إشراقات

الوطن يتقدم بجميع أبنائه

15 مارس 2018
15 مارس 2018

إعداد: نادر أبو الفتوح -

أكد الدكتور ناصر وهدان أستاذ الدراسات الإسلامية جامعة قناة السويس في لقائه معنا، أن منح المرأة حقوقها كاملة يعد من أهم صور المواطنة في الإسلام، وأن دعوة الشريعة الإسلامية لمنح هذه الحقوق للمرأة، يأتي انطلاقا من دورها المحوري في المجتمع، وبهدف أن تنشأ الأجيال الجديدة، على هذه القيم التي أعلت من قيمة المرأة، وبينت دورها المحوري في الأسرة، لأن المرأة تعرضت لظلم كبير قبل الإسلام، وكان الرجل قبل الإسلام، إذا وضعت زوجته بنت، اسود وجهه، وحزن حزنا شديدا، وكان البعض يتخلص من هذه الطفلة بدفنها في التراب، وقد صور لنا القرآن الكريم حجم هذا الظلم، الذي كانت تتعرض له المرأة قبل الإسلام، فقال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) [الآية 58 سورة النحل]، فجاء الإسلام ومنع هذا الظلم الذي يقع على المرأة، وأعطى لها كل حقوقها، كأم وزوجة وابنه، وأوجب على المجتمع أداء هذه الحقوق.

ويوضح أنه من مبادئ المواطنة في الإسلام، المساواة بين الرجال والنساء، وبين المسلم وغير المسلم في الحقوق والواجبات، وقد حرمت الشريعة الإسلامية ظلم المرأة، أو منعها من ممارسة حقوقها التي كفلتها لها، وقد سبق الإسلام كل النظم الحديثة في مجال حقوق المرأة، فلها حق التملك، وقبول أو رفض من يتقدم للزواج منها، وغيرها من الحقوق في الميراث والعمل، والذمة المالية المستقلة عن الزوج، وكل هذه الحقوق حثت عليها الشريعة الإسلامية، لأنها أنصفت المرأة ومنحتها جميع الحقوق، وأعلت من مكانتها في المجتمع، لأنها الأم التي تربي الأبناء، والزوجة التي تقف مع زوجها، وتساعده لتكوين أسرة تقدم الخير للمجتمع، وقد سبقت الشريعة الإسلامية كل النظم الحديثة في حماية حقوق المرأة، وجعلت هذه الحقوق، هي جزء من المواطنة في الإسلام.

ويشير إلى أن نصوص الشريعة الإسلامية، حملت الكثير من التعاليم الخاصة بحقوق المرأة، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: (مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، وهذا الحديث الشريف جعل الناس تسعد بإنجاب البنات، بعد أن كان يحزن الرجل في الجاهلية ويسود وجهه، عندما تُولد له بنت، كما أن الشريعة الإسلامية منعت كل ألوان الظلم، التي تقع على المرأة، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: (أُوصِيكُم بالنِّساءِ خَيراً)، وقد كانت هذه التوجيهات النبوية، واضحة وفي حماية حقوق النساء، كما تحمل هذه الأحاديث النبوية تحذير لكل من يقصر في أداء هذه الحقوق .

ويضيف أنه إذا كان هناك يوم عالمي للاحتفال بعيد الأم، فإن الشريعة الإسلامية أمرت بطاعة الأم ورعايتها، وجعلت هناك جزاء كبيرا لمن يفعل ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (الجنة تحت أقدام الأمهات)، وهذا الحديث الشريف يحمل معنى، أن طاعة الأم تدخل الجنة، وعقوق الأم من الكبائر التي حذرت منها الشريعة الإسلامية، وقال سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) [الآية 23 سورة الإسراء]، كما شدد الإسلام على ضرورة رعاية النساء، وتقديم العون للأرامل والمرأة المعيلة، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الشريف: (السَّاعِي عَلَى الأرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله)، هذا يبين فضل رعاية وحماية النساء، لأن ذلك يجسد قيم المواطنة في الإسلام، لأنه ليس فقط رعاية الأم والزوجة والأبناء، بل رعاية النساء في المجتمع، من خلال المساهمة في كل ما يحقق هذه الرعاية، للمرأة التي تعول أسرتها، أو الأرملة، بجانب تحقيق العدل للمرأة العاملة، كما حذر الإسلام من منع الميراث، لأن ذلك يعد ظلم وتعد على حقوقها. وطالب وسائل الإعلام المختلفة، بضرورة التوعية بحقوق المرأة، وأن يتم استضافة العلماء والمتخصصين، للتحذير من التعدي على حقوق المرأة في الميراث أو العمل وغير ذلك، لأن وسائل الإعلام تقدم أحيانا نماذج سلبية، لا تعبر عن منهج الإسلام في حفظ حقوق المرأة، كما طالب الأئمة والدعاة وخطباء المساجد، بضرورة توعية الشاب المقبل على الزواج، بحقوق المرأة التي منحتها لها الشريعة الإسلامية، لأن الإسلام ساوى بين الرجل والمرأة في الجزاء، فقال الله عز وجل في القرآن الكريم: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) [الآية 195 سورة آل عمران]، وقد بلغ من تكريم الإسلام للمرأة، أن خصص لها سورة كاملة في القرآن الكريم وهي سورة النساء، وفي ظل هذه التوجيهات التي حملتها الشريعة، فإن أداء هذه الحقوق، يجعل المرأة تعيش في مجتمع، تتحقق فيه قيم المواطنة الحقيقية.