روضة الصائم

لقاء متجدد: معاملة النساء «1»

11 يونيو 2018
11 يونيو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

كم تفشى في الحياة الزوجية من عادات ذميمة ما أنزل الله بها من سلطان، ونصوص القرآن تأباها ولكن الهوى غلب على الناس فأعماهم عن هداية القرآن، وهداية السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، فرسخت فيهم عادات في العشرة الزوجية وفي الطلاق يبرأ منها الله ورسوله، فلا يخفى أن الحياة الزوجية شركة بين الزوجين لأن كلا منهما ربط مصيره بمصير الآخر، لاسيما المرأة التي أسلست للرجل قيادها وسلمت إليه زمامها، فهو المسؤول عنها، وعليه أن يقوم بحسن رعايتها، والحقوق بينهما مشتركة، فلكل منهما على الآخر مثل ما عليه له.

وإنما يتميز الرجل بدرجة القوامة وهذا ما نص الله عليه في قوله: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)، فهي شريكة للرجل تستحق منه ما يستحق منها، وليست القوامة التي اختص بها دونها إهانة لها أو وسيلة له إلى أن يستعبدها ويذلها، وإنما هي حكمة ربانية ناشئة عن علمه تعالى بفطرته وفطرتها، فالمرأة جياشة المشاعر، سريعة الانفعال، تطغى عليها العاطفة إن هاجت، فتتحكم في كلا جانبي دماغها، ولا تكون قادرة على التفكير، بخلاف الرجل، فإنه وإن هاجت عاطفته تشغل جانبا من دماغه ويبقى الجانب الآخر صالحا للتفكير، فلذلك جعلت القوامة بيده لأنه الربان الماهر القادر على توجيه سفينة العشرة الزوجية في الخط الملاحي السليم بين العواصف الهوجاء والأمواج المتلاطمة الناشئة عن العواطف الرعناء، فلو كانت القوامة بيدها وسُلِّمَتْ مقود السفينة لتحطمت بين هياج العواصف وتلاطم الأمواج قبل أن تقطع أي مسافة.

وهب أن الطلاق كان بيدها فإنها لا يؤمن أن تطلق الرجل لأي خلاف يعرض، وتعض بعد ذلك على البنان ندما، ولا ريب أن الرجل الذي اختصه الله بهذه الدرجة هو حريٌ بأن يرعى خصائص المرأة الفطرية، فلا يندفع إلى التفاعل مع عواطفها وعواطفه إن ألم بها طائف مما يكون بينهما من شقاق وخلاف، فعليه أن يتفادى الطلاق.

وقد بين الله سبحانه أن العشرة بين الزوجين يجب أن تكون عشرة وئام وود وحنان ورحمة، كما يدل عليه قوله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، لذلك كان على الرجل أن يعاشرها بالمعروف، كما أن عليه - إن اقتضى الأمر تسريحها لدواعٍ لا بد منها - أن يسرحها بالإحسان كما نص عليه قول الحق سبحانه، فإن أمسك فعليه أن يتفادى كل منكر في علاقته بها، وإن سرحها تجنب كل إساءة في تسريحها.