66558
66558
إشراقات

«جامع أبي الحسن البسيوي».. باكورة مذكرة التفاهم بين الأزهر والأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة

15 يونيو 2018
15 يونيو 2018

كتب عمانية في المكتبة المصرية -

القاهرة - العزب الطيب الطاهر -

كتاب «جامع أبي الحسن البسيوي» هو من تأليف العلامة المحقق أبي الحسن علي بن محمد بن علي البسيوي، وإعداد ومراجعة كل من خميس بن راشد العدوى والدكتور عبدالله النجار، وقد طبع طبعة جديدة منقحة في العام 2010، على نفقة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالسلطنة بالتعاون مع الأزهر الشريف، وهو من باكورة ما تم الاتفاق على طبعه وفق مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين قبل سنوات، بعد أن تم إقراره من من قبل مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، والكتاب موجود في مكتبة مشيخة الأزهر بمنطقة الدراسة شرق العاصمة المصرية –القاهرة– والتي تضم مئات الآلاف من الكتب الإسلامية قديما وحديثا، وقد صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب بمعرفة وزارة التراث القومي والثقافة بالسلطنة في عام 1984.

وطبقا للتقرير العلمي الذي أعده عن الكتاب الدكتور عبدالله مبروك النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، فإن الكتاب يقع في طبعته الأصلية في أربعة مجلدات، ويبلغ عدد صفحاته 1115 صفحة من الحجم العادي، وقد خصص المؤلف المجلد الأول لبيان موضوعات الفقه الأكبر،فتحدث بعد المقدمة عن المعرفة بالله تعالى، وبين معنى التشبيه ومعنى بعض أسماء الله تعالى ومعنى -سبحانه- واحد أحد، ومعنى الاستواء كما تحدث عن أسباب اختلاف الناس في صفات الله تعالى، وولاية الله لخلقه وولاية المؤمنين لله ومدلول اسم الكفر، ثم خصص بابا في خلق الأفعال وتكلم فيه عن معنى الحبر والاختيار وأفعال العباد والقضاء والقدر،وعن الاستطاعة والإيمان والإسلام والجهل وما لا يسع جهله عن الإسلام والشك وما لا يجوز الشك فيه، وأنواع من الشك والالتزام بتعريفات القرآن للأشياء والخلق، والمجلد الثاني يتضمن أربعة عناوين هي كتاب الصلاة وكتاب الزكاة وكتاب الصوم ثم كتاب الحج، في حين يشتمل المجلد الثالث على أربعة أبواب هي في النكاح وفي الطلاق وفي الفرائض وقسم المواريث ثم في الذبائح، بينما يشتمل المجلد الرابع على باب البيوع وباب الحدود وباب الجهاد ثم الباب الأخير: حكم ومواعظ وآداب.

وقد طبع المجلدان الأول والثاني في مجلد واحد أطلق عليه في الطبعة الجديدة (الثانية) التي بين أيدينا المجلد الأول والمقصود الجزء الأول وهو الأكبر حجما، في 723 صفحة بما فيها الفهرس، أما المجلدان الثالث والرابع فقد تضمنهما المجلد الثاني أو بالأحرى الجزء الثاني من الكتاب في 533 صفحة. ويقول الدكتور النجار في تقريره العلمي عن الكتاب: إن منهجه يقوم على طرح السؤال والإجابة عنه وفقا لما تقتضيه تلك الإجابة من وجوه الاستدلال،وإنزال وجوه الدلالة منها على واقعة السؤال، ولهذا كان تأليفه ينمي في المحتوى جهة الواقع العملي والتطبيقي، وقد أحسن المؤلف حين سماه بالجامع، فهي تسمية تكشف عن أمانته في العرض واحترامه لنفسه ولعقول قرائه من الفقهاء والباحثين وطلاب، وفيها ما يبرر عدم التعرض لكثير من موضوعات الأبواب الفقهية التي انطوى عليها كتابه، حيث جاء عرض المسائل وفقا للأسئلة المطروحة، وليس وفقا لما يقتضيه العرض الفقهي التقليدي.

ويتسم أسلوب مؤلف الكتاب في الإجابة عن الأسئلة المطروحة عليه -الكلام للدكتور النجار- باليسر والسلاسة التي تساعد على اتساع نطاق الاستفادة منه، كما جاءت إجابته مستندة إلى أدلة صحيحة من مصادر التشريع الإسلامي، وبناء على فهم صحيح لوجوه الدلالة منها والوصول إلى الحكم، وفقا لقواعد الترجيح التي سار عليها الأئمة السابقون والفقهاء الخبيرون بمسائل الموازنة والترجيح.

كما التزم المؤلف جادة الصواب فلم يتكلف رأيا، ولم يجعل مادة كتابه العلمية والفقهية أداة للترويج لما شاع من الأحكام الفقهية لبعض التيارات المذهبية،أو الفرق الدينية التي نحت الفقه منحى يتواءم مع ميولها الفكرية أوعقيدتها السياسية،فكان موضوعيا في عرضه وأمينا في نقله،فلم يرد ضمن المحتوى العلمي للكتاب ما يمثل خروجا على مبادئ الدين الإسلامي، أو ينافي الأحكام الشرعية المعلومة من هذا الدين بالضرورة ، ولهذا كان الكتاب في مجمله يمثل قيمة علمية وفقهية تفيد القراء والباحثين، تضيف لبنة طيبة في مدح المعرفة الصحيحة بدين الله سبحانه وتعالى،وأحكام شرعه الحنيف .ولكل هذه الأسباب، فإن الدكتور النجار رأى في نهاية تقريره العلمي عن الكتاب، الذي حرره في 19 أبريل من عام 2006، أنه لا يوجد مانع شرعي وعلمي يقدح في صلاحيته للنشر ومن ثم أوصى بصلاحيته للطبع.

أما مقدمة كتاب «جامع أبي الحسن البسيوي» والتي كتبها خميس بن راشد العدوى، فتبدأ بالإشارة إلى أن الأمة الإسلامية أمة فقه، محور فقهها كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وبسببهما تعلم المسلمون ولأجلهما ألفوا الكتب ودونوا الأسفار، وحضارة المسلمين -كغيرهم- مرت بأدوار تأريخية متباينة، واتفق المؤرخون على أن القرون الأربعة الأولى من صدر الإسلام، هي عصر التوهج والإبداع في مختلف الفنون حيث اشتغل بها العلماء حينذاك، وقد شارك العمانيون إخوانهم المسلمين في هذه الملحمة الحضارية، فكان منهم الفقهاء والأدباء والرواة والشعراء واللغويون وغيرهم، منهم الإمام جابر بن زيد الأزدي، والخليل بن أحمد الفراهيدي وابن دريد والربيع بن حبيب وعبد الله بن محمد بن بركة السيلمي ومحمد بن سعيد الكدمي، ويأتي العلامة أبو الحسن على بن محمد البسيوي أحد هؤلاء الأئمة الذين شاركوا في مسيرة الإبداع العلمي وكتابه الجامع شاهد على منزلته العلمية.

ووفقا لخميس، فإن أبو الحسن البسيوي هو أحد أقطاب العلم في القرن الرابع الهجري، وقد توفى رحمه الله في منتصف هذا القرن تقريبا، وهذا يعنى أنه شهد أوج الازدهار العلمي في عمان، حيث نضح التأليف في علمي الكلام وأصول الفقه، وكان هذا النضج ثمرة مدرستين فقهيتين متنافستين في العلم، أحداهما تميزت بالتأصيل ورد الفروع إلى الأصول وترجيح أحد الأقوال على غيرها،وكان عمدة هذه المدرسة الإمام أبا محمد عبدالله بن بركة البهلوي، وعرفت بالطائفة الرستاقية نسبة إلى مدينة الرستاق في عمان، أما المدرسة الثانية، فقد تميزت بتوسيع دائرة الرأي واستخراج الأقوال العديدة في المسألة الواحدة، وكان رأس هذه المدرسة الإمام أبا سعيد محمد بن سعيد الكدمي، وعرفت بالطائفة النزوانية نسبة إلى نزوى العاصمة العمانية في ذلك الوقت، وكان البهلوي والكدمي متعاصرين.