1251234
1251234
تقارير

أزمـة الضـبـاب الدخـانـي لا تـزال تخـنـق بـولنـدا

15 فبراير 2018
15 فبراير 2018

وارسو- (أ ف ب): يموت أربعون ألف بولندي سنويًا بسبب الضباب الدخاني على ما تؤكد وزيرة بالحكومة، إلا أن السلطات تتأخر في اتخاذ إجراءات جذرية وتسعى إلى عدم إخافة الرأي العام.

في بعض أيام الشتاء في وارسو، تغطي سحابة رمادية ناطحات السحاب ويصبح الهواء الذي يتنشقه السكان ثقيلًا.

أزمة الضباب الدخاني واقع تعيشه بحرج بولندا الفخورة بنجاحاتها الاقتصادية. وبحسب أرقام نشرتها منظمة الصحة العالمية في 2016، يضم هذا البلد 33 من المدن الأوروبية الخمسين الأكثر تلوثًا.

تعاين ماريا الأم لثلاثة أطفال هاتفها المحمول بعصبية ظاهرة خلال ارتشاف قهوتها الصباحية. وهي تقول “الأمر يتكرر، وارسو تحتل المرتبة الثانية على مؤشر اير فيجوال (لتلوث الهواء) بعد كاتماندو وأمام كالكوتا ونيودلهي”.

والوضع الأخطر يسجل في جنوب البلاد. وفي هذه المنطقة وتحديدًا في كاتوفيتسه ستستضيف بولندا في ديسمبر المقبل مؤتمر الأطراف الدولي الرابع والعشرين للمناخ.

غير أن البولنديين لا يريدون انتظار الخطوات التنفيذية الكبيرة لوقت أطول.

ويقول يان فرانيك وهو تلميذ في سن السادسة عشرة عضو في مجموعة تلامذة بدأوا حملة عفوية لمكافحة الضباب الدخاني “في مدينتنا الصغيرة بشتينا ثاني أكثر المدن تلوثا في بولندا، يجب أن نفعل شيئًا”.

المسنون لا يصدقون!

ويبدي فرانيك أسفه لأن “كثيرين من السكان المسنين لا يصدقون وجود ضباب دخاني. هم يعتبرون أن الأمر غير موجود لأنه غير مرئي”.

وهو قصد الأسبوع الماضي وارسو مع بعض رفاقه في المجموعة المسماة “لا تزيدوا الضباب الدخاني”، بهدف المشاركة في تسليم وزارة الطاقة عريضة أطلقها الفرع البولندي لمنظمة “جرينبيس” البيئية ومسؤولون محليون ووقعها 36 ألف شخص. وتطلب العريضة فرض معايير صارمة بشأن نوعية الفحم. هذه المادة التي يستخدمها ملايين البولنديين للتدفئة وغالبًا ما تكون بنوعية رديئة، هي المصدر الرئيسي لتلوث الهواء أمام حركة المرور والقطاع الصناعي.

وكان مقررًا إدخال مثل هذه المعايير في مارس 2017 غير أن الأمر لم يحصل بعد. التدبير الوحيد الذي اتخذته الدولة أخيرًا يفرض استخدام مدافئ بنوعية جيدة.

ويوضح منسق حملة “المناخ والطاقة” في “جرينبيس” ماريك يوزيفياك “لا يكفي أن تكون لدينا مدافئ حديثة إذا ما استمررنا في حرق الفحم ذي النوعية الرديئة والملوث بشدة”. ومن مصادر الخطر أيضا حرق النفايات من مختلف الأنواع، وهي خطوة لا تزال تمارس باستمرار وتشكل مصدرًا للدخان السام.

وفي مواجهة الضباب الدخاني، ينظم الناشطون البيئيون صفوفهم. وتوضح هيئة “بولسكي الارم سموغوفي” في منشور لها أن المعايير الرسمية للتلوث تخفي خطورة الوضع. ويقول المسؤول في الهيئة بيوتر سيرجي “إذا ما طبقنا في بولندا سقف التلوث المعتمد في فرنسا، كانت مدن عدة لتعيش في حال إنذار لعشرات الأيام وحتى لشهرين سنويا للبعض”.

ويعتبر التلوث بالجسيمات العالقة “بي ام 10” خطيرًا في بولندا اعتبارًا من مستوى 300 ميكروجرام في المتر المكعب. أما في فرنسا فهذا الحد الأدنى محدد بـ80 ميكروجراما.

نفوذ مجموعات الفحم

أما من ناحية الحكومة التي يأخذ الناشطون البيئيون عليها ما يعتبرونه تساهلا في التعاطي بفعل نفوذ مجموعات الفحم في بولندا، فهي تنتهج سياسة واقعية من دون تقديم وعود بالتغيير على المدى المنظور.

وتتطرق وزيرة المقاولات والتكنولوجيا يادفيغا اميليفيتس بقلق إلى التقديرات التي تفيد بأن 40 ألف بولندي يموتون سنويًا جراء التلوث. حتى أن الوكالة الأوروبية للبيئة تقدر هذا العدد بـ50 ألفًا من أصل 38 مليون نسمة في بولندا.

وتعد الوزيرة “بتحسن ملحوظ خلال السنوات الخمس المقبلة” بفضل اعتماد معايير لجودة المحروقات الصلبة والمساعدات المقدمة للفقراء و”المهمشين في مجال الطاقة” لعزل مساكنهم واستبدال المواقد القديمة المسببة للتلوث بأنظمة تدفئة مراعية للبيئة بأسعار مخفضة.

أما ماريا فترى أن خمس سنوات فترة طويلة. وهي تقول “في هذا الوقت سيكون أطفالي قد تنشقوا الكثير من الجزيئات المجهرية التي ستلتصق في الرئة أو حتى في الدم”.