1360423
1360423
مرايا

في القرية الإلكترونية .. لا تثق بأحد!

20 يونيو 2018
20 يونيو 2018

مع تطوّر نمو الطفل بشكل كافٍ لينفصل عن ذويه بذهابه إلى المدرسة، تأتيه أولى تعليمات السلامة حول عدم التكلّم مع الغرباء أو الاستجابة لأي أحد، وذلك خوفا عليه من استغلال براءته من قبل أحدهم والإضرار به. ولكن مع تطوّر تقنية الانترنت وانفتاح العالم على بعضه البعض، أصبحت هذه النصيحة ضرورية داخل المنزل أيضا، ولبقية الفئات العمرية. فلم يعد يقتصر وجود الغرباء في الشارع، وإنما أصبحوا قادرين من خلال الإنترنت على التواجد داخل أي منزل واستهداف أي مستخدم من أية فئة عمرية، وبطرق متنوعة تستغل حاجاته واهتماماته المختلفة، مما يسبب له ضررا لا يمكن إصلاحه في معظم الأحيان.

فمع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك، انتشرت العديد من الحسابات الوهمية التي تطلب صداقة أحدهم لسرقة البيانات الشخصية له أو لأجل الابتزاز أو لانتحال شخصيته، وكانت معظمها تستهدف مستخدمي الفيسبوك من الأطفال والمراهقين ممن يسهل استجابتهم في مشاركة بياناتهم الخاصة ظنا منهم أن الطرف الآخر هو صديق حقيقي، أو من ذات الجنس ممن يمكن البوح له دون حرج!

ولا يقتصر الاحتيال في الفيسبوك عبر طلبات الصداقة، فقد أصبح هناك استغلال للإنسانية من خلال الصفحات والمجموعات الخاصة فيه لأمور غير مشروعة، مثل تلك القصة التي انتشرت حول قيام أحد الأشخاص بمساعدة أحدهم عبر صفحة خاصة للمغتربين في نقل أدوية إلى الدولة التي يعمل فيها، فكان أن تعرّض للاعتقال على الحدود بعد أن تبيّن أن الدواء نوع من المخدرات.

كما أصبح هناك استغلال سيء لرغبات الإنسان المختلفة من زواج وعمل وربح للجوائز وغيرها. فمثلا، تم استهداف بعض الباحثين عن عمل من أجل عمل علاقات غير مشروعة مع الجنس الآخر، إذ أفادت الكثير من الفتيات ممن شاركن في مجموعات البحث عن عمل في الفيسبوك عن تعرضهّن للتحرّش أو أنه تم جذبهن للعمل في أمور مشبوهة! وانتشر على تطبيق الواتس أب مجموعات مماثلة، تعرضت فيه الفتيات لمحاولة تحرّش من قبل الأعضاء الآخرين من خلال إرسال رسائل غير لائقة لهن وعلى حساباتهن الخاصة.

كما ظهرت مواقع متخصصة من أجل الزواج، ومعها انتشرت الكثير من قصص الاحتيال؛ أكثر ضحاياها من الفتيات، فكان كثير من الشباب ممن شاركوا في تلك المواقع لا يهدفون إلى الزواج وإنما للتسلية، ولمشاركة صور الفتيات وغيرها مع آخرين.

وهناك صفحات وحسابات متخصصة في الإعلان عن جوائز قيمة مقابل متابعتها، مثل ادعاء إحدى الصفحات التي تحمل اسم شخصية مشهورة في الفيسبوك عن مسابقة لربح سيارة فارهة، وأخرى على موقع تويتر لربح هاتف أيفون بشرط إعادة التغريدة ومتابعة إحدى الحسابات، ليتبيّن لاحقا أنها كاذبة، وأن الهدف كان لزيادة عدد المتابعين للصفحة ولأمور أخرى غير معروفة. وانتشر هذا النوع أيضا على تطبيق واتس أب، بحيث تصل رسالة فجأة من رقم مجهول إلى أحد الحسابات الخاصة تدعي فوز صاحب الحساب، وأن عليه الاتصال أو إرسال بياناته البنكية لاستلام الجائزة، وكثيرا ما كانت ترافقها صور الجائزة لإضفاء نوع من المصداقية الخادعة.

ولا تقتصر طرق الاحتيال على مواقع التواصل الاجتماعي والواتس أب، وإنما تنتشر عبر الرسائل الإلكترونية أيضا التي ترد إلى البريد الخاص للمستخدم، سواء كان على الهوتميل، الياهو، الجيميل، وغيرها. وتدعي تلك الرسائل بأن المرسل هو شخص منكوب من حرب أو حادثة ما، وتطالب المستخدم بالرد عليه فقط لترده التفاصيل في رسالة ثانية، وهنا الطامّة الكبرى، فقد يرسل له رسالة يدعي فيها بوجود رابط ما أو صورة، لتكون مجرد فيروس يخترق حساب المستخدم وجهازه لسرقة بياناته أو لتوريطه في أمور هو بغنى عنها.

وهناك رسائل أخرى يظهر العنوان البريدي لها وكأنه لشركة معروفة، مثل الياهوو أو أبل تطالب المستخدم باستحداث بيانات الدخول لحسابه بهدف سرقتها. وهناك رسائل تبدو أنها مرسلة من البنك الذي يتعامل معه المستخدم، تطالبه بتحديث عاجل لبياناته وإلا فسيتم إغلاق الحساب الخاص به، فتقوم الضحية بوضع بياناتها دون تردد على النموذج المرفق وإرساله، ليظهر أنها نموذج احتيال لسرقة حسابها.

ومن الرسائل الإلكترونية الكاذبة ما تفيد بفوز المستخدم بجائزة مالية كبيرة أو بسؤاله المساعدة على تحويل مبلغ مالي كبير مقابل نسبة ما، وكلها تهدف إلى الاستحواذ على بياناته البنكية من أجل سرقتها واستخدامها في الاحتيال على الآخرين.

إذن ما السبيل لتجنّب الوقوع ضحية للاحتيال؟

لتجنّب احتيال مواقع التواصل الاجتماعي، فالأمر بسيط، إذ على المستخدم حصر استخدامه لها في الترفيه والتواصل مع الأقارب والأصدقاء فقط، وفي التفاعل مع الصفحات الخاصة بالأعلام المشهورة التي تحوي على وسم التوثيق، وهو عبارة عن إشارة زرقاء تأتي مع اسم الشخصية أعلى صفحته، وعدم الاستجابة لأي منشور صادر من صفحة تحمل اسما دون توثيق، وخاصة إن كان إعلانا عن جائزة ما.أما الفتيات بشكل خاص، فيجب ألا تنشر إحداهن بياناتها الخاصة في أي صفحة أو مجموعة مختصة بالبحث عن عمل أو زواج، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها. فإن كانت تبحث عن عمل، عليها إرسال السيرة الذاتية الخاصة بها مباشرة إلى صاحب العمل، بعد التأكد من وجود مكان العمل على أرض الواقع من خلال وزارة العمل في بلدها أو من خلال سفارة البلد المتواجد فيه، كما يمكنها وضع بياناتها على مواقع معروفة للتوظيف، مثل موقع بيت ولينكد إن وغيرها، وتجنّب مواقع التواصل الاجتماعي. وإن أرادت الزواج، فيفضّل أن تلجأ إلى الطرق التقليدية على أرض الواقع، مثل المشاركة في مختلف الحفلات والمناسبات الاجتماعية، والإعلان عن رغبتها بالزواج للأقارب والأصدقاء.أما فيما يتعلّق بالرسائل الإلكترونية المشبوهة، فيستطيع المستخدم تحرّي البيانات الخاصة بها بالضغط على رابط تفاصيل الرسالة الواردة إليه، والتي من شأنها أن تظهر له بياناتها ومنها عنوان المرسل إليه، فإن كان فارغا، فهذا يعني أن الرسالة لم يتم إرسالها له بشكل خاص ومباشر، وإنما تم إرسالها بشكل عشوائي وإلى مستخدمين آخرين تم إخفائهم، كما في التدقيق لعنوان البريد الإلكتروني للمرسل من شأنه أن يظهر إن كان حقيقي أم مختلق.

كما عليه الحرص بعدم الضغط على أية روابط تأتيه مع الرسالة المجهولة، سواء كانت على شكل روابط مرفقة أو داخل نص الرسالة. وعادة تأتي هذه الروابط مع عناوين جذابة ومثيرة لتثير فضول المستخدم لمعرفتها، سواء كانت لها علاقة بالفن أو الرياضة أو السياسة وغيرها.

ومن الطرق الأخرى لاكتشاف الرسائل المزيفة، الطريقة المكتوبة بها؛ فإن كانت تحوي على أخطاء إملائية أو بيانات غير مكتملة، حينها تكون رسالة احتيال يجب إهمالها وعدم الاستجابة لها. كما للهجة المكتوبة بها إشارة إلى زيفها، مثل الاستعطاف أو الاستعجال في الاستجابة والرد.

بالنهاية، تبقى هناك ضرورة على نشر مختلف الحملات التوعوية حول استخدام الإنترنت بشكل عام، ومواقع التواصل الاجتماعي ومختلف التطبيقات الإلكترونية بشكل خاص، وأن تكون مختلف مؤسسات المجتمع الرائدة في ذلك، مثل المدارس والبنوك والوزارات الحكومية وغيرها. على أن تكون حملات دائمة لازدياد نسبة مستخدمي الإنترنت وتطبيقاته يوما بعد يوم.

بقلم- إشراق كمال عرفة