كلمة عمان

ضـرورة التعـاون الدولـي لمكافحـة الإرهـاب

16 سبتمبر 2017
16 سبتمبر 2017

مما لا شك فيه أن التنظيمات الإرهابية التي تعمل في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها تنظيم (داعش) والتي تتعرض لضغوط كبيرة، وهزائم تدفع بها إلى الانحسار والتقلص، خاصة في العراق وسوريا، تحاول التنفيس، أو محاولة التعويض، أو الرد بشكل أو بآخر، من خلال عمليات إرهابية صغيرة ومتفرقة، ولكنها متعددة ومنتشرة، ومنها على سبيل المثال، ما حدث في كل من العاصمة البريطانية لندن، وفي العاصمة الفرنسية باريس أمس الأول، في توقيت متقارب إلى حد كبير.

ومع الوضع في الاعتبار أن الحادثين الإرهابيين اللذين حدثا في مترو الأنفاق في لندن، وفي إحدى محطات القطارات في باريس يشيران- بحكم طبيعتهما ومحدودية تأثيرهما- إلى تهافت العناصر الإرهابية، ورغبتها في ارتكاب أي عمل يثير الانتباه ويسلط الضوء عليها، ويؤكد وجودها، حتى ولو كان استخدام مجموعة مواد كيماوية لأحداث حريق محدود في إحدى عربات مترو الأنفاق في لندن، أو محاولة طعن شرطي في محطة قطارات بباريس، إلا أن وقوع تلك الحوادث في حد ذاتها، لا يتطلب فقط تأكيد الوقوف إلى جانب بريطانيا وفرنسا، وكل الدول التي تتعرض لأعمال إرهابية، أيا كان نوعها أو حجمها، عربية كانت أو غير عربية، وهو ما أكدته وتؤكده السلطنة دوما، بحكم موقفها المبدئي ضد كل أنواع الإرهاب، مهما كان نوعه أو دوافعه وأسبابه، ولكنه يتطلب أيضا ضرورة العمل الجماعي، الحقيقي والجاد وعلى أوسع نطاق ممكن، من أجل مقاومة هذه الظاهرة البشعة، وتحقيق درجة عالية وملموسة من التعاون بين الدول المختلفة، في المنطقة وخارجها، لمكافحة الإرهاب، واقتلاعه من جذوره، وبالطبع تجفيف منابعه ومصادر تمويله، وقطع كل وسائل الدعم اللوجستي له، بقدر الإمكان، حتى تثمر تلك الجهود، وتؤدي إلى إنهاء تلك التنظيمات ووقف أنشطتها، التي تروع الآمنين، وفي أسرع وقت ممكن أيضا.

وفي ظل استمرار الجدل، وتباين وجهات النظر، على مستويات عدة، حول تعريف الإرهاب، وكذلك حول التنظيمات الإرهابية، باستثناء الاتفاق الواسع حول عدد منها، ومنها (داعش) بالطبع، فلعل الاجتماعات التي بدأت للدورة العادية الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والتي تحظى باهتمام دولي واسع النطاق، حيث يشارك فيها مسؤولون رفيعو المستوى، بما في ذلك رؤساء دول ورؤساء حكومات ووزراء خارجية وكبار مسؤولين في العديد من الدول، لعل هذه الاجتماعات، وبمستواها الرفيع، تنجح في تحقيق نوع أكبر من التوافق بين الدول، ليس فقط حول المفاهيم، ولكن الأهم حول سبل ووسائل مكافحة الإرهاب، بكل أشكاله، والعمل على وضع حد له، وهو ما تتطلع إليه الكثير من الدول والشعوب، إن لم يكن جميعها، سواء التي اكتوت، أو تكتوي بنيرانه، أو تلك التي لا تزال بعيدة، وتعمل جاهدة على إبعاده عنها بكل السبل الممكنة، وفي مقدمتها مكافحته والعمل على اقتلاع جذوره.