1293617
1293617
المنوعات

عصا الجرز التقليدية .. أداة لفن الندبة وسلاح للدفاع عن النفس

31 مارس 2018
31 مارس 2018

خصب - «العمانية»: يحرص سكان محافظة مسندم من الرجال على حمل عصا «الجرز» وخاصة الأفراد من قبيلة الشحوح حيث لهذه العصا رمزية اعتبارية معينة مرتبطة بتراث وتاريخ المحافظة.

ويحمل «الجرز» كبار السن والشباب أيضا باعتبارها هنداما وزيا تقليديا عمانيا يحرص الآباء على تعليم أبنائهم حملها كونها جزءا من شخصياتهم وزيّهم في حضور المناسبات الاجتماعية والوطنية إلى جانب الخنجر العماني والسكين الشحية المسمى محليا (البيشك) والمحزم.

ويحمل الرجال في محافظة مسندم «الجرز» عند أداء بعض الفنون الشعبية الشحية كالندبة وغيرها من الفنون التقليدية العمانية، واستخدامات الجرز عديدة في الماضي أساسها سلاح تقليدي يدافع به حامله عن نفسه ضد أي اعتداء غالبا ما يكون من الحيوانات المفترسة يتعرض له في الطريق أثناء تنقله في الجبال والأودية ويستعملها كعصا يتكئ عليها في المشي وتسلق الجبال وأداة قطع تناسب ما يتم به من مهام وحمل متاعه بواسطتها.

وتتم صناعة «الجرز» في عدد من المناطق بمحافظة مسندم يكون أغلبها في القرى، ويمتهن صاحبها صناعتها في منزله بمعداته اليدوية البسيطة وأبرز أماكن صناعة الجرز في نيابة ليما التابعة لولاية خصب.

قال عبدالله بن سليمان الشحي من سكان نيابة ليما ويمتهن صناعة الجرز لوكالة الأنباء العمانية: إنني ومنذ صغري وحتى الآن أحب مهنة صناعة عصا «الجرز» ولم أتركها طوال حياتي وأمارسها بكل مهارة وإبداع، وأعلمها لأبنائي وأحفادي وأحثهم على إتقانها والتمسك بها، وعملي بهذه الحرفة ليس لكسب المال منها بقدر تمسكي بتراث ومهنة آبائي وأجدادي وينبغي علينا أن لا نتركها.

ويوضح عبدلله الشحي أن الجرز تتكون من جزءين أساسيين هما عصا خشبية وفأس معدني حيث تتكون العصا من خشبية مستقيمة بطول متر واحد في الغالب ويتم اقتطاعها من الأشجار المتوفرة في البيئة المحلية مثل أشجار «السدر» و«العتم» و«المزي» و«الشرحم» و«الشحش» وتمتاز تلك الأشجار بصلابة أغصانها التي تتناسب لعصا الجرز، ويقوم الصانع باختيار الغصن المستقيم والطول المناسب ويتركه ليجف ويزداد صلابة بعيدا عن أشعة الشمس خلال شهر إلى 6 أشهر بعد قطعه وتتم إزالة النتوء البسيطة واللحاف وصنفرته لتصبح مستقيمة وملساء بعدها يتم عمل نقوش هندسية بمحيطها لتصبح تحفة فنية جميلة وثم يتم دهنها بالزيت ليكسبها بريقا لامعا ويحافظ على ملمسها ومنقوشاتها، وتعرف هذه المنقوشات المرتبطة بالطبيعة من مثلثات ودوائر بـ«الشمسات».

وأضاف الشحي: إن الفأس المعدني وهو الجزء المهم المكون للجرز ويصنع من الفضة في الغالب أو النحاس أو الحديد الصلب ويتم تشكيله بصهر المعدن بأحجام مختلفة بمتوسط طول 7 سم يكون بشفرة عريضة شبه حادة من جانب واحد مثقوب قبل نهاية الجانب الآخر بقطر العصا لإدخال طرف العصا به وتثبيتها به، كما تتم زخرفة الفأس بنقوش محفورة جميلة تعكس براعة الصانع وفن الإبداع العماني ويحدد سعر الجرز بمنقوشاته ونوع العصا والفأس. ويتم تركيب حلقات معدنية بأطراف العصا لحمايتها من التشقق وتثبيت الفأس المعدنية بالعصا بالشكل المطلوب مع وضع النقوش المحفورة عليها وإعطائها تناسقا وشكلا جميلا.

وتولي الهيئة العامة للصناعات الحرفية اهتماما بالصناعات الحرفية وصناعة الجرز التي حظيت بنصيب وافر من الاهتمام بمحافظة مسندم كونها من الصناعات الحرفية التقليدية التي تمتاز بها المحافظة فقد قامت بافتتاح مركز لتدريب وإنتاج «الجرز» في عام 2010م بولاية خصب، حيث يقوم المركز بتدريب الكوادر العمانية الشابة على صناعة الجرز في دورات تدريبية متتالية لمدة شهرين ويمنح المتدرب خلالها شهادة تأهيل لفتح مشروعه الخاص للعمل في مجال إنتاج وصناعة الجرز.

كما يقوم المركز بتكريم المشاركين في حفل يعرض من خلاله المنتجات والأعمال التي تم تنفيذها خلال البرنامج التدريبي يحتوي على نماذج مصغرة للجرز بمختلف الأحجام والأشكال للزينة والهدايا.

ويهدف مركز تدريب وإنتاج «الجرز» للمحافظة على هذه المهنة التقليدية وإبرازها كتراث عماني تقليدي يسعى إلى ترسيخها كمهنة يتعلمها الشباب والاستفادة منها وتعليمها وتخليدها للأجيال القادمة، وتم عمل نماذج كبيرة للجرز بأماكن مختلفة تزين بها الحدائق العامة والساحات والدوارات لإبرازه كرمز تراثي تنفرد به محافظة مسندم، كما يستخدم الأهالي شعار واسم الجرز لشركاتهم ومؤسساتهم وفرقهم الرياضية وغيرها من الدلالات المعبرة لمكانته التراثية الأصيلة في السلطنة.