tonis
tonis
أعمدة

في الطريق إلى «توين فيلّا»

07 فبراير 2018
07 فبراير 2018

تونس المحروقية -

twitter : @hlaa202020 -

في رحلة بحثك لشراء منزل أحلامك في محافظة مسقط التي تعمل فيها منذ سنوات واستأجرت فيها شققا بمختلف الأشكال والأسعار ، ستصل لحقيقة أن بعض الأحلام من الأفضل لها أن تبقى خيالاً صرفاً في دماغك وحدك ، وأن أموالك لا تكفي حتى لشراء غرفة وصالة بحسب تسعيرة أصحاب العقارات الحالية الذين تفننوا في التضييق على أحلامك ببناء أراضيهم ذات الـ٦٠٠ متر كبيتين متلاصقين بنظام الـ” توين فيلا” .

تصدمك ضيق المساحات الخاصة بساحة المنزل من اللحظة الأولى التي تدخل فيها منزلك المستقبلي”إن تمت الصفقة” ، ستفكر كيف تقنع زوجتك أن تتخلى عن فكرة أن يكون لديها حديقة في المنزل فساحة منازل “ توين فيلا “ لا تكفي إلا لإدخال سيارتك في أحسن الأحوال ! ستفكر أيضا في كيف يمكن أن يقضي أبناؤك عصرية كل يوم بلا ساحة منزل كبيرة تتسع لأحلامهم وتحتوي على الكثير من الألعاب التي شاهدوها ملونة ومتعددة في قصص الأطفال الغربية التي يدمنوها.

ستغض الطرف عن ذلك ثم تأتي لترفع رأسك للأعلى لتجد منزلك المستقبلي المفترض ملتصقاً بالمنزل الذي يجاوره التصاقاً يمنعك من التصرف بأي تعديلات مستقبلية وكأنك اشتريت شقة وليس منزلاً متكاملاً ! ستتساءل ماذا ستفعل لو أنك احتجت إلى أن تهدم جداراً أو تقيم آخر؟ ألن يختل الجدار الملاصق له ؟ وهل تسمح لك الجهات المعنية بذلك ؟ وماذا عن جارك ذلك الذي يجاورك بيته بل يلاصقه ؟ هل سيكون لطيفاً معك ويتفهم أن أسرتك تكبر وأنك تحتاج لتلك الإضافات أم سيشتكي عليك ؟

تقرر أن لا تضع العراقيل منذ البداية لكنك تلتفت برأسك في الساحة لتجد أن منزلك الذي تعتزم شراءه لا خصوصية له مطلقاً فمن يجلس في شرفة منزل الجيران الملاصق يرى ساحة منزلك كأنه مقيم معك ، هو كذلك سيعرف من زارك وعدد ملابسك التي علقتها العاملة المنزلية على حبل الغسيل ، وما دار بينك وأسرتك في سهرات المساء في “ الحوش “ ، كما أن أطفالك ستصل أصوات شقاوتهم للمبنى الملاصق وقد تصل أيضاً أصوات شجارك مع زوجتك على المصروف الذي تتكرر مشاهده بداية كل أسبوع بعد أن ترى ما اشترته من “ الهايبر الماركت “ القريب من منزلك .

ستقرر أن تبقى حبيساً لغرف المنزل حتى لا ينزعج منك أحد من الجيران وكي لا تنزعج منهم بدورك ، لكن حتى تلك الغرف التي تقرر أن تعيش حياتك فيها ستفاجئك بضيق مساحاتها وكأنها صممت لعائلة صغيرة أو أنها غفلت أن مجلسها الضيق جداً لن يتسع لمعارفك من ولايتك البعيدة الذين سيفرحون بشرائك هذا المنزل وسيقصدونك للمبيت لديك في كل مرة يحتاجون أن ينهوا خدمات حكومية في هذه المدينة .

ستذهب للغرف الأخرى لتقف مرعوباً من مواصلة الغرف ضيق اتساعها كلما توغلت في المنزل حتى وكأنها بنيت لينام الأشخاص على الأرض مباشرة وليس على أسرّة نوم تأخذ ما تأخذه من مساحات من تلك الغرف، ستتوقف عند ما يطلق عليه الصالات رغم أنها أقرب ما تكون لممرات لتسأل نفسك : لماذا ينبغي أن أدفع ما يتجاوز مائة ألف ريال من أجل مساحات ضيقة جدا وتشطيبات متواضعة جداً ؟

ستودع “ سمسار “ العقار المائة الذي زرته خلال 3 أشهر وتتمنى له التوفيق مع غيرك ، وستغادر المنزل الذي زرته بنية شرائه، وأنت تحاول أن تجد مبررات تعود بها لزوجتك لتخبرها بها مثل : أنه ينبغي أن تنتظر سنوات أطول في ولايتها البعيدة وأن لقاءك الأسبوعي بأطفالك هو كل ما تستطيعه في هذه المرحلة ، وستحتار طويلاً في كيفية توضيح أن منازل هذه المدينة لا تشبه اتساع الغرف في ولايتك وأن قرض البنك الذي ستأخذه لن يبني لك منزلاً واسعاً كما حلمت ، وأن الأفضل لك ولأسرتك أن تبقى الأمور على ما هي عليه حتى انفراج آخر لا تعلم موعده ولا تستطيع حتى أن تخطط له !