روضة الصائم

الحوسني: العمل التطوعي جهد يقوم به الإنسان من غير مقابل بدافع الإسهام في تحمل المسؤولية

26 مايو 2018
26 مايو 2018

العمل التطوعي والجمعيات الخيرية ودورها في إثراء المجتمع «1ـ2»

أجرى الحوار- أحمد بن سعيد الجرداني:-

العمل التطوعي هو أمر مغروس في قلوب البشر مما فطر الله به الناس أن يقوم الواحد منهم بمساعدة الآخر عندما يحتاج إلى مساعدة؛ فلذلك جاءت تعليم الإسلام بحث الناس على ضرورة أن يعين أحدهم الآخر في تحمل الكثير من أعباء الحياة التي لا يستطيع أن يتحمله بنفسه.

وحول هذا الموضوع كان لنا هذا الحوار السريع مع الدكتور صالح بن سعيد الحوسني مدير دائرة شؤون حملات الحج.

العمل التطوعي هو أمر مغروس في قلوب البشر:

ـ ماذا نعني بالعمل التطوعي؟ وكيف يجعل الإنسان إسهاماته عملا تطوعيا؟

العمل التطوعي في مفهومه العام هو الجهد الذي يقوم به الإنسان من غير مقابل لمجتمعه بدافع الإسهام في تحمل شيء من المسؤولية الملقاة على عاتقه ليتقرب بها إلى الله سبحانه وتعالي، والعمل التطوعي هو أمر مغروس في قلوب البشر مما فطر الله به الناس أن يقوم الواحد منهم بمساعدة الآخر عندما يحتاج إلى مساعدة؛ فلذلك جاءت تعاليم الإسلام بحث الناس على ضرورة أن يعين أحدهم الآخر في تحمل الكثير من أعباء الحياة التي لا يستطيع أن يتحملها بنفسه.

وعندما يقوم الإنسان بأي جهدٍ يقدمه لهذا المجتمع فإن هذا الجهد إما أن يكون بماله أو بنفسه أو بوقته أو باستشارة أو بتعليم أو بتوجيه أو بإرشاد، من غير أن يكون هناك عائد مادي ينتظره الإنسان، فهذا مما يدخل في العمل التطوعي.

ضرورة أن يعين الواحد الآخر

حدثنا عن ثقافة العمل التطوعي وكيف نستطيع أن نرسخها في قلوب الناس؟

العمل التطوعي في بلادنا الإسلامية له دور كبير في الحياة الإنسانية بشكل عام، حيث يحث أتباعه على التعاون والتآزر وضرورة أن يعين الواحد الآخر يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عليه كربة من كرب يوم القيامة). ويقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).

ومع كل ذلك فإن العمل التطوعي فعلا يحتاج إلى تعزيز؛ ويحتاج إلى أن توجه إليه الأنظار ويحتاج إلى شيء من الحث؛ لأن الدول الأخرى قد تقدمت كثيراً في مجال، وهو العمل التطوعي.

الجدير بالذكر أنه في بعض الإحصائيات التي ربما تكون غير دقيقة وجد في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من مليون ونصف مؤسسة خيرة غير ربحية، ويبلغ عدد الذين يعملون فيها 93 مليون شخص أي ما يقارب 30% من السكان، وهؤلاء يقدمون ما يزيد على عشرين مليار ساعة عمل سنويا، وهناك مليارات من الأموال تضخ في الجمعيات الخيرية.

بينما في دول أخرى أقل منها في عدد السكان نجد النسب عالية ومرتفعة؛ فلذلك نحتاج نحن أن نعزز هذه الثقافة وأن ندفع الناس في هذا الأمر؛ لمساعدة الآخرين، ولتكون هذه ثقافة موجودة في نفوس الكبار والصغار نساء كانوا أو رجالاً، وذكر القيم التي يعيش عليها المجتمع. هذا أولا، والأمر الثاني أنه يجب تذكيرهم بهذه التوجيهات الربانية المتمثلة في كتاب الله تعالى، وفي هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبالاعتماد على الموروث الحضاري لمنظومة التعاون والتآزر والتشارك التي يقوم عليها المجتمع.

العمل التطوعي يكسب الإنسان المهارات

العمل التطوعي هو سلوك حميد في قلب الإنسان. هل لكم أن تحدثونا عن أهمية العمل التطوعي؟

العمل التطوعي هو سلوك حميد في قلب الإنسان، وهو يتماشى مع القيم والتوجيهات فقد أوصانا ديننا الحنيف بمساعدة الآخرين بإماطة الأذى عن الطريق، وعد ذلك من الصدقات وإغاثة الملهوف والرفق بالحيوان وعدم التعدي على البيئة ونحو ذلك. وهذا ما جاء به الإسلام.

المتطوع نفسه عندما ينخرط في العمل التطوعي يستفيد من ذلك استغلالاً للوقت، واختلاطه مع الناس فيتعرف على أحوالهم ويزداد رقة ورحمة وشعورا بمعاناة أولئك الضعفاء ويزداد صبرا ويزداد كثيرا من المهارات منها الإدارة والثقة، وبذلك يتعلم الانضباط في المواعيد ويتعلم تقديم الإحسان وتعلم الإتقان في العمل، ونحو ذلك من الأمور الهامة التي تعود على المتطوع نفسه وعلى المجتمع بالنفع والفائدة.

أما فيما يخص المجتمع والجمعيات الخيرية فتفيد في رفع مستوى الخدمات التي تقدم للناس فهي إعانة للجهات الرسمية.

ولا يمكن بأي حال أن تقوم هذه الجهات الرسمية بتوفير كل هذا الخدمات للإنسان؛ إذ لا بد أن يكون هناك نقصٌ ما؛ فهذا النقص يسد من جهة هذا الجمعيات التي تغطي الكثير من النقص، وأيضا هذه الجمعيات تصل إلى بعض الحالات التي لا يمكن في بعض الأحيان أن تصل إليها الجهات الرسمية.

وكذلك فإن الفراغ آفة قاتلة تضر بالمجتمع وبالأفراد، وعندما يعمل المتطوع يسد هذا الفراغ الموجود لعمل صالح وينمي أيضا الشعور بحب الوطن وحب المجتمع، والإنسان المتطوع تبنى فيه القيم الإيجابية وتبعد عنه القيم السلبية.

العمل التطوعي له وفوائد عظيمة للمجتمع من حيث تلبية المصالح والكثير من القضايا ومشاركة للجهات الرسمية من أجل توفير أفضل الخدمات لتعزيز الجوانب الاجتماعية والصحية والنفسية والفكرية للمجتمع.

العمل التطوعي هو عمل خيري قبل كل شيء

ـ ما إشكالات العمل التطوعي؟

هنالك في واقع الحال الكثير من العوامل التي تؤدي إلى بعض الإشكاليات أو بعض المعوقات فيما يتعلق بالعمل التطوعي، وذلك إذا جئنا على جهة بعض الأفراد بأن العمل التطوعي هو عمل خيري قبل كل شيء يبذله الإنسان من تلقاء نفسه من غير أن يكون هنالك من يدفعه إلى ذلك، فإذا فترت هذه الهمة وتقاصرت في نفس هذا المتطوع فهذا يؤدي إلى تعطيل العمل؛ لأنه لا يوجد هناك ما يدفع هذا المتطوع إلا همته وعزيمته ورغبته في نفع المجتمع. وقبل ذلك طلب الأجر والثواب من عند الله تعالى، فإن فترت الهمة وتقاصرت؛ فذلك يودي إلى ضمور في العمل التطوعي وقصوره وأحيانا توقفه وهذا من ضمن العوائق.

الجدير بالذكر أنه من ضمن العوائق أيضا كثرة المشاغل، وهي موجودة عند المتطوع فينشغل بأمور كثيرة ربما هي تضر بالعمل التطوعي، فأحيانا يتعذر وأحيانا ينسحب هذا المتطوع.

ومن ضمن الإشكاليات قلة الدعم التي يحصل عليها المتطوع فبعض الجهات التي ربما قد تعين هذه الفرق قد تتقاصر عندما تضعف هذه الموارد وتضعف الأموال التي تصل إلى هذه الفرق، وبالتالي ينعكس سلبا على أدائها واستمرارها.

وكذلك من ضمن المعوقات والإشكاليات عدم وجود خطة ورؤية مستقبلية واضحة المعالم التي يقوم عليه العمل التطوعي مما يؤدي إلى تعثرها وإلى اضطرابها وفشلها.

ومن ضمن الإشكاليات في العمل التطوعي أن بعض الأنظمة والقرارات الإدارية في بعض الدول ربما تضّيق العمل التطوعي وتسبب في الحد من حريتها وانطلاقها بالإضافة إلى تغير الإدارات مما يؤدي إلى تكاسل وتقاصر في عمل هذه الفرق الخيرية.

ومن ضمن المعوقات أيضا الجهل وعدم المعرفة عند بعض الأعضاء ووقوع بعض الأخطاء عند بعض المتطوعين، وهذا ما ينعكس سلبا على الجمعيات، وبالتالي تفقد مصداقيتها عند الجمهور.

للعمل التطوعي مجالات كثيرة

إذن دكتور صالح ذكرتم في إجابتكم عن السؤال السابق عن الإشكاليات في العمل التطوعي، فهل لكم أن تحدثونا عن مجالات العمل التطوعي؟

الأعمال التطوعية كثيرة جدا من ضمنها مجالات العمل الاجتماعي التي تشتمل على تقديم العون المادي للفقراء والمساكين والأيتام وتشتمل أيضا على تقديم ما يحتاجه أهل الرعاية الصحية بتقديم أدوات صحية تعين على بقائهم في صحة جيدة.

ومن الأعمال التطوعية العمل البيئي الذي يتعلق بحفظ البيئة ومجالات حفظ البيئة الكثيرة جداً.

وأيضا هناك عمل تطوعي في مجالات الثقافة مثل القراءة ونشر الوعي نحو القراءة وكذلك نشر الثقافة العامة وكذلك ما يتعلق بمجالات العمل ومتابعة (النزلاء) في السجون والأسر التي تحتاج إلى الإعانة فيما يتعلق بالتوجيه والإرشاد.