1359020
1359020
الاقتصادية

النظام الاقتصادي الإسلامي في محاضرة موسعة بولاية بهلا

09 يونيو 2018
09 يونيو 2018

بهلا- أحمد بن ثابت المحروقي -

أقيمت مساء أمس الأول محاضرة بمسجد أم القرى ببهلا حول النظام الاقتصادي في الإسلام قدمها الدكتور سالم بن علي اليحيائي أستاذ مساعد بكلية العلوم التطبيقية بعبري، وقد تناولت المحاضرة العديد من المحاور والجوانب المتعلقة بالاقتصاد الإسلامي، حيث بين المحاضر بداية عظمة الإسلام وشموليته لكل ما يحتاج إليه الإنسان في حياته، وصلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان قال تعالى: ((مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ» (الأنعام 38)، وأوضح أن مما تتميز به الشريعة الإسلامية وجود أنظمة لجميع مجالات الحياة ومن أهمها النظام الاقتصادي، حيث وضح المحاضر أهمية هذا النظام بشموليته وعدالته، وهو يأتي وسطا بين نظامين: الرأسمالي والاشتراكي (الماركسي)، فالرأسمالي يمجد ويركز على الملكية الفردية، ووفقًا لتقرير الثروة العالمية لعام 2011م فإن أغنياء العالم بنسبتهم التي لا تتعدى الـ(1%) يمتلكون ما يقرب من نصف ثروات العالم، بينما يمتلك نحو نصف سكان العالم حوالي (1%) فقط من الثروة، والنظام الاشتراكي يركز على الملكية الجماعية، ويحارب الملكية الفردية التي يرى أنها سبب الظلم والبؤس الذي تعاني منه البشرية، وهذا النظام فشل فشلا ذريعا وقد انتهى، وأما النظام الرأسمالي فهو النظام العالمي الذي تقوم عليه اقتصاديات العالم في الوقت الحاضر، ويتضمن الكثير من السلبيات من أهمها التعامل بالربا الذي يحرمه الإسلام، وندد بالذين يتعاملون به في كثير من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ)) سورة البقرة: 278- 279، ويعد هذا النظام نظاما فاشلا؛ لما يسببه بين الحين والآخر من أزمات اقتصادية في العالم آخرها أزمة عام 2008م، وقد أدرك الغرب وعلى رأسهم القادة والبرلمانيون والمشرعون والحكماء ضرورة استبدال هذا النظام بنظام جديد أكثر عدالة واستقرارا.

وبين المحاضر المميزات التي يتميز بها النظام الاقتصادي الإسلامي، حيث إنه يكون قادرا على حل مشاكل التي يعاني منها النظام الاقتصادي العالمي وتوجيهه التوجيه الصحيح، وبالتالي يضمن سلامته من الإخفاق والأزمات الاقتصادية. ولهذا سعت بعض الدول الغربية لتطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي؛ لأنه يحقق الربح، ويتلافى مفاسد النظام الربوي الذي هو سبب الخراب والخسران، وتم تأسيس أول بنك إسلامي في الغرب عام 1987م، وهو المصرف الدولي في الدانمرك، ثم انتشرت هذه البنوك في كثير من الدول، فالنظام الإسلامي يسعى إلى تحقيق أهداف اجتماعية وأهداف استثمارية ومالية مباشرة وتنمية المجتمع الإسلامي. (الاستثمار المباشر،الاستثمار بالمشاركة) وهذا النظام يمثله الآن البنوك والمصارف الإسلامية التي مرت بفترات مختلفة على نشأتها ومن أهم هذه المراحل: المرحلة التمهيدية التي تمتد من 1950م إلى 1970م، ومن ثم بعد هذه المرحلة استطاعت هذه البنوك أن تؤسس لها قاعدة قوية، وبالتالي نافست الرأسمالية، وحجزت لها مكانا في النظام العالمي. ومما يضمن صلاحية هذا النظام وتوافقه مع الشريعة الإسلامية وجود هيئة الرقابة الشرعية، تعمل هذه الهيئة المكونة من ذوي الاختصاص في العلوم الشرعية وفقهاء القانون المقارن، مع الإلمام بالقضايا الاقتصادية المعاصرة على مراقبة نشاط البنك والتأكد من شرعية معاملاته. وأكد اليحيائي في معرض محاضرته أن البنوك والمصارف الإسلامية تعتمد على المعاملات المباحة من البيع والشراء والمضاربة والشركة والمرابحة وغير ذلك من صور الاستثمار المشروع للمال، ومن إحدى طرق استثماره أن يؤخذ المال من العميل ليضارب به في تجارة مشروعة أو إقامة مشروع سكني ونحوه، على أن يعطي للعميل نسبة من الأرباح، وللبنك كعامل مضاربة له نسبة أيضا، فالفرق بين البنك التجاري والبنك الإسلامي في هذا المثال، هو الفرق بين القرض الربوي المحرم، والمضاربة المشروعة التي يكون ربحها حلالا.

ثم عرض المحاضر مقارنة بين البنوك الإسلامية والبنوك التجارية من حيث: (الهدف، ووسائل التمويل، وصفة العميل، ومصادر الأموال، والأنشطة الاستثمارية، والتكافل الاجتماعي وتحمل الخسائر (عنصر المخاطرة)، وهي سبب ارتفاع أرباح البنوك الإسلامية التي يتحجج بها من يدافع عن البنوك التجارية متناسين الحرمة في التعامل مع البنوك التجارية.

وأشار في نهاية محاضرته إلى أن أهداف البنوك الإسلامية هي تحقيق الربح والنمو في الاقتصاد كما في البنوك التقليدية، ولكن الطريقة والتعامل يختلف في كلا النظامين، فالبنوك الإسلامية تعمل على توفير الأموال اللازمة لأصحاب الأعمال بالطرق المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية بغرض دعم المشروعات الاقتصادية النافعة، وتشجيع الاستثمار وعدم اكتناز المال من خلال إيجاد فرص وصيغ عديدة للاستثمار تتناسب مع الأفراد والشركات، وتشجيع التكافل الاجتماعي، فمن خلال هذه الطريقة تتحقق العدالة للجميع مع استمرارية هذا النظام.