقين وسياسات البنك المركزي.

وحدد التقرير المخاطر الرئيسية في الربع الثالث وهي الحرب التجارية، وعدم الاستقرار في الاتحاد الأوروبي، وسياسة البنك المركزي، وفيما يتعلق بالحرب التجارية فإنها تزداد صعوبة تقييم المخاطر المرتبطة باحتمالات نشوب حرب تجارية، لا سيما في ضوء الاستراتيجية السياسية غير الواضحة للرئيس ترامب وصعوبة التنبؤ بماهية الخطوة التالية.

ويعتقد الكثيرون أن الخطاب الذي يستخدمه ترامب عبارة عن تكتيك تفاوضي للتوصل إلى اتفاق مع الصين يضع أمريكا أولا، لكننا ازدياد فترة ظهور هذا الموضوع في العناوين الرئيسة سيفرض مزيدا من الضغوطات على هوامش الائتمان بشكل عام.

ويشير ذلك إلى أن عوائد سندات الخزينة على المدى الطويل ستبقى مضبوطة لفترة أطول.

ولن نشهد تداول العائد على سندات الخزانة الأمريكية المستحقة لأجل عشر سنوات فوق 3% إلى أن تختفي المخاوف من نشوب حرب تجارية.

وسترزح الأسواق الناشئة تحت ضغوطات أكثر شدة.

لا سيما الدول التي تمتلك سلاسل إمداد وعائدات مترابطة مع الصين، مثل: تايوان وماليزيا وكوريا الجنوبية وهونج كونج وغيرها.

وستمتد المعاناة لتطال الشركاء التجاريين لأمريكا، وستعاني كندا والمكسيك أكثر من غيرهما، نظرا لاعتماد اقتصاداتهما على اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.

وستكون القطاعات التي تعتمد على سلاسل الإمداد الدولية، مثل قطاعي التكنولوجيا والطاقة، هي الأكثر تضررا.

وتدفع المخاطر المرتبطة بالحرب التجارية نحو توخي الحيطة والحذر، مما يجعل من المفضل اعتماد منهجية مترقبة على المدى القصير (فترات الاستحقاق التي تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات) والتوجه نحو التخلص من الديون الصادرة عن الأسواق الناشئة الضعيفة والتي تعتمد على الصادرات الصينية.

أما حالة عدم الاستقرار في الاتحاد الأوروبي، فقد أحدثت الانتخابات الإيطالية موجات صادمة انتشرت في مختلف أنحاء سوق السندات، ولكن بمجرد تشكيل الحكومة الجديدة في البلاد، استقرت السندات السيادية من الأطراف، مما دفع المستثمرين للاعتقاد بأنهم تخطوا مرحلة الخطر.

ومن وجهة نظر التقرير، يقلل الكثيرون من شأن الوضع في إيطاليا، إذ يوجد احتمال كبير بأن تتسبب الأخبار المتعلقة بالديون الإيطالية في إحداث مزيد من التقلبات في أسعار الفائدة بدول الاتحاد الأوروبي بينما نقترب من موعد تقديم موازنة عام 2019 في أكتوبر.

وتتكون حكومة التيار اليميني الشعبي الجديدة من سياسيين ينتمون إلى أحزاب معروفة بالتشكيك بالاتحاد الأوروبي، التي لطالما أطلقت انتقاداتها لمبادئ الاتحاد الأوروبي التوجيهية بشأن الإنفاق العام، والهجرة، وحتى العقوبات ضد روسيا.

وعلى الرغم من توجه الحكومة الجديدة نحو طمأنة الساحة الدولية بشأن موقفها من عضوية الدولة في الاتحاد الأوروبي واليورو، لا يمكننا استبعاد احتمال تجدد المواجهة بين الحكومة الشعبية والاتحاد الأوروبي بخصوص الإعفاء من الديون.

وأعدّت الحكومة الإيطالية الجديدة خطة إنفاق كبيرة تتضمن طرح حد أدنى للدخل وضريبة ثابتة.

ومن شأن تمويل هذه السياسات خرق قواعد موازنة الاتحاد الأوروبي، ودفع مستوى الدين الوطني الإيطالي نحو الارتفاع.

ويعتبر رحيل ماريو دراجي عن رئاسة البنك المركزي الأوروبي واحدا من أبرز الأحداث التي من شأنها إطلاق جرس الإنذار.

ولطالما عُرف دراجي بمحاباته للدول المحيطة، ولم يتردد أبدا في مساعدة دول منطقة البحر الأبيض المتوسط خلال أزمة الديون بين عامي 2011/‏‏2012.

وبعد مغادرته، يبقى السؤال الحقيقي المطروح هو ما إذا كان خليفته سيتسم بنفس الودّ تجاه الدول المحيطة، أم ستفضل سياساته مصالح القوى القارية الأخرى مثل فرنسا وألمانيا.

ويتوقع التقرير أنه في خضم هذه الضوضاء السياسية، ستكون الديون السيادية البرتغالية هي الأكثر مرونة في المحيط، بينما ستعاني الديون السيادية الإسبانية واليونانية والإيطالية أكثر من غيرها جراء ارتفاع وتيرة التقلبات في منطقة الاتحاد الأوروبي.

وينتقل التقرير بعد ذلك إلى خطر المنحنى المسطّح للعائدات وسياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشددا منذ تولّي جيروم باول رئاسته.

ووفقا لآخر تصريحات باول قبل أسبوعين، يتطلع بنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع معدلات الفائدة مرتين هذا العام، وأربع مرات خلال عام 2019.

وهذا يعني أنه بحلول نهاية ديسمبر، ينبغي أن نشهد أسعار الفائدة على المدى القصير عند 2.5%، وفي حال لم ترتفع أسعار الفائدة على المدى الطويل نتيجة لعدم اليقين السائد، واحتمال نشوب حرب تجارية وحالة عدم الاستقرار في الاتحاد الأوروبي، سيتجه منحنى العائدات الأمريكية نحو الانعكاس قريبا.

وفي الماضي، سبقت منحنيات العائدات المنعكسة فترات من الركود مع فارق بين سنة إلى أربع سنوات، وبالتالي، تبقى واحدة من أفضل المؤشرات للتنبؤ بحالات الركود في المستقبل.

ومع ذلك، يعرب بنك الاحتياطي الفيدرالي عن شكه بهذه الظاهرة عبر استئناف منهجيته القائمة على البيانات في قراراته لرفع أسعار الفائدة.

وتتجلى فكرة النظر إلى منحنى العائد المُنعكس باعتباره مؤشرا مضللا في إمكانية ارتباط انخفاض العوائد بأسعار فائدة منخفضة وحيادية وأقساط تأمين موقوتة منخفضة، أو العائد الإضافي الذي يحتاجه المستثمرون للاحتفاظ بأوراق مالية مستحقة لأجل طويل قياسا بتلك المستحقة لأجل قصير.

ووفقا للايل براينارد، حاكمة بنك الاحتياطي الفيدرالي، قد تكون أقساط التأمين الموقوتة الحالية منخفضة الأجل ناجمة عن استثمارات الموازنة العمومية الضخمة للبنك المركزي في سندات الخزينة الأمريكية، وبمجرد أن يبتعد بنك الاحتياطي الفيدرالي عن الاستثمار في هذه الأصول، ينبغي أن تشهد أقساط التأمين الموقوتة في الجزء الطويل من المنحنى ارتفاعا يدفع منحنى العائدات نحو الارتفاع للوصول إلى شكله الأصلي.

ويرصد التقرير ثلاثة مجالات مخاطرة ينبغي ترقّبها خلال الربع الثالث، أولها الأسواق الناشئة، وفي خضم قوة أسعار الدولار الأمريكي، وحالة عدم اليقين في الاتحاد الأوروبي، والحرب التجارية اعتمد تقرير ساكسو بنك حول الأسواق في الربع الثاني على وجهة نظر حذرة حيال الأسواق الناشئة الأضعف، وبعد أن واجهنا الآن خطر نشوب حرب تجارية شاملة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، تتناقص معدلات تفضيلنا لهذا المجال.

وخلال الربع الماضي، شهدنا معاناة جنوب إفريقيا والأرجنتين وإندونيسيا وتركيا من أزمات عميقة لحقت بعملاتها جراء قوة أسعار الدولار وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية.

ونعتقد أن هذه الدول ستستأنف حالة الضعف خلال هذا الربع، مع احتمال استثناء الأرجنتين التي وافقت مؤخرا على حزمة مساعدات بقيمة 50 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، مما منح المستثمرين راحة نتيجة امتلاك البلاد لما يكفي من احتياطات كفيلة بتلبية استحقاقات الديون.

ونتيجة لاحتمال نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فإننا نخفض من مستوى مخاطر اقتصادات سلسلة التوريد في طرف المحيط الهادئ، وإلى حد ما في تايوان وهونج كونج وكوريا الجنوبية.

وفي القطاعات المتأثرة بفرض التعرفة الجمركية: قطاعي التكنولوجيا والطاقة، مع تصاعد أصوات طبول الحرب التجارية، يرجح تعرض مجموعة من القطاعات في الاقتصادات المتقدمة والناشئة من ارتفاع التعرفة الجمركية وقد تتأثر بتخفيضات محتملة لتصنيفها الائتماني.

وربما قطاع التكنولوجيا سيكون الأشد تأثرا، إذ قد تعطل الحرب التجارية سلسلة التوريد لشركات التقنية مما يؤدي إلى تآكل الإيرادات من المبيعات الأجنبية.

وقد تظهر شركات مثل آبل، التي تقوم بتجميع هواتفها “آي فون” في الصين (بينما تتم صناعة المكونات في مكان آخر)، وشركة “كوالكوم” الصينية التي تعتبر المورّد الرئيسي لشركة ZTE، بين أوائل الشركات المتأثرة جراء ارتفاع حدة عدم اليقين الناجمة عن العناوين الرئيسية بشأن الحرب التجارية.

وتعتبر الطاقة من القطاعات الأخرى التي نتوقع تأثرها سلبا، حيث تفكر الصين في خفض وارداتها من النفط الأمريكي تجنبا للتعرفات الجمركية المرتفعة.

من جانب آخر، من المحتمل أن نشهد استئناف حالة التقلب في إيطاليا خلال سبتمبر 2018 عندما تصدر الحكومة اقتراحها لموازنة عام 2019.

وأدى تنامي قوة العديد من السياسيين المتشككين حيال الاتحاد الأوروبي، ومن بينهم ألبيرتو باجناي رئيس اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، وكلاوديو بورغي، أبرز المستشارين الاقتصاديين لرئيس الوزراء جوسيبي كونتي، وماتيو سالفيني، وزير الداخلية، إلى الشك في نوايا الحكومة بالتمسك بالعملة الموحدة والالتزام بالمبادئ التوجيهية للعجز في موازنة الاتحاد الأوروبي.

وعلى هذا الأساس، لا بد وأن نشهد اتساع الهامش بين سندات الخزانة الإيطالية المستحقة لأجل 10 سنوات قياسا بالسندات المستحقة لأجل عشر سنوات، مع ارتفاع الهامش إلى 300 نقطة أساس.

ومع ذلك، ستكون الحركة الأكبر في النهاية القصيرة لمنحنى العائدات الإيطالي مع ظهور الشكوك حول مدى قدرة وجهوزية الدولة لدفع الاستحقاقات قصيرة الأجل.

عندئذ، قد يرتفع الهامش الكامن بين سندات الخزينة الإيطالية المستحقة لعامين والسندات ذات مدى الاستحقاق نفسه بمقدار 400 نقطة أساس، وقد تصل عائدات السندات الإيطالية المستحقة لعامين إلى أعلى مستوياتها في عام 2012 عند 5%.

الفرص الثلاث الأكبر

رغم كل هذه المخاوف هناك ثلاث فرص في الربع الثالث هي السندات الأمريكية ذات التصنيف الاستثماري، وأصبح اتساع الهوامش ذات التصنيف الاستثماري أكثر وضوحا بالتزامن مع انتعاش مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” من أدنى مستوياته في أبريل.

وربط الكثيرون هذه الظاهرة بعمليات الاندماج والاستحواذ التي شهدناها في الآونة الأخيرة.

وعندما تقوم إحدى الشركات بالاستحواذ على شركة أخرى أو الاندماج معها، تقوم بامتصاص ديون تلك الشركة المستحوذ عليها/‏‏المندمجة معها؛ ومن الطبيعي أن نرى اتساع هوامش الائتمان مع ازدياد الرافعة المالية.

ومع ذلك، يطرح تراجع قيمة السندات ذات التصنيف الاستثماري تساؤلات فيما إذا كان المستثمرون سيواصلون الاستثمار في سوق الأسهم، والذي ما زال مكلفا للغاية.

وعند هذه النقطة، وبالنظر إلى خلفية الاقتصاد الكلي وعدم اليقين السياسي في العالم، تبدو السندات أكثر جاذبية من الأسهم، وتبدو شركات الاستثمار الأمريكية على أهبة الاستعداد للتخصيص. والفرصة الثانية هي الشركات ذات العوائد المرتفعة على المدى القصير في الدولار الأمريكية واليورو، ويعتقد التقرير أن المساحة ذات العوائد المرتفعة ما زالت تزخر بالفرص المثيرة للاهتمام، لا سيما عندما لا تتخطى معدلات التخلف عن السداد نسبة 3%، وتوقعات شركة “موديز” بانخفاضها إلى النصف بحلول أبريل 2019. وفي ضوء الخلفية الاقتصادية القوية، ينبغي أن تقدم الشركات ذات العوائد المرتفعة والمقومة بالدولار الأمريكي واليورو عائدات مثيرة للاهتمام.ونفضل السندات ذات العوائد المرتفعة على المدى القصير مع موعد استحقاق لا يتخطى ثلاثة أعوام كحد أقصى، ولكن من المهم اختيار أفضل الشركات وتجنب الضعيفة منها في القطاعات التي لا تتمتع بوضع يتيح لها الاستفادة من الدورة الاقتصادية أو تلك المعرضة لتعرفة جمركية مرتفعة.

وينبغي أن يدرك المستثمرون ارتفاع دين الشركات بنسبة 49% منذ الأزمة المالية، وأن غالبية هذه الديون قد تم إصدارها من قبل الشركات ذات التصنيف المنخفض.

وبالتالي، من المهم اتخاذ الحيطة والحذر من السندات ذات الفترات الأعلى والتي يمكن أن تتسع بسرعة عندما يبدأ الاقتصاد في التباطؤ والاقتراب من حالة الركود.

أما الفرصة الثالثة فتأتي من التغير في منحنى العائدات، وقد يشكل ذلك أكبر صفقة في الربع الثالث من عام 2018.

ومع استمرار حالة التشدد في بنك الاحتياطي الفيدرالي، يمكننا توقع ارتفاع أسعار الفائدة على المدى القصير بوتيرة أكثر سرعة قياسا بأسعار الفائدة على المدى الطويل والتي نعتقد بأنها ستبقى أقل من 3% لفترة أطول نتيجة للتوترات السياسية.

وفي حال استأنف بنك الاحتياطي الفيدرالي مسيرة ارتفاعه ينبغي أن تتخطى تداولات عائدات سندات الخزينة المستحقة لأجل عامين النسبة 3% بحلول الربع الثاني من عام 2019، وهذا من شأنه توجيه المستثمرين بعيدا عن السندات ذات آجال الاستحقاق الأقصر، ما لم توفر عائدا أعلى بكثير قياسا بسندات الخزينة المستحقة لأجل عامين.وفي الوقت الراهن، يتم تداول سندات الخزينة المستحقة لأجل عامين مع عوائد بنسبة 2.54%؛ وإذا صحّت التوقعات بشأن التوجه نحو رفع أسعار الفائدة ست مرات من الآن وحتى نهاية عام 2019، يمكننا أن نتوقع ارتفاع عوائد السندات المستحقة لأجل عامين إلى 3% على الأقل.