روضة الصائم

الشعر العماني : يا رسول الله كن لي شافعا... يـوم لا ينـفع مـال وولـد

30 مايو 2018
30 مايو 2018

وممن قال الشعر في المدائح النبوية من عمان، شاعر الدولة النبهانية موسى بن حسين بن شوال الحسيني الكيذاوي. لُقّب بالكيذاوي تشبيها لشعره برائحة نبات الكيذا؛ لجمال شعره وجزالة معجمه اللغوي. يقول عنه صاحب الشقائق: «وممن قال الشعر في عُمان في القرن العاشر من الهجرة موسى بن حسين بن شوال الحسيني المعروف بالكيذاوي، وقد جرى عليه هذا الوصف مجرى اللقب فصار وساما له، أي نيشانا يتميز به عن غيره من الشعراء لأنه لما تفوق شعره واشتهر ذكره، وانتشر صيته في البلاد صار كرائحة هذه الشجرة المنتشرة رائحته، فشعره محبوب مرغوب فيه لرقته وعذوبته، يهواه جميع القراء فيتلذذون به في ألسنتهم...»

ولد الكيذاوي في بلدة محليا من وادي عندام بولاية المضيبي، ورحل إلى إزكي طلبا للعلم، ثم انتقل إلى بهلا ليواصل تعليمه. كما يُروى أن أباه كان فقيها وعالما من علماء القرن العاشر الهجري، وله أجوبة ومسائل منظومة.

والقصيدة التي نحن في صدد عرضها اليوم، تتوسل معانيها بمديح صفات خير البشر، وتستقي ماءها من صفات النبي الأكرم، وفيها يقول:

لائِمِي فِي الحُبِّ مَهْلاً فَلَـقَدْ

هِجْتَ بِاللَّـوْمِ غَرامِي وَالفَـنَدْ

هِجْتَ شَوْقاً لِفَـتىً ذَكَّرْتَـهُ

مِنْ عُهُودِ الحُبِّ ما كانَ عَـهِدْ

لا تَرَجَّ الصَّبْرَ مِنْهُ واعْلَمَنْ

إنَّمـا الصَّبْـرُ تَقَـضَّى وَنَـفَدْ

مُذْ تَوَلَّتْ زَيْنَبٌ ما طَعِمَ الـ

ـنَّوْمَ جَفْنِي لا وَلا كـانَ هَـجَدْ

كَمْ بِها قَلْبِي شَقِي فِي هَجْرِها

وَلَكَمْ فِي وَصْلِهـا كانَ سَعِدْ

أَنا بِالـرُّوحِ عَلَيْهـا جائِـدٌ

وَهيَ لِي بِالوَصْلِ مِنْها لَمْ تَجُدْ

عَجَباً بَـلْ عَجَـباً مَقْتُولُهـا

ما لَهُ أَرْشٌ عَلَيْها وَقَوَدْ

أَوْقَدَتْ بِالهَجْرِ لِي جَمْرَ جَوَى

شَـبَّ ما بَيْنَ ضُلُوعِي وَاتَّقَدْ

وَتَصَـدَّتْ بِصُـدُودٍ كَـوْنُـهُ

قَـدْ أَذابَ القَلْبَ مِنِّي وَالكَبِدْ

وَنَأَتْ مِنْ بَعْدِ قُرْبٍ وَانْقَضَتْ

لِنَـواها مُـدَّةٌ بَعْـدَ مُـدَدْ

ما تَثَنَّتْ فِي الخُطَى إِلاَّ غَـدا

لِتَـثَـنِّي قَـدِّها قَلْبِي قِـدَدْ

أَيُّها المُخْبِرُ عَنْ أَهْـلِ الْلِّوَى

كَـرِّرْ الإِخْبَارَ عَنْهُـمْ وَأَعِدْ

هَلْ رَأَيْتَ الحَيَّ سارُوا جُمْلَةً

أَمْ هُـمُ سارُوا شَعاعـاً وَبَدَدْ

وَرُسُومُ الرَّبْعِ هَلْ أَبْصَرْتَها

دارِساتٍ بالِـيـاتٍ أَمْ جُـدُدْ

كَيْفَ ذاكَ النُّؤْيُ وَالعَرْصَةُ بَلْ

كَيْفَ ذاكَ المُصْطَلَى وَالمُنْتَضَدْ

وَغُرابُ البَيْنِ هَلْ أَبْصَرْتَهُ

ناعِباً بَيْـنَ الأَثافِي وَالـوَتَدْ

رَحَـلَ الحَيُّ وَكانُوا رُوحَهُ

فَبَقِي مِـنْ غَيْرِ رُوحٍ كالجَسَدْ

هَكَذا صَرْفُ اللَّيالِي حُكْمُها

تَتْرُكُ المَوْجُـودَ مِنْها مُفْتَقَدْ

وَأَمُونِ السَّيْرِ أَضْحَى مَرْكَبِي

فِي المَسِيرِ المَتْنُ مِنْها وَالكَتَدْ

جَسْرَةٌ قَدْ أَثَّرَتْ فِي بَطْنِها

وَالقَرا الأَنْساعُ مِنْها وَالقَـتَدْ

كَمْ بِها قَدْ جُبْتُ مِنْ أَوْدِيَـةٍ

وَقِفارٍ مُوْحِشاتٍ وَجُـدَدْ

قاصِداً نَحْوَ النَّبِيِّ المُصْطَفَى

خَيْـرِ مأْمُولٍ وَأَزْكَى مُقْتَصَدْ

لَمْ أَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ الخَلْقِ سِوَى

أَحْمَدَ المُخْتارِ مُخْتـاراً أَحَـدْ

هاشِمِيٌّ خُصَّ بِالوَحْيِ

فَأَخْــلَصَ مـا فِي قَـلْبِهِ كانَ اعْتَقَدْ

وَأَقامَ العَدْلَ وَالإِنْصافَ فِي

كُـلِّ إِقْلِيـمٍ وَفِـي كُـلِّ بَلَدْ

وَبِهِ قَدْ حَصْحَصَ الحَقُّ وَقَدْ

نَـسَخَ الإِصْلاحُ مِنْهُ ما فَسَدْ

وَتَراهُ خاضِعاً وَهوَ لَهُ

رُتْبَةٌ تَعْلُو عَلَى بُـرْجِ الأَسَدْ

أَنْقَذَ النَّاسَ مِنَ الجَهْلِ إِلَى

الاسْتِقاماتِ وَمِنْهاجِ الـرَّشَدْ

وَقَناةُ الدِّينِ قَدْ ثَقَّفَها

فِـيهِمُ بَعْـدَ اعْوِجاجٍ لِلرَّشَدْ

وَهوَ فِي آياتِهِ مُغْتَرِبٌ

وَبِهـا أَضْحَى وَحِيداً مُنْفَرِدْ

كَمْ مِـنَ الآياتِ وَالفَضْلِ بِهِ

قَـدْ حَباهُ الـوَاحِدُ الفَرْدُ الصَّمَدْ

كَلَّمَـتْهُ ظَبْيَــــةُ الصَّائِدِ

وَهــيَ مَـعَ الصَّـائِدِ مُـرْسـاةٌ بِيَدْ

وَبَعِيـرُ القَـوْمِ قَـدْ كَلَّمَهُ

شـاكِيَ الضُّـرَ إِلَيْـهِ وَالنَّكَـدْ

المصدر:

-ديوان الكيذاوي، موسى بن حسين بن شوال الحسيني، تحقيق سلطان بن سيف بن محمد المقبالي. 2013.

-شقائق النعمان على سموط الجمان في أسماء شعراء عمان، محمد راشد الخصيبي، ج1، 2006.