1140504
1140504
عمان اليوم

«حفظ البيئة» فريق بحثي ينجح في الإمساك بـ 14 نوعا مختلفا من الخفافيش الآكلة للحشرات بظفار

21 أكتوبر 2017
21 أكتوبر 2017

التعرف على خفافيش «بيبيستريل» التي تزن حوالي 5 جرامات بالمحافظة -

أنجز المختصون بمكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني مع خبراء معهد هاريسون بالمملكة المتحدة مسحاً ميدانياً لاستكشاف الثدييات الصغيرة في محافظة ظفار، استغرق مدة شهر كامل.

وذلك في إطار التعاون المشترك بين مكتب حفظ البيئة والمعهد، وبدعم من الجمعية الأنجلو-العمانية، هذا ولقد تمت دراسة الخفافيش من بين الثدييات الصغيرة، وهي المجموعة الوحيدة الطائرة من ضمن الحيوانات التي غالباً ما يتم تجاهلها ولكنها ذات أهمية حيوية كبيرة للحفاظ على النظم الإيكولوجية واتزانها في جميع أنحاء العالم.

حيث قام الفريق البحثي خلال شهر سبتمبر من العام الجاري بعملية مسح شملت جميع أنحاء محافظة ظفار؛ بدءا من الغابات الموسمية في سلسلة جبل القرا وجبل القمر، وشمل المسح أيضاً المناطق الزراعية بمدينة صلالة، بالإضافة إلى الوديان الجافة في جبل سمحان ومنطقة النجد. هذا ولقد تم تنفيذ المسوحات في الكهوف خلال الفترة النهارية وذلك أثناء فترات نوم الخفافيش. إضافة إلى مجاري الشعاب والأودية والمباني القديمة. أما في أثناء الفترة المسائية المسوحات فلقد كانت بعد غروب الشمس، حيث تم نصب الشباك الخاصة للامساك بالخفافيش وبالخصوص تلك القريبة من الموارد المائية في مناطق الغابات ذات الكثافة الشجرية الكثيفة بالإضافة إلى الأودية الضيقة.

حيث كان خفاش الفاكهة روزيتوس إجيبتياكوس هو النوع الأول الذي تم التعرف عليه من قبل الفريق البحثي؛ حيث يعتبر الأكبر والأكثر شيوعاً من الخفافيش المستوطنة في سلطنة عمان. وتبدأ نمط حياته اليومية بعد أن يخرج من مناطق جثومه النهارية، مثل الكهوف، وذلك مباشرةً بعد غروب الشمس مستخدماً تكوينه البيولوجي المعقد وحاسته المتطورة جداً في خواص الشم لديه في تتبع الروائح بحثاً عن الفاكهة. وقد تكون هذه الفاكهة ثمارا برية مثل التين أو تلك الوفيرة في مزارع المحاصيل حول منطقة صلالة وأماكن أخرى في ظفار بما في ذلك المانجو والبابايا وجوز الهند النارجيل. حيث تستفيد الخفافيش من وفرة الفاكهة، وأشجار الفاكهة هي ذاتها تعتمد على الخفافيش للتلقيح وانتشار البذور على نطاق واسع. وبالتالي هذه الخفافيش هي مفيدة أيضاً لكلٍ من النباتات البرية والمحاصيل الزراعية. خفافيش الفاكهة تلك قد تكون أكبر أنواع الخفافيش لكنها رقيقة للغاية عند التعامل معها بالشكل الصحيح.

الإمساك بالخفاش الشبح

وتعتبر معظم خفافيش محافظة ظفار و 70٪ من الخفافيش الأخرى في العالم هي آكلة للحشرات، ومع نهاية انحسار الرياح الموسمية للخريف في ظفار، تكثر الخفافيش الآكلة للحشرات حين تتجمع الآلاف منها عند غروب الشمس. هذا ولقد نجح الفريق البحثي من الإمساك بما لا يقل عن 14 نوعاً مختلفاً من الخفافيش الآكلة للحشرات، بما في ذلك الخفاش الشبح أوتونيكتيريس هيمبريشيي، والتي وجد لها سجل واحد فقط منذ عام 1977م، حيث تم العثور عليها في وادي عيون. ويتميز الخفاش الشبح بآذانه الضخمة و لونه الباهت، ويعيش فقط في المناطق الأكثر جفافا في ظفار، خاصة منطقة النجد، حيث تم العثور عليه في الوديان المتدفقة شمالا مثل وادي عارة. وهو يتغذى على العديد من الحشرات المختلفة بما في ذلك العقارب، ويوفر بذلك خدمة حيوية للنظام البيئي الصحراوي.

وقد تبدو من النظرة الأولى أن معظم الخفافيش الصغيرة متشابهة ولكن هناك العديد منها تصنف ضمن عائلات مختلفة، وليس من السهل بمكان تحديدها إلا من يملكون خبرة ودراية واسعة لتمييز نوع من آخر مختلف؛ فهنالك عائلة واحدة من الخفافيش لديها أنف على شكل حدوة الحصان، وبالتالي تعرف باسم خفافيش حدوة الحصان. وأيضاً من الأمثلة على ذلك خفافيش حدوة حصان جيوفروي رينولوفوس كليفوسوس التي تتواجد في محافظة ظفار فقط .خفاش بحجم إبهام اليد، وتمت مصادفة الإمساك بأصغر الخفافيش في محافظة ظفار، وهي تسمى بخفافيش بيبيستريل التي تزن حوالي 5 جرامات فقط وهي بحجم إبهام الإنسان. وكان هذا النوع من الخفافيش بيبيستريلوس دوفارنسيس من الأنواع المكتشفة حديثا وهو الأكثر شيوعاً. وهو نوع مستوطن في محافظة ظفار ويمتد انتشاره الى شرق اليمن . كون هذا النوع مثل معظم الخفافيش، فإن خاصية الإبصار لديه سيئة جداً وعوضاً عن ذلك فإنه يستخدم ميزة تحديد الموقع بإصدار موجات الصدى، على غرار تقنية السونار، ليقوم بذلك بمناورة الطيران ومطاردة الحشرات واصطيادها في عتمة الظلام. إلى جانب ذلك تقوم الخفافيش باستخدام ميزة الطيران الليلي وإصدار أصوات محدده لترتد كصدى وبالتالي توافر قياسات وأبعاد المسافات فيما بينها وبين فرائسها والأجسام الأخرى. إذ تتشابه هذه الخاصية مع موجات البث الإذاعية وفق ترددات مختلفة لكل نوع من أنواع الخفافيش، وبالتالي يمكن استخدام هذه الموجات الترددية من خلال جهاز كشف الترددات وذلك للتعرف ولتحديد الأنواع المختلفة من الخفافيش في تلك المنطقة.

صحة الموائل الطبيعية

وحول تلك الخفافيش يقول سالم بن نصير الربيعي مدير دائرة الشؤون البيئية بمكتب حفظ البيئة بصلالة : «ان الخفافيش هي كائنات حية مفيدة، وفي كثير من الأحيان يساء فهمها على أنها مخلوقات ضارة ومؤذية. فعلى عكس ذلك فهي كائنات حية صديقة للإنسان والحيوان وللبيئة، كون العديد من النباتات تعتمد عليها لتلقيح الزهور، والبعض الآخر لنشر بذورها. كما أنها تتحكم في الآفات وتقضي على الحشرات الضارة بالمحاصيل الزراعية وبالإنسان. عليه يعتبر وجود الخفافيش في بيئة ما بأنها مؤشر مهم على صحة الموائل الطبيعية».

ويضيف الربيعي : «وعلى الرغم من وجود أكثر من 25 نوعاً من الخفافيش في سلطنة عمان، إلا أنها بقيت تحت إدارة الصون المستمر دون المساس بها. ويأمل مكتب حفظ البيئة أن يشمل هذا المسح تدريبا ميدانيا لمراقبي الحياة البرية بالمناطق في محافظة ظفار، للحفاظ على هذه المجموعة من الثدييات التي وجدت في جميع أنحاء السلطنة وتؤدي الخدمات الأساسية البيئية للإنسان والطبيعة».

هذا ويعرب فريق مسح الثدييات الصغيرة بمكتب حفظ البيئة والخبراء العاملين بمعهد هاريسون بالمملكة المتحدة عن بالغ امتنانهم لدعم مكتب وزير الدولة ومحافظ ظفار، وسلاح الجو السلطاني العماني. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن الخفافيش لا ينبغي التعامل معها إلا من قبل الموظفين المؤهلين ومن لديهم التصاريح اللازمة من وزارة البيئة والشؤون المناخية.