1177366
1177366
إشراقات

مساعد المفتي: ساعات طوال يقضيها الشباب على شبكة المعلومات أثرت على واجباتهم الدينية وأولوياتهم في الحياة

30 نوفمبر 2017
30 نوفمبر 2017

لانعدام المنظومة الفقهية في مثل هذه القضايا -

متابعة : سيف بن سالم الفضيلي -

طالب فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة العلماء والفقهاء المسلمين إلى أن يقدموا شيئا ينفع ويفيد لكيفية توجيه ما يحتاج إليه الناشئة والشباب فيما يتعلق بالتسلية والترفيه.

وقال فضيلته إن الفضاء الذي أتاحته شبكة المعلومات أصبح مفتوحا بكل يسر يستطيع النفاذ إليه حتى الأطفال فلا الأسرة محصّنة ولا المناهج تشتمل على ما يحتاج إليه ولا التربية المسجدية تركز على هذه القضايا، ولذلك وجد إدمان لهذه الوسائط، إدمان لهذه الألعاب الإلكترونية.

وأشار فضيلته إلى أنه وجد في مجتمعات المسلمين من شباب المسلمين من يصاب بالأمراض والاكتئاب ومن ينتحر ومن يوشك على الانتحار بسبب هذه الألعاب الإلكترونية. كما وجد من تعزز عنده ظلم الآخرين والاعتداء عليهم اعتزازا بفرديته واعتزازا بتحقيقه لما يريد أن يصل إليه من نتائج، قضّوا فيها الساعات الطوال وكان ذلك على حساب واجباتهم الدينية وعلى حساب تعلمهم وعلى حساب أولوياتهم في هذه الحياة.. وإلى الجزء الأخير من الحلقة السادسة والأخيرة من سؤال أهل الذكر «الفقه الإسلامي تجديد الحياة أم تبرير الواقع».

هل يقدم الفقهاء الفقه بصورة تعصم الشباب من الأفكار الهدامة وترتقي بالشباب أو تجعلهم يعتقدون من صميم قلوبهم بأن هذه الفقه الإسلامي طريق لرقيهم ورقي أمتهم؟

هذه مسألة بالغة الأهمية، وفعلا وصل الخلل لدى الفقهاء المسلمين المعاصرين حتى إلى هذه القضية فكثير من الشباب اليوم ما زالوا حائرين منهم من يستيقظ ضميره ويرغب في العودة إلى الصراط المستقيم فإذا بخطاب فقهي بعيد عن كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقفهم إما أن يزوي بهم ذات اليمين أو أن يزوي بهم ذات الشمال، هؤلاء يقولون لهم لا سبيل لكم للتخلص مما كنتم فيه وللتوبة وللإنابة إلا بأن تقتلوا أنفسكم، هكذا يقولون لهم، وإذا بهم بعد ذلك يستغلونهم ويوجهونهم الى مواضع صراعات لا قبيل لهم بها ولا دبير، من أين أتوا أن سبيل التوبة إنما هو بقتل الأنفس، من أين أتى هؤلاء بمثل هذه الأفكار الشيطانية –والعياذ بالله – فإذا بهم يزجون بطائفة من هؤلاء الشباب المتحمس الراغب في خدمة دينه والعودة الى الصراط المستقيم إذا بهم يُذكون فيهم ما لم يأذن به الله تعالى من أمر فقه الحياة.

وإذا بطائفة أخرى تأتي لتنقلهم مما كانوا فيه الى نسخة مخففة من الانحراف لا تبالي أيضا بالقيود الخلقية والضوابط ولا ترشد الى أداء الحقوق التي قصر فيها هذا الشاب المكلف ولا تزكي فيه جذوة الإيمان ولا تدفعه الى التوبة والخلاص مما وقع فيه برشد وتدرج إنما تنقله الى نسخة هي في ظاهرها يدعي هؤلاء لأنهم غير فقهاء أبدا لكنهم يدعون بأنها تدين وهي بعيدة عن التدين لا يبالون بالضوابط الخلقية في التعامل بين الرجال والنساء ولا فيما يتعلق بكثير من الأحكام الشرعية التي يحتاج إليها لا سيما هؤلاء الذين يقبلون على التوبة الى الله سبحانه وتعالى، الآن هذا الحد الأدنى الذي هو استيعاب هؤلاء الشباب فإذا الواجب أن يكون الفقه الإسلامي عونا لهم على شياطين الإنس والجن لا أن يكون عونا للشياطين عليهم.

ثم نأتي بعد ذلك الى قضايا الشباب، ما هي اهتمامات شبابنا اليوم؟ وسائل تواصل اجتماعي وسائل التسلية والترفيه المشاركة في القرار، البحث عن العمل والتعلم هذه هي أبرز اهتماماتهم، لا نتحدث عما هو أصل مما هو معلوم من أمور العبادة والدين وإنما نتحدث عما افرزه الواقع اليوم، ما الذي قدمه الفقه الإسلامي في هذه المجالات؟ تجد انهم فيما يتعلق -على سبيل المثال- بالمشاركة في القرار «نقدا أو بناء أو نصحا أو غير ذلك» ليس هناك لا بيان للأحكام الفقهية التي يحتاجون إليها، كيف يعبرون عن رأيهم؟ لا يعرفون! فإما إن يقلدوا غيرهم ممن لا يراعي في المجتمع وفي الناس إلّا ولا ذمة «لَا يَرْقُبُوْنَ فِيْ مُؤْمِنٍ إِلّا وَلَا ذِمَّةً» أو انه ينطوي على نفسه أو انه يستتر بأقنعة تدفعه أيضا الى التشويش.

المشاركة في صناعة القرار

هل يمكن أن يكون الشاب شريكا في صنع الرأي الفقهي؟

لا، ليس في صناعة الرأي الفقهي وإنما في صناعة القرار الذي يهمه في حياته، هو يريد أن يشارك لا يجد وسيلة الى التعبير.

يمكن أن يظن البعض أننا نتحدث عن جانب سياسي، لا، نتحدث عن جانب فقهي، لا بد من تعريفهم بالأحكام الشرعية لأدب الحديث، متى يكون إبداء الرأي، كيف يبنون رأيهم، هناك أحكام شرعية. وتناولنا في بعض حلقات ما يتعلق بالتبيّن والتثبت وأخذ المعلومة من مصدرها والسعي الى النصح بالتي هي أحسن والإنكار للمنكر وغير ذلك مما لا بد له من ضوابط يستند فيها الى فقهنا الإسلامي.

وكذا الحال بالنسبة إلى وسائل التواصل الاجتماعي مَن مِن الشباب اليوم لا يستخدم وسيلتين أو ثلاث من وسائل التواصل الاجتماعي، بل أكثر لكن بأي منظومة فقهية؟ بلا أي منظومة فقهية!.

ما هي الأعراف الخلقية التي يستند إليها؟ هو وضميره وثقافته التي نشأ عليها قريبا أو بعيدا من الدين!

لم يقدم الفقهاء ما يغني الشباب ويقنعهم، هناك محاولات فردية، لكن أن يكون على سبيل الاجتماع الذي يستدعي أيضا النشر والتوعية بعد ذلك وان تصل الى الناس هناك تقصير كبير، بل كثير من الفقهاء أنفسهم لا يتصور شيئا عن هذه الوسائل وعن هذه الوسائط.

قد يستدعي أن يكون هناك بيان ما يمكن أن ينتفع منه، ما يصح أن يشارك فيه، ما لا يسوغ أن يشارك فيه، كيف يستحضر مراقبة الله تبارك وتعالى له، ما هي وظيفة الأبوين والأسرة؟، أين ينزل نفسه من هذه الوسائل من هذه الوسائط؟ لأنه إن لم ينتبه لهذا ولم تجد من الخطوات ما تعينه فإنها ستعزز عنده نزعة فردية طاغية تكون على حساب الأسرة وحقوق الأسرة بدءا من الأبوين ثم بالأسرة نفسها ثم بالمجتمع، هذه أبسط آثار انعدام المنظومة الفقهية في مثل هذه القضايا. وأخطر منها ما يتعلق بوسائل التسلية والترفيه.

لماذا؟

لأن هؤلاء الشباب حينما لا يجدون موجّهات، ويكونون بحاجة الى ما يروّحون به عن قلوبهم، فإن هذا الفضاء الذي أتاحته شبكة المعلومات أصبح مفتوحا بكل يسر يستطيع النفاذ إليه حتى الأطفال فلا الأسرة محصّنة ولا المناهج تشتمل على ما يحتاج إليه ولا التربية المسجدية تركز على هذه القضايا ولا الفقهاء يقدمون لكل هذه الدوائر شيئا ينفعهم ويفيدهم لكيفية توجيه ما يحتاج إليه الناشئة والشباب فيما يتعلق بالتسلية والترفيه ولذلك وجد إدمان لهذه الوسائط، إدمان لهذه الألعاب الإلكترونية.

وجد في مجتمعات المسلمين من شباب المسلمين من يصاب بالأمراض والاكتئاب من ينتحر ومن يوشك على الانتحار بسبب هذه الألعاب الإلكترونية.

وجد من تعزز عنده ظلم الآخرين والاعتداء عليهم اعتزازا بفرديته واعتزازا بتحقيقه لما يريد أن يصل إليه من نتائج، قضّوا فيها الساعات الطوال وكان ذلك على حساب واجباتهم الدينية وعلى حساب تعلمهم وعلى حساب أولوياتهم في هذه الحياة.

ومرة أخرى لا نتحدث عن مجرد عمومات هناك الكثير من التفاصيل التي تستدعي اجتهادا فقهيا يبين للناس الأحكام الفقهية يبين للناس الأحكام الشرعية يستوعب هؤلاء الشباب – حينما نتحدث عن الفقه الإسلامي ودوره فقط للتذكير – لا نتحدث عن فقه الموضوع فقط، وفقه الموضوع كما تقدم يتعلق ببيان الحكم الشرعي لأمر مستجد أو لنازلة أو واقعة ما، وإنما نتحدث عن فقه الفرد فقه الذوات، توجيه هذه الذات نحو مراشد هذا الدين وهداياته ليكون فردا مراقبا لله سبحانه وتعالى متقياً له نافعا عاملا في مجتمعه.

كما نتحدث أيضا عن فقه النظام العام، فقه المجتمع، ما هي البيئة التي يوفرها لهذا الشاب؟ ما هي الأطر الشرعية أو التشريعية والخلقية التي يحتاج إليها؟ ما هي العواقب التي تترتب على الإحسان أو على الإساءة والتقصير؟ كل هذه لا بد أن تكون مشتملا عليها في المنظومة الفقهية التي تقدم، أما أن يلتفت الى بيان أو تبيّن الحكم الشرعي لذلك الفعل مجردا من أركانه الأخرى فهذا لا شك أنه يكون سهلا يسيرا على كثير من الفقهاء إذا تصوروه تصورا صحيحا.

لكن نحن لا نتحدث عن فتوى فقط نتحدث عن الفقه الإسلامي بمفهومه الشامل الواسع.