روضة الصائم

على المسلـم أن يستغــل رمضان في طاعـة ربه

18 مايو 2018
18 مايو 2018

منذر بن عبدالله السيفي -

رمضان لم يشرع لإرهاق النفوس وإتخام البطون وتجويع النفوس وإنما يريد الله عزوجل أن يرفع قدر الصائمين ويعلى منزلتهم في عليين وأن يدخلهم من باب الصائمين باب الريان الذي لا يدخله إلا من صام إيمانا واحتسابا وقد صدق الله العظيم القائل في محكم الكتاب المبين «إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس واستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين».

قل لأصحاب القلوب الغافلة أما آن لها أن تستيقظ من سباتها وتزيل ركام الران الذي طغى على قلوبها ويلبس لبوس التقوى؛ لأنه خير زاد ولباس التقوى ذلك خير ويقطع مشاهدة القنوات، التي آلت على نفسها أن تفسد صيام الصائمين إلا عباد الله المخلصين قل لأقدام تعبت في الأسواق وظنت أن رمضان شرعه المولى للأكل ولذيذ الشراب وأيدي تعبت من كثرة كتابة الأرقام ورميها للفتيات في المحلات والطرقات، التي لم يستجبن لنداء الحق «ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى» آما آن لبعض بنات المسلمين أن يلتزمن الستر والحجاب ويكون رمضان انطلاقة إلى العمل الصالح ومخافة الله والاستعداد لدار القرار، فلله در أسماء الصديقة بنت الصديق تشق نطاقها خدمة للإسلام وإعلاء لكلمة التوحيد واستحقت بذلك أن تكون حاملة لواء النطاقين فهي ذات النطاقين، فقد وضعت فيه طعام حبيبها سيد الثقلين وصاحب الورد والحوض، وبنات اليوم يشققن الحجاب ويظهرن ما خفى من الأيدي واللباس وإلى الله المشتكى وعليه التكلان. وأما العباءة ففيها من الألوان ما يذهل الألباب ومن الزركشة ما يأخذ بالنواصي والأقدام وحدث ولا حرج اللحاف الملون الذي يذهب باللباب ويأخذ بالأبصار وحجتها في ذلك أنه غير شاذ ولا ملفت للأنظار ونسيت المسكينة أن قلوب الرجال أرق من بيت العنكبوت في الخلوات.

فيا أسفاه على زمن تلاعب بالبنات وجعل الرجال مثل الخيط تحركه الريح من كل مكان أين عائشة التي احتجبت بالحجاب وتسربلت بفضفاض اللباس لكون عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- دفن في غرفتها لكونه رجلا أجنبيا وإيمانها لا يرضى أن تجلس بالخفيف من اللباس، وأين من فاطمة يوم دخلت عليها بنت عميس ووجدتها باكية فسألتها عن الخطب فقالت غدا أموت وكفني يجسم عورتي والرجال يحملوني ويرون عورتي فقالت لها يا بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على رسلك، ألا أدلك على عمل تعمله نساء الجنة إن لقين الله قالت لها ويحك، وما هو؟ دليني عليه فقالت: كن يحملن على تابوت أي صندوق ولا يراهن الرجال فاستبشرت الزهراء وتهللت فرحا وسرورا وأوصت أن تحمل على تابوت أي صندوق فحملوها بعد وفاتها على ما أوصت فنالت بذلك شرف أول امرأة تحمل على صندوق وصدق الشاعر العربي الذي قال:

لو كانت النساء كمثل هذه

لفضلت النساء على الرجال

وجاء من حديث المبرأة من فوق سبع سموات طباق الحضان الرزان عائشة أم المؤمنين قولها «لكل شيء عمود وعمود الأخلاق الحياء»

قل لمن هجر الصلوات وعصى ربه في الخلوات أما آن لقدميك أن تنفض غبارها وتدخل فتأنس وتصلي مع أحبابها وتصالح مسجد حيها قل لأصحاب نغمات الهاتف الذين ضايقوا عباد الله بالنغمات والأغاني الموسيقية التي تهز أركان المسجد وتحرك القلوب إلى المعصية وتثير الأشجان إلى الرذيلة آما آن لمثل هؤلاء أن يستبدلوا ذلك بالقرآن العظيم والذكر الكريم. ولكن مع الأسف بيوت تبنى في النهار بالطاعات وتهدم في الليل بالرذيلة ومحاربة الملك الجليل فما أن يدخل الليل إلا وجاهر الله بالمعصية وأطلق العنان على نفسه وأرتكب أبشع الأوزار وبقي تحت الشاشات ينظر ما لذ وطاب من مفاتن النساء دون أن يكون للقرآن نصيب وللذكر طريق وذهب الصيام أدراج الرياح وكأنه لم يمر طيفه عليه أبدا ولم يستشعر لذته.

وهذا هو حال الكثير من المسلمين والمسلمات الصوم عندهم امتناع وإمساك في النهار وسهر وأوزار في الليل والله المستعان وهؤلاء لم يستفيدوا من مدرسة الصوم ولم يتعلموا الصبر فهم للصيام مثل قطاع الطرق لا هم لهم إلا أكل الأعراض والسهر إلى الفجر وفوات صلاة الفجر مع الجماعة وذوب قول الحق تعالى من قلوبهم وقراءان الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا وقول سيد الخلق صل الله عليه وسلم «من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله» أي في حفظ الله ورعايته وفي الجانب الآخر .

وإذا جئنا إلى الفتاة فلا هم لها، إلا فستانها ومكياجها ونهارها في المطبخ والنوم وليلها في الأسواق لا ترتع وحديثها فلانه فستانها جميل وعباءتها كذا وكذا، وحدث ولا حرج في مشاهدة المسلسلات والفوازير ونصيب القرآن لا يتجاور الدقائق ولله در السلف الصالح كانوا يكثرون من الصيام فهذا الإمام الحجة محمد بن عبدالله الخليلي كان يكثر من الصيام، وعرف عن السلف أنهم لا يؤخرون الصوم في أيام البيض والاثنين والخميس وصوم التطوع فلله در أولئك العظماء الأفذاذ التي أنجبتهم هذه الأرض الطيبة التي لا تنبت ألا طيبا وصدق فيهم ما قاله العلامة أبو مسلم ناصر بن سالم بن عديم الرواحي -رحمه الله تعالى- تراهم في ضمير الليل صيرهم مثل الخيالات تسبيح وقرآن، إن رمضان مفتاح باب الريان الذي لا يدخله إلا من صام إيمانا واحتسابا جاء عن ابن خزعة: إن في الجنة بابا اسمه الريان لا يدخل منه إلا الصائمون فإذا دخلوا أغلق ومن دخل شرب ومن شرب لم يظمأ بعدها أبدا» عجبا لهذا النبي يرى الأمة أن تعدل قبل أن تقاتل فإن قاتلت وهي ظالمة لم تنصر أبدا.

فما بالنا اليوم إذا تأخر الطعام أو الشراب عن موعده ووقته أو سكب أحد الأبناء شيئا على مائدة الإفطار انهالت راجمات الصواريخ من كل مكان وانفجرت القنابل في أرجاء البيت والعمران وتقرر استخدام حق اللجوء السياسي والفتيو من أجل ضبط النفس ولو أعادوا الكرة لكان الطلاق أفضل الحلول وأنجحها في عبور هؤلاء الذين لا يعتبرون الأعراف والقيم والمبادئ اهتماما، ورمضان هو الحياة الإنسان وعمره، وعليه أن يستغل لياليه وأيامه وساعاته في طاعة ربه، قبل أن تزل قدم بعد توكيدها وليت ساعة مندم ولا ينفعه يومئذ ندمه وسيقف للسؤال وحده إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا والجزاء من جنس العمل «فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا، وأما من أوتي كتابه بشماله أو من وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا» وكم من كان يتوقع موت أبيه قبله فمات قبل أبيه فكم من مريض ينتظر موته ولكن مات الصحيح بغير علة ورحل إلى دار الخلود ودخل بيت دود يتمنى أن يعود، ولكن لن يعود إلى يوم يبعثون والأمر لله الواحد المعبود فهو من بيده مقاليد الأمور وهو المعرف لها ..

يا أيها المشتاق قبل بلوغه

مهلا فإن الواردين قليل

مهلا فإن الموت آت غرة

حبل الأماني لا يدوم طويل

ما زلت أنت معاندا ومكابرا

لله لم ترض إليه سبيل

أثقلت عمرك بالمعاصي دونما

وجل من المولى ولا تحويل