randa2
randa2
أعمدة

عطر :إنها الحرب.. فاستعدوا!

13 ديسمبر 2017
13 ديسمبر 2017

رندة صادق -

الحرب كلمة وقحة فرضت قوانينها على عوالمنا، حرّكت مسارات الجنون على كوكب الأرض، كوكب الصدفة الغامضة، كوكب “الحياة “، وما الحياة إلا مرحلة زمنية لها بداية ولها نهاية، كل آنسان عبر هذا الكوكب عاش الحياة بوعيه الوجودي الزمني، ومع هذا عاث فسادا وحروبا ودمارا على هذا الكوكب، غالبا من يشعل الحروب غير قارد على إطفائها ولا التحكم بمساراتها، ولا توقع ضمانة لنتائجها، هي تحدث وحسب، قد يخطط لإشعالها ولكنها تنتشر سريعا كالنار في الهشيم لتترك وراءها أرضا محروقة بلا حضارة لها، فالحرب المدمرة شرسة لا ترحم ولا تترحم، قاسية، تعشق رائحة تخثر الدم، لا تنطفئ شهوتها الى اللحم الطري، لحم الأطفال والنساء، ولا تفقه قلة حيلة الشيوخ ولا تأبه بأحلام الشباب، هي ضروس بلا قلب، مجنونة شاذة تُمثل في أجساد الضحايا وترقص فوق جثثهم، الحرب ظالمة باطشة، ومن المفارقات الغريبة أن الإنسان لم يتقن شيئا بقدر إتقانه لها، حتى تفنن في أساليبها وتفوق على نفسه حين بدأ يفكر في تطويرها من المنجنيق الى حروب اطلقوا عليها أسماء مختلفة من نووية، الى جرثومية الى نفسية، الى باردة وساخنة، وأسماء مقلقة وملتبسة، شكلت تاريخا واسع المجازر وكثير الضحايا، غالبا لم يعد مهما البحث في أسباب الحروب، فبعد اندلاعها يعيش المتقاتلون في تفاصيلها وينسون أصولها، وفي جوهر الأمر لا توجد حروب نظيفة وحروب عادلة وحروب غير عادلة، الحرب هي الحرب، موت ودم وقتل مجاني، يبتكر الإنسان أسلحتها وطرق تدريب المقاتلين على قتل قلوبهم بداية، حتى تصبح بلا شفقة أو رحمة.

تاريخ البشرية عرف الكثير من الحروب مثل الحرب العالمية الأولى، حيث قتل فيها 15 مليون إنسان كأدنى رقم إحصائي، أما الحرب العالمية الثانية فقتل فيها حوالي 40 مليون ضحية، طبعا هذه الحروب الأكثر تداولا، ولكن هناك حروبا كثيرة خُطفت فيها حياة وأحلام وآمال لأناس تورطوا بوحل الحروب التي تبدو سخيفة وتقليدية أمام ما يهدد العالم اليوم، فبعد أن توصلوا إلى نوع من القنابل الجينية التي تعمل على قتل الأشخاص من جينات معينة، اليوم لا تصدقوا ان حروبا نووية تهدد كوكب الأرض فقط، لأن الحرب اليوم انتقلت من مادية وعينية الى حرب (كبسة زر)، قد يقوم بها أحد المهووسين وتؤدي الى دمار وفناء إنجازات البشرية، ليس فقط بالموت بل بعكس عجلة الحضارة وإعادة الإنسان الى الوراء، فيتقلص مجد العلم والحضارة، إنها الحرب الإلكترونية الفيروسية، حيث انتقلت البشرية الى إنشاء جيوش في الفضاء الإلكتروني الواسع جاهزة لعكس عجلة الحضارة وتدمير إنجازات البشرية، خاصة أنها حرب متدنية التكلفة نسبيا وتعتمد على تفوقات علمية، وهي تعتبر الأخطر، كونها جزءا من الحرب المعلوماتية وهذه الحرب تعتبر نموذجا، كونها حروبا لا تناظرية بإمكانها ان تصل الى أهداف غير عسكرية مثل البنى الأساسية والمصارف والكهرباء والماء، وأي موارد تعتمد التقنية الإلكترونية.

يتمتع فيها المبادر بقدرة على السيطرة، وهي لا علاقة لها فقط الدول أو التنظيمات، فمن الممكن أن يقوم بها أفراد يدركون خفايا هذه الحروب، واليوم لم نعد نسمع عن الحرب الباردة بل عن حرب خبيثة الأدوات، تعمل الدول على تطوير أدواتها بصمت وتتنافس على قضية التفوق الإلكتروني، الحرب قادمة يا سادة ومؤلمة، لا تنفع معها سياسة الدفاع الرادعة، كونها مباغتة قادرة على ان تقضي على إنجازات البشرية، ولعل ما نراه في أفلام الخيال العلمي ليس بعيدا عن ما قد يحدث، إنها الحرب.. فاستعدوا.

[email protected]