mohammed
mohammed
أعمدة

شفافية: وسائل التواصــل الاجتماعي وأســواق المــال

17 أكتوبر 2017
17 أكتوبر 2017

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

تشهد وسائل التواصل الاجتماعي من حين لآخر نقاشات عديدة لتحركات الأسهم بسوق مسقط للأوراق المالية خاصة مجموعات “الواتساب” التي تضم أطيافا متنوعة من أفراد المجتمع الذين يسعون إلى تفسير أسباب ارتفاع هذا السهم أو ذلك والأسباب التي تدفع سوق مسقط للأوراق المالية للارتفاع أو الهبوط.

ورغم أن هذه المجموعات تسعى للاقتراب أكثر من فهم الأسباب التي تدفع الأسهم نحو الصعود أو الهبوط إلا أننا نجد أنها قد تساهم - ودون قصد - في صعود أسهم معينة أو هبوطها دون أي مسوّغ لهذه التحركات سواء على صعيد أداء الشركات والقطاع الذي تعمل فيه أو بياناتها المالية، وبالتالي فإن بعض المستثمرين الذين يشترون أو يبيعون أسهمهم نتيجة للنقاشات التي تشهدها هذه المجموعات قد يتعرضون لخسائر جسيمة خاصة إذا لم يقرأوا النتائج المالية للشركات ولم يتحدثوا إلى المحللين ويستمعوا إلى آرائهم وتحليلاتهم عن المراكز المالية للشركات التي يستثمرون فيها.

إن أسواق الأوراق المالية تعتبر من أكثر الاستثمارات تقلبا ومن أكثرها حساسية تجاه أي أخبار إيجابية أو سلبية، ونود هنا التوضيح أنه في الوقت الذي تحقق فيه مجموعة من المستثمرين أرباحا طائلة قد تكون هناك مجموعة أخرى تتعرض للخسائر، وهذا ما يحدث بالفعل عندما تشتد “المضاربات” على سهم معين أو تكثر الإشاعات والتكهنات عن هذه الشركة أو تلك، وكثيرا ما لا تظهر نتائج هذه التحركات إلا في الأزمات الكبرى التي تدفع الأسهم لهبوط شديد وبشكل متتال ولعدة أيام أو أسابيع.

وحتى يتغلب المستثمرون على هذا التحدي فإن عليهم أن يقرأوا النتائج المالية بشكل جيد ويستشيروا المحللين المتخصصين، كما أن عليهم ألا يستثمروا إلا الأموال الفائضة عن حاجاتهم بحيث لو تراجعت أسعار الأسهم في فترة ما لا يضطرون إلى البيع مباشرة للحصول على السيولة وإنما يمكنهم الانتظار حتى تتعافى الأسواق ولو تطلب الأمر الصبر عدة أسابيع أو أشهر.

كذلك فإنه من المهم أيضا أن يكون الهدف الرئيسي للاستثمار في قطاع الأوراق المالية هو الحصول على الأرباح التي توزعها الشركات في نهاية سنتها المالية وليس المضاربة للحصول على عائد سريع من الأسهم التي تصعد فجأة. قد يحقق “المضارب” أرباحا سريعة إلا أنه قد يتكبد خسائر كبيرة لا يمكنه تعويضها حتى ولو انتظر عدة أشهر أو سنوات.

هذه الحقائق علينا أن نضعها نصب أعيننا ونحن نتابع ما تشهده وسائل التواصل الاجتماعي من نقاشات أو آراء بشأن أسعار الأسهم وتحركات الأسواق، فكثير من هذه الآراء قد تكون شخصية ولا تستند إلى المركز المالي للشركة ودورها في الاقتصاد وأداء القطاع الذي تعمل فيه. علينا أن نستفيد من كل الآراء التي يتم طرحها ولكن لا ينبغي أن تكون أساسا لشراء الأسهم أو بيعها، فأسواق الأسهم - كما هو معروف عنها - تتقلب بسرعة ولديها حساسية مفرطة لكثير من الأحداث الاقتصادية على المستويين المحلي والخارجي، وكثيرا ما نجد هذا الوسيط يشتري السهم اليوم بكثرة ويطلبه بسعر مرتفع يدفعه إلى الصعود ثم خلال أقل من شهر قد يعرض تلك الأسهم إلى البيع بأسعار متدنية دون أن يكون هناك سبب واضح لما فعله في الحالتين.

وهكذا فإن الاستثمار في أسواق الأوراق المالية يتطلب الكثير من الصبر والنظرة بعيدة المدى التي تنظر إلى السهم على أنه أصل من أصول الشركة وليس مجرد ورقة مالية تصعد مع صعود الأسواق وتهبط مع هبوطها.