أعمدة

نوافـذ : التحـــول إلى الاستثمار النوعي

07 نوفمبر 2017
07 نوفمبر 2017

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

تتمتع السلطنة بعلاقات طيبة ومتميزة مع معظم دول العالم، وكان ولا يزال للسمعة الطيبة التي تتمتع بها عمان الأثر الطيب في تعزيز العلاقات الثنائية القائمة بين السلطنة، وبين مختلف هذه الدول، ولا تزال تحظى بالاهتمام الخاص، انعكاسا لمواقف السلطنة على المستوى الإقليمي والدولي، والمشهود لها بالحياد، وعدم التدخل في شؤون الغير، وحياة التسامح التي يعيشها سكانها لا فرق بين مواطن ووافد، وهي السياسة الحكيمة التي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - منذ انبلاج فجر النهضة المباركة في مطلع سبعينيات القرن العشرين المنصرم، وعلى إثر ذلك تكونت لجان صداقة وتعاون مع عدد من هذه الدول، ولا شك أيضا أن تصرف على علاقاتها الخارجية الكثير؛ لتعزيزها من جانب، ولفتح ممرات آمنة تعبر من خلالها مختلف العلاقات القائمة التي تشهد تطورا ملموسا في مختلف المجالات.

وبما أن مفهوم العلاقات الخارجية أصبح منذ ثلاثة عقود يرتكز على التعاون الاقتصادي؛ كمحدد مهم في تفعيل مستوى العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى المحاور المساندة الأخرى، التي لا تخلو منها أية علاقات ثنائية أو جماعية، فإن استثمار هذا الجانب على وجه الخصوص أصبح من الأولويات المهمة في الأخذ بها، خاصة في توجه السلطنة نحو تنويع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وفي ظل تذبذب أسعار النفط العالمية وعدم استقرارها، يضاف إلى ذلك أن قوانين السلطنة كما يفترض بعد هذه التجربة الطويلة في التعامل مع برامج التنمية المختلفة، والتي استدعت الكثير من التجارب في مجالات الاستثمار المختلفة؛ وأصبحت هذه القوانين جاذبة للاستثمار، ويعزز ذلك أيضا اكتمال البنى الأساسية الداعمة للاستثمار؛ من موانئ ومطارات، وطرق حديثة بمواصفات عالمية، تكاد تكون مكتملة، بالإضافة إلى تحقق وجود المناطق الصناعية في عدد المحافظات، والمناطق الحرة في ظفار وصحار منذ سنوات، واليوم تلحق بالركب المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وهي المنطقة التي - مع حداثة نشأتها - يعول عليها الكثير في رفع مستوى الأداء الصناعي والسياحي للسلطنة في السنوات القليلة القادمة، وهي المنطقة المهيأة لذلك بحكم الموقع الاستراتيجي المهم.

السؤال المطروح هنا أكثر هو: أين استثمارات الدول الصناعية الكبرى، وهي الدول التي قطعت شوطا كبيرا في توظيف التكنولوجيا في صناعاتها الدقيقة والثقيلة والخفيفة على حد سواء، فنقل التكنولوجيا أصبح من الضرورات الكبرى لتأسيس واقع صناعي حقيقي يقوم على المعرفة، وأما الاستثمار في مشاريع البنى الأساسية فقط، أو الصناعات التحويلية العادية التي لا تؤسس قواعد للصناعات الثقيلة، ربما ينظر إليها على أنها استثمار مرحلي، وعائدها للمستثمر أكثر من الأثر المتوقع لأصحاب الأرض، حيث لا تنتقل من أثره الخبرات الكبيرة والدقيقة، ولا يتم فيه نقــــل التكنولوجيا التي يعول عليها الكثير اليوم في الانتقال من المشاريع العادية ذات النفع المؤقت إلى المشاريع النوعية التي تؤسس قواعد صناعية ومعرفية على المدى البعيد، بالإضافة إلى تأسيس جيل نوعي بأفكاره وأدائه، خاصة أن جيل اليوم مهيأ للدخول في معترك الصناعات الثقيلة والدقيقة، نظرا لما يتمتع به من ذخيرة معرفية اكتسبها خلال سنوات دراسته الجامعية في التخصصات العلمية والفنية الدقيقة.

يبدو أنه آن الأوان للتفكير في هذا الجانب على وجه الخصوص، خاصة أن السلطنة ماضية في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في أراضيها البكر، والمهيأة أصلا لذلك، مع الحرص الشديد على الانتقاء النوعي لمجموع المستثمرين الذين يتوافدون، بلا شك، إلى السلطنة لما تتمتع به من أمن واستقرار.