أفكار وآراء

اللقاء العماني القطري المشترك بين رواد الأعمال

14 أبريل 2018
14 أبريل 2018

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

[email protected] -

يبدي العالم اهتماما كبيرا بمشاريع رواد الأعمال، حيث إن 90% من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تدار في عدد من دول العالم من ضمنها بريطانيا واليابان وفرنسا وأمريكا وغيرها من المؤسسات التي يدير بعضها رواد الأعمال من الذين تمكنوا من تأسيس مشروعاتهم الصغيرة في يوم ما لتتحول لاحقا إلى مشاريع عملاقة تساهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولها. ومن هذا الواقع تبدي السلطنة اهتماما متزايدا بمشاريع رواد الأعمال من خلال الهيئة العامة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة (ريادة) التي تم إنشاؤها على اثر قرارات ندوة سيح الشامخات في عام 2013 والتي بوركت من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم حفظه الله ورعاه، الذي أكد في هذا الخصوص بأن «الاقتصاد الوطني لأي بلاد كانت هو في الحقيقة يقوم على الصناعات الصغيرة والمتوسطة ... هذه هي الأسس، أسس كل الاقتصادات الوطنية» ومن هنا تعمل الهيئة على غرس ثقافة ريادة الأعمال، وتمكين وتعزيز دور المؤسسات الصغيرة و المتوسطة في البلاد، وتقديم دعم فني فعال ومتكامل لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وخلق بيئة إبداعية محفزة لرواد الأعمال بالإضافة إلى ذلك فإن رؤيتها المستقبلية هي أن تكون المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ركيزة أساسية لضمان خلق فرص العمل وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

وهناك اليوم عدة مؤسسات أخرى تواصل في تقديم دعم لمؤسسات رواد الأعمال من خلال تخصيص جوائز لريادة الأعمال لتعزيز المنافسة عليها، والقيام بالعمل التوعوي بين المؤسسات الحكومية والخاصة التي تساهم في دعم ريادة الأعمال من خلال سياسات وإجراءات ومبادرات متنوعة لإبراز دور هذه المؤسسات والشركات التابعة لها سواء أكانت حكومية أو القطاع الخاص وتقديم الخدمات وتسهيل إجراءاتها للحصول على العقود والمناقصات. وهذه الأجراءت تهدف أيضا إلى تضافر الجهود الفردية والمؤسسية لتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظرا للدور الكبير الذي تلعبها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي خلق فرص عمل جديدة.

ومن هذا المنطلق جاء تنظيم اللقاء القطري العماني المشترك بين رواد الأعمال بالدوحة مؤخرا في هذا الإطار، والذي استهدف إلى إيجاد مشاركة واسعة بين رجال الأعمال والمستثمرين وعدد من المسؤولين في القطاعين العام والخاص، بالاضافة إلى تسليط الضوء على العلاقات الاقتصادية القطرية العمانية والنهوض بها. وقد تم التركيز في هذا اللقاء على التطورات التي تشهدها السلطنة في عدد من القطاعات الاقتصادية الحيوية كالصناعات الثقيلة، والأعمال اللوجستية والسياحية، والتكنولوجيا والبرمجيات، وقطاع العقارات، وإدارة المستشفيات، وقطاع الغاز ومشتقاته، وصناعة الأدوية، والمواد الغذائية، وقطاع الزراعة والثروة الحيواني، وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي القطري العماني والتوسع في المشاريع المشتركة بين البلدين.

ومن خلال بعض البيانات الإحصائية فإن التعاون الاقتصادي بين البلدين قد تضاعف خلال الآونة الأخيرة بنسبة 120% في كثير من القطاعات الاقتصادية، في إطار التسهيلات الكبيرة التي توفرها السلطنة للمستثمرين الخليجيين لا سيما للتجار القطريين لدعم التكامل الاقتصادي بين البلدين، وتشجيع المستثمرين وتسهيل الإجراءات لهم لزيادة نسب الاستثمار ورفع المبادرات التجارية المباشرة عبر الموانئ البحرية والجوية في البلدين. ووفقا لبيانات وزارة الطاقة والصناعة القطرية التي تناولها اللقاء الأخير، فإن الفترة الماضية شهدت تضاعف حجم التبادل التجاري بين قطر وسلطنة عمان، حيث بلغ حجم الاستثمارات المشتركة بين البلدين 5.5 مليار ريال قطري، كانت حصة الاستثمارات العمانية في قطر منه 427 مليون ريال قطري، شملت توريد المواد الغذائية ومواد البناء، وتخطيط رجال أعمال البلدين إنشاء مصانع متنوعة في قطر. أما حجم الاستثمارات القطرية في السلطنة، فقد توزعت بين الاتصالات والكهرباء وتجميع السيارات والمواد الغذائية والاستثمار في القطاع السياحي، في حين هناك زيادة في وتيرة التبادل التجاري بعد تدشين ميناء حمد خطوط ملاحة بحرية مع ميناءي صلالة وصحار. كما ان قطر من جانبها تبدي اهتماما في هذا الشأن ولا تدخر جهدا في توفير المزايا التشجيعية للمستثمرين ورجال الأعمال العمانيين، من خلال تقديم التسهيلات الأمر الذي يشكل عامل جذب للمستثمرين العمانيين للاستثمار في قطر. وهذه التسهيلات الكبيرة التي تقدمها الجهات المعنية في البلدين سهلت الكثير من المهام وقضت على بعض العراقيل التي كانت تحول دون استفادة قطاع الأعمال من مناخ الاستثمار في البلدين، حيث تدفقت البضائع العمانية، فيما بدأ تدفق رأس المال القطري إلى السلطنة في عدد من قطاعات منها قطاع الأغذية ومواد البناء، خاصة وأن دولة قطر لديها التزامات بتعزيز بنيتها التحتية والاستعدادات لتنظيم كأس العالم عام 2022.

فآفاق التعاون بين قطر وسلطنة عمان تتسع يوما بعد يوم وأن احتياجات دولة قطر تشكّل حافزا في تقوية العلاقات الاقتصادية ودفع رجال أعمال لتعزيز البيئة الاستثمارية وزيادة رؤوس الأموال بين البلدين، الأمر الذي يشكّل قيمة مضافة للتعاون الاقتصادي المستقبلي، في إطار حاجة كل بلد للمواد التي لا توجد في البلد الآخر. فاللقاء العماني القطري المشترك لرواد الأعمال كان هدفه تشجيع الشراكات الصناعية والتجارية من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية بين البلدين من خلال تعزيز التعاون بين رجال الأعمال والمستثمرين القطريين والعمانيين، حيث تعرف المشاركون من خلال الزيارات الحية إلى المنطقة الصناعية القطرية على فرص الاستثمار ومجالاته وطبيعته وميزاته في هذه الدولة، بالاضافة إلى تغزيز العلاقات مع رواد الأعمال الشباب القطريين والتشجيع على الاستثمار بكافة أنواعه، والتعرف على فرص الاستثمار وتشجيع الشراكات بين اصحاب المصانع والخبراء وحثهم على المشاركة الفاعلة بهدف دفع عجلة التنمية الاقتصادية والسعي لرفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين والتعريف بالمنتجات القطرية والمنتجات العمانية وخلق الحلقات العنقودية بين التجار لتعزيز نمو الحركة التجارية والاقتصادية.

لقد أسفر التعاون العماني القطري في مجال الاستثمار المشترك عن مساهمة مستثمرين قطريين في 148 شركة في السلطنة، في حين تزيد استثمارات القطاع الحكومي القطري في السلطنة عن 4 مليارات دولار، بينما نجد في المقابل هناك 115 شركة عمانية تستثمر في قطر في إطار ملكية كاملة، بالإضافة إلى 106 شركات قطرية عمانية مشتركة برأس مال إجمالي يقدر بنحو 427.4 مليون ريال قطري. وأن البلدين لا تألوان جهداً في توفير المزايا التشجيعية للمستثمرين ورجال الأعمال وفي تقديم التسهيلات المقدمة لهم، الأمر الذي يشكل عامل جذب للطرفين للاستثمار في البلد الآخر. وأن اللقاء الآخير وما تمخض عنه تشكل فرصة واعدة لتعزيز الشراكات القطرية العمانية على حد تعبير المسؤولين القطريين والعمانيين، مشددين على أهمية توطيد التعاون بين المستثمرين ورجال الأعمال وتبني الفرص الاستثمارية التي من شأنها تحقيق الأهداف الاقتصادية المشتركة، بما يساهم بالنهوض بالدول الخليجية وتعزيز التكامل الصناعي والاقتصادي بينها في مختلف المجالات. كما أكدوا في تصريحاتهم بأن هذا اللقاء جاء في الوقت المناسب حيث تشهد العلاقات الاقتصادية بين البلدين تطورا مستمرا وتعزز من الاستثمار المشترك في جميع القطاعات، بما فيها التجارة والصناعة والنقل والأمن الغذائي وغيرها، مع وجود فرص استثمار واعدة بين البلدين، الأمر الذي يتطلب تعزيز التعاون في قطاعات عدة كالصناعة والتكنولوجيا والاتصالات، والتعليم وغيرها. كما أبدوا حرصهم على تشجيع القطاع الخاص ومساعدة رواد الأعمال على تنمية أعمالهم في الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق فوائد متبادلة ونجاحاً بين البلدين.