sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: كتبي وسرّي الصغير

28 فبراير 2018
28 فبراير 2018

شريفة بنت علي التوبية -

ما عدت أشتري كتباً كثيرة كما كنت، ولكني أصبحت أقرأ أكثر، وربما أصبحت أقرأ بشكل مختلف، فما عاد يهمني أن تكون لديّ أكوام من الكتب قدر ما يهمّني نوع الكتاب الذي اقرأ، فخير لي أن أعيد قراءة كتاب أحبّه من أن أقرأ كتاباً آخر لمجرد ملء الوقت، فمهما بدت الكتب جميلة ومغرية، ولكن لا تقرأ كتاباً لمجرد أن تقرأ، ولا تقرأ كتاباً لمجرد أن تشغل فراغ وقتك، ولا تشتري كتاباً لأن صديقك أحبه، ولا تقرأ كتاباً لا تحبّه، عش لذة الاكتشاف ومتعة التجربة في قراءة الكتب، لأنه حتى في قراءة الكتب تشترط المحبّة وعلاقتك بها لا يمكن أن تكون علاقة عابرة، فالحب شرط أساسي في علاقتنا بأي شيء في هذه الحياة، فلا يمكن أن نأكل أو نشرب أو نمشي أو نشتري كتاباً دون أن نكون في حالة حب، أو بيننا وبين كل تلك الأشياء علاقة محبة، لأن من أسباب فشلنا أو عدم وصولنا إلى ما نريد، هو أننا نفتقد إلى شرط أساسي للنجاح وهو الحب، فلا تفعل شيئاً بلا محبّة ولا تمارس مهنة دون محبّة ولا تقرأ كتاباً دون محبّة ولا تأكل طعاماً دون محبّة ولا تتحدث مع إنسان دون محبة ولا تصادق إنسانا دون محبّة ولا تفعل ما تفعل في حياتك دون محبّة، لأنك لن تنجح ولن تصل ولن تكون إلا إذا أحببت ما تفعل، ومتى ما فقدت هذا الشعور فعليك أن تتوقف، فلا تكمل السير في طريق لا تشعر بالحب وانت فيه.

لا تقرأ كتاباً لا يفعل فعل السحر في نفسك ولا يأخذك إلى عالمه ويخرجك من حيث أنت، لا تقرأ كتاباً يعجز عن فعل كل ذلك فيك، فما ندمت في حياتي أكثر من أني قرأت كتباً لا أحبها أو أجبرت نفسي على إكمال صفحاتها، لأني أكون قد أسأت إلى ذائقتي وعقلي وصدق عاطفتي، فانتقي كتبك بعناية كما تنتقي أصدقاءك المخلصين، ولا تتردد في التخلص من كتاب ممل أو كتاب أنت عاجز عن إيجاد علاقة حقيقية معه.

أشياء كثيرة فقدت إيماني بها ولكني ما فقدت إيماني بالحب، وما فقدت إيماني بقلبي، فكثير من الأشياء أستدل عليها بقلبي، وأكثر الأفكار التي أكتبها تأتي شمالاً من جهة القلب ثم يصنعها العقل في قالبها الخاص، فالعاطفة هي السر الصغير الذي يجعلنا سعداء أو تعساء، والذي يحول بيننا وبين التعاسة أو الضياع.