1246146
1246146
المنوعات

«التفاحة الأخيرة».. عين على مخلفات الحروب

10 فبراير 2018
10 فبراير 2018

حين كانت نوريستا طفلة في الرابعة عشرة من عمرها اقتحم الصرب منزلهم وقتل كل من فيه، وأمر قائد المجموعة أفراده بالمغادرة ليتسلل ويعود ليخطف نوريستا بعد أن لمحها على قيد الحياة ليهرب من الحرب والجيش برفقة نوريستا.

هكذا استهلت سونيا بوماد روايتها «التفاحة الأخيرة» التي سلطت الضوء فيها على ويلات الحرب وتبعاتها في سراييفو من كلا الطرفين، المسلمين والصرب.

اختارت الكاتبة في روايتها أن يكون البطل صربيا «إيفان»، والبطلة المسلمة «نوريستا»، حيث عاشت نوريستا خمسة عشر عاما من الأسر في منزل إيفان الذي استقر فيه بعد هروبه، وكان ملكا لجده، الذي كان نمساويا ورفض زواج ابنته من الشيوعي والد إيفان إلا أنها آثرت حبها، فهجرت والدها لتلتحق بزوجها، مع عدم انقطاع مراسلاتها لأبيها، إلا أنها لم تجرؤ على مواجهته، حتى بعد موته رفضت استلام الميراث ولم تدخل البيت مجددا.

رحلة هرب إيفان من بلده إلى النمسا كانت محفوفة بالمخاطر حيث اضطر إلى دخول بيته وتجرع ذكرياته المؤلمة ليأخذ فستان أخته وبطاقة هويتها لتستعملها نوريستا، التي خبأها في صندوق السيارة وهرب بها متذرعا بمهمة عسكرية فيخترق جنود الحراسة. بعد استقرار إيفان في النمسا كان ملاذه إحدى الحانات التي يسهر فيها، ثم يعود إلى البيت ليعامل نوريستا بوحشية أو يغتصبها، وكانت تشعر بالأمان في مغادرته المنزل حيث تقوم بتنظيف البيت، أو طهي الطعان لهن كما وجدت فسحة في ذلك السجن بمكتبة الجد الكبيرة المنوعة من مختلف الكتب والمجالات وبلغات مختلفة من بينها العربية والتي كانت تجيدها، كما وجدت المصحف الذي فرحت به وصارت تحتضنه تحت وسادتها، وأصبحت تقضي الوقت في القراءة إلا أن داهمها إيفان في إحدى المرات وهي تقرأ ويأمرها بحمل الكتب للمخزن ويغلق عليها ليمنعها من الاستمتاع في غيابه. حاول إيفان العمل في الحانة إلا أنه تعرض للإهانات بسبب الحرب في بلاده أدت إلى مشاجرات، وخطط لقتل أحد العاملين في الحانة مما جعلهم يستبعدونه ليعود إليها زبونا بعد عدم قدرته على العمل فيها، وكانت تدعمه في ذلك إحدى العاملات في تلك الحانة «ماغي» التي كانت لديها بعض مشاعر الحب تجاهه، وقد حاولت جاهدة لمساعدته في إيجاد وظيفة أخرى بعد فشله في الأولى. في الوقت الذي كان إيفان يعامل نوريستا بكل تلك الوحشية إلا أنه يتعاطف معها أحيانا، وحين لمح هزلها وتغيرها، قرر أن يذهب بها إلى المستشفى مستخدما هوية أخته، فيأخذ الطبيب منها العينات، وبعد أن عاد إليه كانت الكارثة حين اكتشف أن نوريستا حامل ليعود إليها متوحشا صابّا كل غضبه عليها، ثم يتوهم إيفان أن نوريستا ستحاول قتله فيخرجها من غرفتها ويغلق عليها أبواب المخزن.

وفي المخزن تجد نوريستا ملاذها مجددا مع الكتب، وكانت بطنها تكبر يوما بعد يوم وما زالت رهينة لا يسمح لها بالخروج، وطلب من ماغي صديقة الحانة أن تحضر له بعض تجهيزات الرضع قائلا إنها لأخته وهي على وشك الولادة، وعندما طلبت مصاحبتها رفض ذلك وطلب منها إحضار الملابس وحسب، أحست ماغي بشيء ما ولكنها استجابت لطلبه.

ولدت نوريستا بعد ألم وصراخ استنجدت فيه بإيفان الذي كان مترددا ثم هرع لنجدتها وساعدها في ولادتها، وأحب الطفل وأحسن معاملتها، إلا أنه لم يسمح لها بمغادرة المخزن، وأصبح ينام معهما هناك، ولكن لم تدم هذه المودة لأكثر من شهرين، حيث مرض الرضيع ورفض إيفان أخذه إلى المستشفى، ثم بعد توسلات نوريستا وعدها بأن يأخذه صباحا وأعطاه قطرات إضافية من الدواء أودت به، فأصبح كئيبا مع بكاء نوريستا ودفن الرضيع في حديقة المنزل.

وبعد نجاح إيفان في عمله استقل في شركته الخاصة، وأصبح يشعر بحبه لنوريستا، وقرر أن يطرد الماضي من مخيلته، وأن يتزوجها، توجه إليها بهدية عبارة عن طقم ذهبي وفستان، ارتدته، وصارحها بطلبه وحبه وأنه لا يجبرها بل يطلب رأيها، وقد تفاجأت بطلبه بعد أن كانت تخطط لقتله لفترات طويلة لتتمكن من الهروب، إلا أنه شرح لها سبب تصرفاته المتناقضة وهو هجوم مليشيات مسلمة على منزله وقتل جميع أفراد أسرته وكان يراقب كل ذلك ولم يدر كيف يتصرف سوى أن دفنهم في حديقة المنزل، كما فعل برضيعه، لتتولد في نفسه كراهية المسلمين ومحاولة الانتقام فالتحق بالجيش مدة أربع سنوات. وبعد أن شعرت بالسعادة لهذا الطلب الجميل، والغفران لما سببه لها من آلام بعد معرفة قصته، حيث كانت تشعر بأنها تحبه أحيانا برغم كونه قاتل أسرتها ومعذبها، تقرر دون تخطيط الهرب من بين ذراعيه تاركة سكينا كانت تحتفظ بها في المخزن، وأخذت معها مسدسه، وهوية أخته، وبعض المال من محفظته، كما أخذت الهدايا الذهبية التي أحضرها لها. هروب نوريستا أدى إلى انهيار إيفان وخسارة شركته وإصابته بالسرطان، ولكنها قررت ألا تعود، لتتجول في الطرقات كمتسولة، ثم تتحول إلى بائعة هوى، وتدمن الشرب والتدخين، لتقودها قدميها في نهاية المطاف إلى أحد المراكز الإسلامية لتعلن توبتها وتصبح معلمة للصغار اللغة العربية والدين، إلا أن الحياة الجديدة فتحت لها أبوابا أخرى حيث كان المركز مشبوها بتورطه مع جهات إرهابية، وتتواصل من خلاله مع أحد المجاهدين لتحاول الهرب إليه لولا أن تجدها ماغي لتحذرها وتساعدها على الهرب، فتأخذ منها رسالة لتطمأن إيفان عليها وتأخذ منها بطاقتها، والمسدس من غير علمها، لتعود بهما إلى إيفان مع رسالة من نوريستا تعده بزيارته، وبعد مغادرتها يعاجل إيفان نفسه بالانتحار بمسدس أبيه، لتتحول أصابع الاتهام إلى نوريستا التي تصر على عدم قتله وعلى حبها له، ثم تتوضح الحقيقة في النهاية. الرواية بشكل عام تناولت مأساة سراييفو، ومحاكمة المتورطين فيها والذي كان إيفان من بينهم، كما تطرقت إلى قضية زواج المسلمة من المسيحي، وتضارب الرغبة مع المعتقد، والازدواجية التي تحدث في ذات الإنسان، حيث كانت نوريستا تؤدي جميع فروضها وتصوم إلا أنها تتلذذ بالحرام مع إيفان، وكما تناولت مأساة العراق حيث بدأت أحداث القصة في سراييفو، ثم بعد خمسة عشر عاما جاءت مآسي العراق، وكيف تفكر المسلمة في دولة الغرب في نصرة المجاهدين، حيث كان أولئك الذي ذكرتهم يقومون باستباحة النساء واستغلال أجسادهن، والفهم المختل للدين، كما أشارت إلى القضايا المعاصرة في الغرب من بينها التحرر، والعري، والاستمتاع بالجسد، ومن الواضح أن الكاتبة متأثرة إلى حد كبير باللغة الغربية، حيث أن كتابتها العربية كانت فقيرة أقرب إلى تعريب أفلام الكرتون للأطفال، من حيث سهولتها فضلا عن بعض الأخطاء في تركيب الكلمات.