أعمدة

توعويات: حرمة الحرمين الشريفين

27 يونيو 2018
27 يونيو 2018

حميد الشبلي -

[email protected] -

بصراحة ومن دون أي مقدمات، إن ما يحدث في ساحات الحرم المكي الطاهر والحرم النبوي الشريف، لا يتوافق ولا تقبله تعاليم ومبادئ الشريعة ولا وصايا السنة النبوية الشريفة، كما أنه لا يتناسب مع شخصية الفرد المتحضر، ويتمثل ذلك في المواقف التي يقوم بها بعض زوار هذه الأماكن المقدسة، مما يستوجب الاستغراب والتعجب حول حقيقة فهم وقدسية تلك البقاع الطاهرة عند أولئك الحجاج والمعتمرين.

إن مشاهد التلاسن والتدافع والزئير والتصوير هي أكثر ما يتم مشاهدته في سلوك وعبادة كثير من الزوار، ولعل أكثر تلك المشاهدات التي يتأفف منها كثير من الناس، ما يتعلق بظاهرة التصوير، ففي مكة المكرمة لن نتحدث عن عمليات التوثيق التي يقوم بها الأفراد لزيارتهم لهذا المشعر الحرام، وخصوصا إذا لم يرافقها إزعاج أو تعدي على حرمات الآخرين، ولكن سنسلط الضوء فقط حول سنة الطواف في صحن الكعبة المشرفة والفرد ملبيا بلباس الإحرام، حيث العبد في هذا الموقف يتصف بالوقار والخشوع والانكسار ويكون بعيدا عن الدنيا ومفاتنها، إلا أن عكس ذلك هو ما تسمعه وتشاهده، فلا عجب أن تشاهد مجموعة تعيق الطواف بحجة (نأخذ صورة سلفي للجروب) أو التقاط صورة سلفي لزوج وزوجته بمناسبة (اليوم عيد زواجنا) أو أن يقوم فرد محرم بالتلويح بيده ويتواصل بالهاتف مع أقاربه المتابعين لنقل الصلاة من الحرم المكي، وهناك من يطوف مع زملائه وحديثهم في قضايا البيع والتجارة، إضافة إلى مشاهد التدافع في الطواف وما ينتج عنها من سماع شتائم، والكثير من المواقف التي يتصبب العرق من الجبين حين سردها.

فهل هكذا يكون التقرب من الله تعالى، وهل هكذا يمكن أن نكون دعاة لنشر الإسلام بأخلاقنا وعبادتنا ونحن في بيت الله الحرام، وإذا ما حلقنا لنرى ما يحدث في المسجد النبوي الشريف، فالأمر مشابه للأسف الشديد في سلوك كثير من العباد، لذلك التفكير في الصلاة بالروضة الشريفة سوف تكلفك سماع من يشتمك أو أن تتحمل دفعة قوية من ذاك، أو أن تتقبل وضعية الصراخ والزئير التي ستسمعه عند فتح باب المسجد الشريف، من شدة الهرولة والتدافع لحجز المكان، لأن اليوم لا أحد ينظر لعملية الوقار أو احترام خصوصية ذلك الدار إلا من رحم ربك، وكذلك الأمر عند الرغبة للذهاب للسلام على نبي هذه الأمة وأصحابه، المشاهد نفسها تتكرر من انفلات في السلوك الإسلامي والإنساني عند بعض البشر، ولن تجد لهيبة المقام أي اعتبار عند أولئك الزوار، هل يعقل أن تسمع شخص يسب ويشتم ويلعن الآخرين وبعد لحظه تجده أمام مقام النبي صلى الله عليه وسلم يتوجه له بالصلاة والسلام، إلا يعلم ذلك العبد أن جميع زوار المسجد النبوي هم ضيوف النبي الكريم، هل هكذا نتعامل في حضرة ومقام سيد الأنام.

وقبل الختام أتوجه بالسؤال هل التقصير في فهم العبادة من الفرد نفسه، أو يوجد تقصير في برامج التوجيه والتوعية والإرشاد للمؤسسات المختصة في الدول التي ينتمي إليها ذلك الزائر، وما يهمنا في هذا الموضوع هو أن يدرك المؤمن القاصد لتأدية المناسك، لقدسية ذلك المكان وما يترتب عليه من فهم لكيفية أداء العبادة بشكلها الصحيح، وأن يحفظ لسانه وجوارحه خوفا مما يفسد تلك العبادة، وان يتعامل مع الآخرين بأخلاقه وليس بأخلاقهم وخصوصا إذا بدر منهم ما هو سيئ، وأخيرا على العبد النأي بنفسه عن المواقف التي تولد التلاسن والخصام، وأن لا يجعل عبادته رياءً ولا سمعة كما يهواها من يقوم بالتصوير بهدف أن يراه كافة الناس.