abdulrahim
abdulrahim
أعمدة

المغرب وكواليس حلم الاستضافة

20 يونيو 2018
20 يونيو 2018

د. عبدالرحيم الدروشي -

مضى أسبوع على قيام الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالتصويت لاختيار الدولة المستضيفة لكأس العالم 2026 بعد منافسة بين المغرب وملف ثلاثي مكون من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك، ليحصل الملف الثلاثي على حق استضافة المونديال متفوقا على الملف المغربي.

أثار الاختيار جدلا واسعا خصوصا على مستوى العالم العربي، وذلك بسبب توجه السعودية والإمارات والبحرين والكويت والأردن ولبنان والعراق للتصويت لمصلحة الملف الثلاثي. وبعيدا عن الانقسام، وتراشق الاتهام، هناك ثلاثة أمور أبعد عن سطحيات الموضوع وجب الوقوف عليها في هذا الحدث الكبير والتزام المغرب بالمنافسة للحصول عليه.

جاءت طريقة التصويت الجديدة في توقيت مهم بعد سلسلة من الفضائح وقضايا الفساد التي طالت كبار المسؤولين في الفيفا، الأمر الذي يعكس ما يقوم به البيت الكبير من إصلاحات لمحاربة جميع أشكال الفساد.

وما ميز الآلية الحالية للتصويت هي أحقية مشاركة جميع الاتحادات الأعضاء فيه، وذلك بعد أن كان أعضاء اللجنة التنفيذية هم من يملكون أحقية اختيار الدولة المضيفة، بيد أن الموضوع يتعدى ذلك بكثير لأن الطريقة ما زالت تفتقر إلى بعض نظم الحوكمة، وتفتقد وجود معايير واضحة أكثر دقة للتصويت، ولا يوجد ما يمنع وجود تدخلات أخرى كالرشاوى، وتدخل الخلافات السياسية في التأثير على نزاهة التصويت للدول الأكثر أحقية لاستضافة الحدث الأبرز في عالم الرياضة.

أما من الناحيتين السياسية والاقتصادية، فيبدو أن الآلية الحالية ما زالت تفرض هيمنة الدول الكبرى على مسار المنافسة، ففوز الملف الثلاثي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر نصرًا للغرب والدول المتقدمة نظريًا، الأمر يتعدى ذلك عمليًا حيث إن هناك أصواتًا تؤكد أن القوة التي تفرضها الولايات المتحدة تشكل ضغطًا على الفيفا ينعكس في صورة مخاوف من أي ضربات موجعة أخرى إلى الكيان، لا سيما وأن الولايات المتحدة قامت بالقبض على كافة المتورطين -وربما غير المتورطين أيضا- في قضايا فساد سابقة فور دخولهم أراضيها في قضية رآها البعض انتقامًا منها لعدم حصولها على حق استضافة مونديال سابق حتى وإن غلفها الإعلام بصورة الخطوات المثالية لانتصار القيم والمثل العليا في الرياضة، وجعلها فصلا من فصول مكافحة الفساد.

ويبدو أن ما يعدُ به الملف الثلاثي من عوائد اقتصادية كان عاملا مهمًا أسعد الفيفا كثيرًا، ويتضح ذلك جليا في تصريحات عدة تحدثت حول ما قد يقدمه المونديال الثلاثي من مردود مادي ليس فقط على الدول المضيفة (يقدر بقيمة أرباح تصل إلى 14 مليار دولار)، وأرباحٍ بقيمة 11 مليار دولار لخزينة الفيفا. الأمر الأخير هو الملف المغربي وتفاصيله، حيث إن المغرب من أكثر الدول في تاريخ كرة القدم تقديمًا لطلب الحصول على حق استضافة المونديال (خمس مرات)، وتعود محاولتها الأولى تاريخيا إلى عام 1994 حيث اصطدمت أيضا بملف الولايات المتحدة الأمريكية، أما المحاولة الأخيرة والتي كانت في 2010، فهناك ممن يجزم بأنها كانت أحق بكثير من جنوب إفريقيا باستضافة مونديال ذلك المونديال.

تمتلك المغرب الآن خبرة كبيرة في تفاصيل اشتراطات استضافة الحدث وتمتلك جودة متنامية على صعيدي الإمكانات المادية والبشرية، ولكن الواقعية أمر أساسي لحل الأزمة المغربية في تحقيق الحلم، طالما أبدى المغرب استعداده لخوض منافسة جديدة للحصول على حق استضافة كأس العالم 2030، فمثل ما لجأت أكثر من دولة مؤخرًا للحصول على حقوق استضافة أحداثٍ رياضية كبرى عدّة بملفات مشتركة تمثلت في نقاط قوة في كثير من الحالات، ألم يحن الوقت للدخول بملف ثلاثي مغاربي يضم المغرب والجزائر وتونس؟ هناك قراءات من الخبراء في المجال تشير إلى أن هذا الطرح -بوجود ملف مغاربي متكامل- سيشكّل عامل قوة، حيث تمتلك هذه الدول الثلاث عوامل مشتركة كثيرة، ومن الصعب ألا يلقى دعمًا إقليميًا ودوليًا لأسباب عدّة، أهمها النواحي الاجتماعية والاقتصادية التي ستنعش المنطقة المغاربية، وتطور أُطر التواصل بينها، كما أن ملفًّا بهذا الحجم سيكون منافسًا بشدة، وسيجلب حشدًا حول الدول الثلاث بصورة أقل تعقيدًا وأكثر واقعية، حينها وجب أيضا على هذه الدول توسيع رقعة الحلفاء لا سيما من دول آسيا وبعض الدول اللاتينية.