الملف السياسي

دور روسي إيطالي متزايد لحل الأزمة

25 ديسمبر 2017
25 ديسمبر 2017

د.فالح حسن الحمراني -

كاتب من العراق يقيم في موسكو -

[email protected] -

فصل جديد في الأزمة الليبية يكتب للتو، فبعد أن فشل اتفاق الصخيرات في الخروج بليبيا من أزمة طال عهدها، تتسارع محاولات التقريب والتفاهم التي قامت بها أطراف ليبية ودولية بعد مرحلة اتفاقات الصخيرات. ونشط الحراك السياسي بعد انتهاء فترة اتفاق الصخيرات في 17 ديسمبر الجاري، واستعر الجدل بين الفرقاء عما إذا أن الاتفاق مازال ساري المفعول، أم أنه ذهب من دون رجعة، ليفتح آفاقا جديدة لاتفاقات ومساومات جديدة، قد تساعد على تحسين المناخ ومد الطريق للحوار السياسي وتوحيد الإخوة الأعداء.

وحسب معطيات معهد الشرق الأوسط في موسكو، فإن القضية الليبية كانت من القضايا الرئيسية التي بحثها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته مؤخرا للقاهرة، مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي. ووفقا لتك المعطيات فإن الرئيسين الروسي والمصري، أعربا عن تضامنهما مع فكرة أن اتفاقية الصخيرات قد استنفذت دورها، وينبغي استبدالها باتفاقية جديدة. وجاء ذلك قبل أسبوع من انتهاء سريان الاتفاقية التي وقعت في أواخر ديسمبر عام 2015.

وعلى خلفية التطورات وتحرك الجزائر وتونس ووضع مختلف السيناريوهات وخطط الطريق لإنهاء الأزمة التي بالعودة إلى مربعها الأول تفاعلت روسيا بكثافة مع التطورات الليبية ورسمت بالتعاون مع إيطاليا خطة طريق للتسوية السلمية لتغلب هذا البلد العربي/‏‏ المسلم على المأساة الإنسانية التي يمر بها هناك. وجرى في إطار الخطة المشتركة الاتفاق على إعادة تشكيل المجلس الرئاسي في ليبيا، الذي يعتبر أعلى سلطة في ليبيا. وذكرت مصادر مطلعة في حكومة طرابلس أن الأطراف المعنية تجري مباحثات وستحظى مبادرة موسكو في هذا السياق بموقف إيجابي. وهناك أفكار تقودها دول إقليمية ترمي إلى منح قائد الجيش الليبي حفتر منصب وزير الدفاع في التسويات الجديدة.

وتعمل روسيا أيضا في إطار مساعيها، على طرح مبادرة لعقد مؤتمر وطني ليبي على غرار الصيغة التي طرحتها مؤخرا بالنسبة لسوريا. على وفق ما ذكر رئيس مجموعة الاتصالات التابعة للخارجية الروسية ومجلس الدوما للتسوية الليبية ليف دينجوف. ويعرب الخبراء عن القناعة بأن هذه الأفكار يمكن أن تدخل إلى حيز التنفيذ وستساعد على إحلال الاستقرار في ليبيا، وتنهي الانقسامات المدمرة. وأفاد دينجوف بـ«أن إيطاليا أبدت موقفا إيجابيا من المبادرة الروسية واعتبرتها صيغة فريدة للحوار وأن هناك فرصة لتطبيقها في ليبيا لا سيما وقد جرى تنظيم لقاءات بين أطراف محددة معنية بالنزاع».

وباعتراف كبار المسؤولين من كافة الأطراف المتحاربة في ليبيا، فإن روسيا تحظى بالاحترام باعتبارها وسيطا محايدا ويتمتع بالنزاهة. وتلعب الدبلوماسية الروسية أدوارا نشطة لنزع فتيل النزاعات في البلدان العربية، وحلها على أساس الحوارات الوطنية واسعة التمثيل، التي تشارك فيها كافة القوى السياسية والجماعات العرقية والدينية، من دون قيد أو شرط ، والتحرك في ضوء القوانين الوطنية والدولية. وبعد أن تحقق النصر بمساعدتها الفعالة على (داعش) يبدو أنها ستوجه جهودها لتصفية بؤر النزاعات في اليمن وليبيا وتهدئة الأوضاع في العراق وفي علاقات بعض الدول العربية بإيران. وثمة هواجس من أن تراهن بعض الأطراف المتورطة في النزاع فقط على التسوية العسكرية، ويحدو روسيا الأمل بأن استتباب الوضع وعودة الاستقرار سيفتح آفاقا واسعة للتعاون مع ليبيا وإنعاش العلاقات التقليدية بين البلدين.

ونقلت صحيفة «الازفيستيا» الروسية، الصادرة في موسكو عن مصادر دبلوماسية روسية إشارتها الى انه ووفق المبادرة الروسية/‏‏ الإيطالية ستجرى تغيرات نوعية على المجلس الرئاسي الليبي، وسينضم إليه الآن ممثلو الطرفين المتحاربين. وقالت: إن هناك قناعات في موسكو بأن تشكيل جهاز موحد وتصفية ازدواجية السلطة ستمهد لتسوية الأزمة في ليبيا، وعلى المدى الأبعد المشاكل التي خلقها هذا الوضع، والتي من بينها الهجرة غير المشروعة وتسلل الإرهاب وتهريب الأسلحة إلى الخارج . ويرصد المراقبون نشوء مقدمات لتغير الاتجاهات الدولية من ليبيا، وبالدرجة الأولى في سياسة الغرب، التي غدت ترمي إلى وحدة الليبيين.

وأفادت المصادر الدبلوماسية الروسية للصحيفة بأن الخطة الجديدة ترى وجوب أن يتألف المجلس الرئاسي من ثلاثة أشخاص، ويدخل فيها أعضاء نافذون في الأطراف المتحاربة. وأوضحت بان هناك الآن تسعة أعضاء وسيضم ممثلين ليس من طرابلس وحسب وإنما من طبرق أيضا، وأن هذا الاتفاق جرى في إطار الاتصالات بين موسكو وروما. ومن المرتقب أن تتوحد الأطراف المتخاصمة الرئيسية تحت رعاية المجلس الرئاسي.

ومن المرتقب أن يضم المجلس الرئاسي الجديد رئيس الحكومة الحالي فايز السراج ورئيس البرلمان في طبرق عقيلة صالح فضلا عن قائد الجيش الليبي خليفة حفتر. على وفق مصدر الصحيفة الروسية.

ويشار إلى أن إيطاليا التي ترتبط بليبيا بمواقع تاريخية قوية دعمت حصريا فايز السراج بيد أن دعوة موسكو إلى مشاركة كافة القوى السياسية في التسوية دفعت كما يبدو روما إلى إجراء تغيرات على موقفها، ويقوم رئيس البرلمان في طبرق عقيلة صالح الآن بزيارات دورية للعاصمة الإيطالية. وذكرت الازفيستيا أن فايز السراج أكد لها إمكانية الاتحاد مع ممثلي شرق ليبيا، وربط مثل هذا التطور بقبول الشعب الليبي. كما أكد مصدر في برلمان طبرق والجيش للصحيفة الاستعداد للتعاون مع طرابلس.

ويرى الخبراء المهتمون بشؤون الشرق الأوسط أن الجهود الروسية الإيطالية الروسية يمكن أن تصبح الخطوة الأولى نحو طريق تسوية الأزمة في ليبيا، والتي ستساعد على تسوية العديد من المشاكل المتراكمة. ويرون أن تشكيلة المجلس الرئاسي المشار لها قد تكون الصيغة المقبولة التي تعكس طبيعة اصطفاف القوى في ليبيا ويمكن على أساسه تشكيل حكومة جديدة في ليبيا.