1347814
1347814
روضة الصائم

الإنشاد فن يستهوي الشباب 13 - محمد الشامسي: الدعم الحقيقي لا يستثني أشخاصا معينين وإنما يحقق العدالة والمساواة

28 مايو 2018
28 مايو 2018

أجرى الحوار: أحمد بن علي الذهلي -

المنشد محمد بن خميس الشامسي، بدأ في تقديم فن الإنشاد الديني منذ عام 1992 حيث لعبت الصدفة دورها في مسيرته، وكان ضمن حضور حفل تكريم بعض حفظة القران الكريم، فاقترح عليه أحد زملائه بتنويع الفقرات، فقدم محمد نشيد «نناديكم وقد كثر النحيب» حيث كانت هذه الأنشودة رائدة في تلك الفترة بسبب الحرب على البوسنة،ومن ذلك الوقت يشق الشامسي طريقه في مجال الإنشاد متخذا منه مسلكا ليصل إلى جمهوره،معتمدا على خامته الصوتية، والمبادئ والرسائل التي يسمو بها الإنشاد، وأيضا تعظيم الأجر المرتبط به، أضف إلى ذلك كونه إحدى الأدوات التي تقدم خدمات جليلة للمجتمع،وتعلم المستمع، الكلمة الهادفة المعبرة، فتقرب قلبه من ربه باستماعه للمناجاة الروحانية،ويزيد حبه لنبيه الكريم، من خلال المدائح المحمدية. ملحق (روضة الصائم) حرص على الالتقاء بمحمد الشامسي في حوار صحفي يكشف فيها جانبا مهما في حياة المنشد، والدعوات التي يوجهها للمجتمع الذي يرتبط به، في البداية سألته عن الرسالة التي يهدف الإنشاد الديني إلى ترسيخها بين فئات المجتمع فأجاب قائلا: يهدف الإنشاد الديني لغرس القيم النبيلة لدى المجتمع حيث انه كما قيل:-

ويَنشأُ ناشئ الفتيانِ، مِنّا

على ما كانَ عَوّدَهُ أبُوه

وما دانَ الفتى بحِجًا، ولكنْ

يُعَلّمُهُ التّدَيّنَ أقرَبُوه

الانشاد يلامس الاحساس

وأضاف: يأتي الإنشاد فيوجه النشء للأخلاق السامية،وللكلمة الطيبة الهادفة،وبذلك يبعده عن سيئ الكلام وبذيئه،كما انه يزيد من شعور المواطن لوطنه،فكثير هم من أنشد في حب الوطن لأنه من صميم ديننا الحنيف ،كما قال الله تعالى (وأطيعو الله ورسوله وأولي الأمر منكم).

وعن الإضافات التي أحدثها فن الإنشاد سواء في حياته الخاصة او بشكل عام أجاب قائلا: لقد أضاف لي الانشاد الشيء الكثي، فأولا: عرفني الفرق بين الكلام الراقي من الكلام البذيء، وثانيا: ألهمني اكثر حب الوطن حيث اننا عندما ننشد للوطن نحس بالكلمات،فيكون الحب مستمرا كلما أنشدنا زاد حبنا لوطننا، اما ثالثا: عرفني على حقيقة واقعية وهي أن ما يميز الإنشاد بمختلف توجهاته انه دائما يلامس إحساس وشخصية المنشد، فيعطيه الكثير من الشعور بمن حوله، لذا فان المنشد يكون بصحبة من هم رفيعو الخلق والأخلاق فتتأثر بأخلاقهم، وأخيرا عرفني الإنشاد بمنشدين على مستوى السلطنة فصار لي في كل ولاية، ومنطقة من عمان،اخا لي اعرفه عن قرب، فنتبادل الاحترام والتقدير وهذا ربما يكون الجانب الانساني.

وعن المقومات الأساسية التي يجب أن تتوفر في المنشد الجيد حتى يستطيع الوصول إلى الجمهور بسهولة قال: الأخلاق هي السمة المتميزة لأنه سيكون قدوة لمتابعيه، وبالتالي يحدد مبادئه التي يتبعها ولا ينحرف للفتن والشقاق ويذهب على ما تربينا عليه في هذا البلد الجميل، فهو يعمل على اختيار الكلمات المناسبة للفئة التي سيقدم لها نفسه سواء شباب او كبار السن او صغار السن او عامة المجتمع.

البحث عن دعم لمدة عامين!

وعن أبرز التحديات التي يواجهها فن الإنشاد والمنشد معا في الوقت الراهن قال: أعتقد أن اكبر التحديات هي عدم وجود الدعم للمنشدين وخاصة الذين ليسوا في العاصمة مسقط..فنلاحظ أن بعد المكان له دور، فكلما كانت المسافة بعيدة عن مسقط، تجد أن الفرص ضئيلة لدعم أعمالك، مثلا نحن في منطقة شمال الباطنة، لا تجد الدعم أبدا رغم الجهود المبذولة، وأنا أتكلم من واقع تجربة حيث قدمنا للمجتمع إصدارين ناجحين «روائع هلالية» وهو إصدار يتكلم عن الأخلاق والقيم الإسلامية و«الله.الوطن.السلطان» وهو إصدار وطني، وقمنا بعملية البحث عن دعم لمدة عامين،ولكن لا حياة لمن تنادي، فدفعنا من جيوبنا، ونحن نؤمن أن الوطن يستحق منا اكثر من ذلك،الأمر الآخر عندما يقام أي حفل لا يتم تقدير المنشد بالشكل الذي ينبغي له، وبالمقابل لو قدم اي مغن لفقرة سيتم مكافأته ماليا ومعنويا،اما عند تكريم المنشد يكون فقط شهادة تقدير،او زجاجة عطر فيرون انهم أعطوه حقه.

سألت الشامسي: لماذا فن الغناء أكثر انتشارا وأيضا أيسر الطرق للوصول إلى الجمهور من وجهة نظرك فأجاب قائلا: بكل بساطة النفس تذهب لما جبلت عليه، أي على حب ما نشأت عليه..فمثلا إذا نشأت على حب القرآن ستحب القرآن..وإذا نشأت على حب الإنشاد ستحب الإنشاد...وإذا نشأت على حب الأغاني ستحب الأغاني...،صحيح أن الأغاني منتشره منذ القدم،ولكن الإنشاد أظهر قوته فالفترة الأخيرة،وها نحن نرى حفلات يصل حضورها للآلاف وأخرى إلى المئات خاصة في بعض محافظات السلطنة وهذا يرجع إلى مستوى الوعي لدى فئات المجتمع بأهمية الإنشاد ودوره في حياتهم.

اختيار الوسيلة الأقرب

وعن كيفية تشجيع المنشد الصغير على دخول فن الإنشاد قال الشامسي: تشجعه على الاستماع للأناشيد الهادفة ثم ترى موهبته وتوجهها وإذا أردت الاستعانة بالمختصين فسيكون أجمل و افضل..

حيث إن الإنشاد في السلطنة اصبح اليوم له الكثير من المتابعين والمحبين وأيضا المدربين وهناك فرق إنشادية،وبالتالي الأمر متروك لرب الأسرة في اختيار الوسيله الأقرب والأيسر له.

وعن الاحتياجات التي تراها مناسبة لظهور الإنشاد بصورة افضل قال: قد تكون الأمور مناطة بوزارة التراث والثقافة في دعم الفرق الإنشادية، وهذا الدعم لا يكون مركزا على جانب واحد أو على أشخاص معينين فقط أو فرق معينه، وإنما هناك ميزان دقيق يحقق العدالة بين الجميع، أيضا نطالب الإعلام بإبراز وتتبع المواهب والوقوف إلى جانبها، وبذلك سيساهم ما سبق من احتياجات في نشر الفضيلة في المجتمع وتقوية أخلاقه والأجيال القادمة.

وحول اعتذار بعض المنشدين عن المشاركة في بعض الفعاليات الصغيرة قال: أتوقع اعتذار المنشد سيكون لأحد الأسباب وأبرزها عدم وجود الدعم المناسب له، حيث إن كل حفل تقسم فيه جميع الفقرات، إلا فقرة الإنشاد فعادة يتم تجاهلها، ولا يتم إعطاء المنشد حقه لا في المشاركة وأيضا التكريم...

أيضا من الأسباب الأخرى البعد المكاني وارتباط المنشد بفرقته التي ينتمي إليها فهناك التزام أدبي لا يمكن تجاهله.

أجمل الأنشطة الثقافية

ورد على سؤال هل العائد المادي والشهرة هي سبب مقنع في تغير بعض المنشدين لرسالتهم ومبادئهم بسهولة أجاب المنشد محمد بن خميس الشامسي قائلا: جواب هذا السؤال سيكون مختلفا على حسب شخصية المنشد الذي غير مبادئه.

من وجهة نظري الإنشاد من اروع واجمل الأنشطة الثقافية،ولكن لا يخلو من الخطورة وعلى سبيل المثال: شخص لم يكن معروفا أبدا،ثم بعد حفلين أو 3 لاقى عبارات المديح، هنا تتغير النفس فيجب التوجيه، وإذا وجد من ينقله للشهرة فيتغير المبدأ كليا وهنا تكمن الخطورة انه خلال فترة قصيرة،تغير من شخص لا يعرفه احد لشخص مشهور، وهذا منتهى الإغراء..وكم شاهدنا من شبابنا من تغير مبدأه لهذه الأسباب.

بادرت المنشد الشامسي بسؤال آخر: هل ترى أن هناك نوعا من القصور في الفهم لدى بعض شرائح المجتمع عن دور الإنشاد في حياة الناس فأجاب قائلا: نعم..نعم.. وأحسنت بقول «بعض» حيث انه يوجد في المجتمع من يرى أن الإنشاد مجرد عبث، أما البعض فيعطيه حقه ويعمل حفلات إنشادية خاصه،واجمل ما في الإنشاد انه يدخل في أمور مجتمعيه ووطنيه، مثلا الأعياد الوطنية والأعراس،الحفلات الخاصة بالأعياد وفي العديد من المناسبات ،مما يستوجب على الناس أن يعطوا الإنشاد حقه في التقدير.

الإنشاد بطريقتين

وحول تفضيله للعمل في مجال الإنشاد منفردا أم بالظهور مع فرقة إنشادية قال: شخصيا..

أحب الإنشاد بالطريقتين،الإنشاد المنفرد جميل ويظهر قوتك وظهورك على المسرح،وهكذا بدأت الإنشاد ،ولكن الإنشاد مع فرقة وخاصة وجودي في فرقة قوية جدا في الإنشاد الحي المباشر وهي « فرقة الهلال الإنشادية» يجعل للإنشاد جمالا وروعة وألقا يعطيك شعورا لا يوصف على خشبة المسرح،وباعتقادي لو أظهر المنشد افضل ما عنده،لن يصل لا فضل ما عنده بدون فرقه إنشادية حيث يتم التدريب دائما والاستمتاع ودعم بعضنا البعض ويحصل التوجيه والتعلم.

هل تغيرت مواضيع الإنشاد ما بين الماضي والحاضر واهم النقاط التي يركز عليها في كلا الجيلين ؟ نعم تغيرت كثيرا،فالماضي كانت معظم الأناشيد جهادية أو شبابية،أما اليوم فالأناشيد تقدم في معظم مجالات الحياة حتى تصل انه عندما يرزقك الله بمولود تعمل له نشيدا،وقبل ذلك في العرس تقدم نشيدا..

فالمناسبات الوطنية، وفي عيد الأم وفي مجالات التربية والعديد من المجالات.

هل نعاني من نقص في الكلمة الشعرية المؤثرة في الوقت الحالي أم أنها موجودة وتحتاج إلى إمكانيات مالية للحصول عليها ؟ قال يعتمد موضوع الكلمات على مبادئ المنشد أو الفرقة..

نحن في فرقة الهلال نهتم كثيرا جدا بموضوع الكلمات لأن النشيد ينبغي أن يكون رائعا في...

الكلمات..اللحن..الإلقاء...ولكن للأسف تجد من يهتم باللحن ولا يهتم بالكلمات مما يعطي هبوطا في المستوى العام....والكلمات متوفرة ولله الحمد فالشعراء يعطون عطاء الكريم في هذا المجال جزاهم الله خيرا.

اهتمام سام بالمنشدين

كثرة برامج المسابقات للإنشاد الديني من وجهة نظركم ماهي الجوانب الإيجابية التي تقدمها تلك المسابقات؟ كثرتها تعطي كثرة في الخير، فكلما عملت مسابقة زاد عدد المنشدين، وزاد عدد أفراد المجتمع الذين يتجهون للكلم الطيب وحب الله وحب الوطن،أيضا تزيد من المستويات الفنية لدى المنشدين ولذلك جاء الاهتمام السامي من لدن مولانا حضرة صاحب الجلاله-حفظه الله ورعاه- بتنوع المسابقات في مجال الإنشاد مثل مسابقة الإنشاد الطلابي الوطني وأيضا مسابقة الأندية.ومن وجهة نظرك: ما هي المنطلقات التي يركز عليها الشعراء أو الملحنون في تقديمهم للأعمال التي تخص الإنشاد الديني ؟ اعتقد ان الشعراء تنبع قلوبهم حبا لوطنهم فيرسمون كتابة في أوراقهم يأخذها المنشد فينثرها في ربوع بلاده عشقا وهياما ويكتبون ويرصعون كلمات ابتهاليه ومدائح محمدية فينغمها المنشد نغما عذبا يطير بأرواح مستمعيه إلى أسمى الأماكن،أما الملحنين ،فتأخذهم الكلمات إلى بحر جميل من المشاعر فيعشقون ويحبون ،فيلحنون للمستمع اجمل الألحان حيث يقوم المنشد بأدائها تواضعا.

دعم الإنشاد بشكل مناسب

هل نستطيع القول أن الإنشاد الديني حقق جميع أهدافه التي يسعى إليها ؟ من الصعوبة بمكان أن نقول انه حقق كل أهدافه، ولكن نقول انه طور وحقق الكثير منها ونتمنى أن يحقق المزيد.

ما هي أوجه الدعم التي تراها مناسبة حتى يستطيع الإنشاد النهوض والانطلاقة بشكل افضل ؟ دعم الإنشاد من ابسط الأمور حيث إن النشيد لا يكلف تكلفة الأغنية، فالأغنية يدفع فيها للعازفين والإيقاعيين والموزعين و و...أما الإنشاد فأقل تكلفة من الأغاني فيمكن للشركات دعمه ،أيضا نتمنى في عمل أو حفل أن يتم استضافة المنشدين وإعطائهم حقوقهم .في الأخير، ماهي النصحية التي تتوجه بها إلى كل من يمتلك الإمكانيات التي تؤهله ليكون منشدا في المستقبل ؟ انصحه أن لا يبخل على نفسه ومجتمعه ،وان يشارك ويلتحق فالمسابقات وان يجعل أهله فخورين به وان يجعل مجتمعه فرحا به والمواهب نعم وهدايا من الله يجب تقديرها واستخدامها وان يستخدم ما يتعلمه ايضا في ترتيل القرآن الكريم.