lama
lama
أعمدة

ذات: التحفيز الذاتي

20 يونيو 2018
20 يونيو 2018

لما دعدوش -

نسمع الكثير من العبارات عن التحفيز، وحفز نفسك، ونحاول أن نعرف ماذا يقصدون؟ وماذا يريدون؟ من يحفز من؟ وكيف يحفز؟ ولماذا؟ معك حق، فالمعنى كبير ويحتاج الكثير، وسنتطرق لبعضه في هذه الخطوط.

التحفيز الذاتي هو رسالتك لنفسك ولذاتك، الرسالة الصادقة المحبة التي تهديها لنفسك، ولتشحنها بأصدق مشاعر الوفاء والعون، ما أجمل أن تكون على هذا المستوى من الإدراك والمسؤولية مع ذاتك، فتقبل عليها وتغدق بوسائل الدعم والمناصرة، باسطاً يدك إليها، لترتفعا سوياً في ميدان النجاح والتألق.

بقول الكاتب جبران خليل جبران عبارة جميلة لا أمل قراءتها وتردادها لمعانيها العميقة الحقيقية: “إذا شعرت بالحاجة إلى يد ٍدافئة، فأمسك بيدك الأخرى، فلن يهزم إنسان يؤمن بنفسه”.

وأنت عزيزي: عندما تشعر بالضيق والتعب، وهذا طبيعي، فاستعن بالله تعالى، وهذا أفضل العون وأقواه، فالتجئ إلى قوته ومدده، ثم استعن بنفسك، ولا تعجز ولا تسكن للضعف، اجعل من نفسك الصديق الصدوق المحب الودود الذي لا ولن يخذلك يوماً. جميل أن تشعر أنك تساند نفسك، فلطالما لجأنا لأنفسنا ووجدنا فيها الملجأ، والأجمل أن تعرف كيف تتعامل مع هذه النفس، وكيف تخرج أجود ما فيها لتكون معك ولأجلك ولسعادتك. التحفيز الذاتي هو أن تشحن ذاتك بأفكار ومشاعر وأحاسيس إيجابية تسعدك وتشعرك بقيمتك التي وهبك الله إياها حينما خلقك وجعلك في هذه الدني، وقد قال تعالى: “ولقد كرّمنا بني آدم“ فنحن مكرمون بعين الله تعالى وعنايته طالما نؤمن به. وقد يخطئ البعض فيقلل من قيمة نفسه في عينه، وهو بذلك يخالف أمر الله تعالى حين قدّره وجعل له قدراً، ويقلل من قيمة نعم الله تعالى عليه، في نظرة ضعيفة تستقلل النعم وتزدري حقها. جميل أن تكون في الجانب الدائم المقوّي لذاتك لتنهض بها وترفعها وترقّيها بعد ذلك، فأنت وذاتك واحد.

كم من العظماء والناجحين قد مروا بتجارب صعبة، واستطاعوا مواجهتها بعزيمة وقوة عندما ربطوا حبالهم بحل الله المتين ثم استعانوا على أنفسهم بأنفسهم. جميل أن تستعين على نفسك الضعيفة بنفسك القوية، وعلى نفسك الكسولة بنفسك الطموحة، وعلى نفسك الحاقدة بنفسك المتسامحة، وعلى نفسك البخيلة بنفسك المعطاءة، وعلى نفسك الضعيفة بنفسك القوية.

عندما تنظر إلى نفسك تلك النظرة الحانية العطوفة التي تريد عونها ونصحها، وتأخذ دور المراقب في حياتك بكل تجرّد وحياديّة، سترى الكثير من المواقف والأشياء والأشخاص والأماكن بعين أخرى ونظرة أخرى. وستخرج من دوامة الأنا والشخصنة والانفعال إلى دائرة الفكر والعقل والرشد، وستجد نفسك ضمن إطار جديد من الاحتمالات والحلول والأفكار الجديدة التي لم يكن لها مكان ولا حسبان.

ستنظر بعين جديدة لترى نقاط قوتك وضعفك، لترى عوامل نجاحك وفلاحك، لتدرك خططاً جديدةً أصبحت قادراً على إبصارها واستبصارها وتنفيذها، لتبدأ حياةً جديدةً برؤية جديدة وأنفاس جديدة ودماء جديدة، تعطيك الحياة التي كنت تسعى إليها من قبل، وكنت لاهثاً وراءها وهي تجري فيك بداخلك. ولكن عندما أحببت ذاتك وشعرت أنك مسؤول عن حياة هذه الذات وعطائها، عندها يثبت ذلك البنيان الثابت من دعم حقيقي صادق خالص محب، قد لا نجده من الآخرين (وأجزم أنك ربما قد تجد بعضه) لكن لن تجده كله أبداً إلا من تلك النظرة الحانية الشغوفة العطوفة التي نظرت بها لذاتك يوماً، وأقسمت بعدها أنك ستكون لها عوناً.

ووفيت عندما بدأت، ومددت يدك لتقول لها: (تعالي.. فأنا أحبك، أحب عطاءك، فلنمش سوياً، يداً بيد، ولتفتح لنا الطرق أبوابها، والسماء خزائنها، فلن يهزم إنسان يؤمن بنفسه).