Ahmed-New
Ahmed-New
أعمدة

نوافذ :هل إنفاقنا يعادل تفاؤلنا؟

11 مايو 2018
11 مايو 2018

بقلم: أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

بما أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك، الذي يمكن القياس عليه في مسألة الإنفاق، والإنفاق هنا ليس شرطا في شراء بعض السلع الغذائية النوعية المبالغ فيها، ولكن يتزامن ذلك أيضا مع شراء الملابس الجديدة كليا «ليوم العيد» كما يحلو لنا التسمية، مع أن الملابس؛ وهي على سبيل المثال هنا؛ لها أن تعمر طويلا لأعياد كثيرة، ولأننا نربطها بيوم العيد، فإن هناك جولة أخرى بعد أقل من شهرين، لترديد نفس الأسطوانة، وهي الشراء لعيد الأضحى، وهكذا نمارس على قناعاتنا نوعا من غوايات الشراء؛ إن تصح التسمية.

وللإجابة عن السؤال المطروح في العنوان: يقينا؛ لا؛ لأنه لا تفاؤل في انخفاض الأسعار، فالأسعار في زيادة تصاعدية، متخذة أكثر من سلم في درجات الصعود، وإلى ما لا نهاية، كما يبدو، ولا مبررات مقنعة لهذا الارتفاع التصاعدي غير المقنن، وحتى محاولة الهيئة العامة لحماية المستهلك للنظر بعين «ثالثة» على مسار هذه الأسعار لم تعد مجدية، وبالتالي على المستهلك أن يتحمل بنفسه هذه المواجهة مع هذا الارتفاع المستمر، مع ملاحظة أن التجار كلهم؛ بلا استثناء؛ يجدون في هذه المناسبات: شهر رمضان، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، والعودة الى المدارس، ومناسبات الزيجات والأعراس، وفي موسم الصيف خاصة، والفرصة السانحة لاستحلاب جيوب المستهلكين، ولو بطرق ملتوية، كالتخفيضات الوهمية المنتشرة على كل سلعة، سواء على امتداد أيام السنة، أو التركيز المبالغ فيه خلال هذه المناسبات.

ولكن على الرغم من هذا التطاول على جيوب المستهلكين بمختلف الطرق المستفزة؛ بعضها؛ فهناك من المستهلكين من استطاع أن يرصد هذا الاستفزاز من خلال التأكد والتيقن، عندما وجدوا أن التخفيضات المعلن عنها في المنشورات المتوزعة على جنبات المحل، ومن خارجه، أنها مجرد «ضحك على الذقون» وليست صحيحة، حيث تعمد المحلات الى الزيادة المفاجأة في أسعار بعض السلع التي تريد التخلص منها، ومن خلال هذه الزيادة تأتي لتضع نسبة تخفيض معينة في هامش الربح فقط، وليس في قيمة السلعة الأساسية، فيأتي المستهلك «المغرر» به، ليظن أن هناك تخفيضا في هذه السلعة، أو تلك، ولو استحضر قيمة هذه السلع قبل شهر أو أكثر، لوجد هذه التخفيضات «ذر الرماد على العيون» لا أكثر، ولست أدري إن كان هناك متابعة جدية من قبل الجهات المعنية عن مسألة التخفيضات، أم لا، كما أن هناك ملاحظة؛ وخاصة؛ على المحلات الكبيرة «المراكز» وهي كأن هناك شبه اتفاق فيما بين إداراتها، حيث يتبنى أحد هذه المحلات تخفيضا في سلعة ما، والآخر تخفيضا في سلعة أخرى، وبذلك يتوزع المستهلكون لشراء هذه السلع المخفضة- كما هو المعلن- وربما يستحيل أن تجد نفس السلعة عليها تخفيض في محلين متماثلين، وفوق ذلك يصبح المستهلكون مروجون بصورة غير مباشرة لهذا المحل أو ذاك.

نعم، أنفاقنا لا يعادل تفاؤلنا، فما زلنا مع ثقافة الإنفاق غير المقننة، مع قناعتنا بارتفاع مبالغ فيه في أسعار كل السلع، الغذائية وغير الغذائية، ومع ذلك نغض الطرف عند التسوق، ونشتري ما نحتاجه، وما لا نحتاجه، وخاصة في هذه المناسبات الموسمية، كشهر رمضان المبارك، حيث يكثر الكرم في صورة ملفتة للنظر، لماذا هذا الكرم السخي الذي نزل على الناس هكذا بدون مقدمات، على مستوى الأسر، وعلى مستوى المؤسسات، وحتى مؤسسات المجتمع المدني القائمة موازناتها على مجموعة التبرعات تقيم حفلات إفطار، أليست هذه الصورة ملفتة للنظر؟ أما كان من الأفضل لهذا الهدر «المالي» أن يذهب إلى وجوه إنفاق أكثر إلحاحا وحاجة: للفقراء، للمساكين، للمعسرين، لفك كربة مدين، والمضحك المبكي خاصة في شأن المؤسسات أنها تقيم إفطارا لموظفيها، بينما في المقابل يمر عام كامل على هذا الموظف دون أن يلتحق بدورة تدريبية تستفيد منها المؤسسة ككل في تجويد العمل «شكليات على حساب المضمون».