أفكار وآراء

قرار ترامب الكبير في سوريا !!

13 سبتمبر 2017
13 سبتمبر 2017

ديفيد إجنيشس -

ترجمة قاسم مكي -

واشنطن بوست -

فيما يتعجل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة تنفيذ حملته لتدمير المعاقل المتبقية لداعش في سوريا، تواجه إدارة ترامب وجوب اتخاذ قرار كبير حول المستقبل. فهل سترغب في الحفاظ على بعض القوات داخل سوريا للمساعدة في بسط الاستقرار هناك بعد هزيمة المتطرفين، أم تريد حزم حقائبها والعودة إلى الديار؟ تماثل هذه المعضلة على نحو يبعث على الفزع ما كان قد واجهه الرئيس باراك أوباما في العراق عام 2011. فالأخطار والمنافع متشابهة في الحالين. لقد عبر الرئيس ترامب مثل سلفه أوباما عن شكوكه تجاه (جدوى) الحروب الأمريكية الدائمة في الشرق الأوسط. ولكنه يعلم أيضا أن سحب القوات الأمريكية من القواعد شرق الفرات يمكن أن يوجد فراغا قد يطلق مذبحة عرقية وحروبا إقليمية بالوكالة، وموجة جديدة من عنف المتطرفين. ويبدو المسؤولون العسكريون والمدنيون الأكثر التصاقا بالسياسة الأمريكية السورية مقتنعين بأن على أمريكا الإبقاء على بعض الوجود هناك، ربما نحو أقل من 1000 فرد من قوات العمليات الخاصة لمواصلة تدريب ونصح (وأيضا كبح جماح) المليشيا الكردية السورية التي ظلت شريكا رئيسيا للولايات المتحدة ضد داعش. ولكن هذا التحالف الأمريكي مع الأكراد إشكالي داخل سوريا وخارجها.

وتبدو الخارطة السياسية لسوريا حتى الآن مثل غطاء لحاف مشكل من قطع متنوعة. ( فهي موزعة إلى ) نطاقات مختلفة تسيطر عليها جماعات متنافسة مع رعاتها. إذ تهيمن الولايات المتحدة مع شركائها الأكراد على شرق نهر الفرات ويسيطر النظام السوري مع حلفائه الروس والإيرانيين على الوسط السوري الشاسع فيما تحكم القوات التي تدعمها تركيا قبضتها على الشريط الممتد على طول الحدود الشمالية. كما هدّأت اتفاقية أردنية - روسية لمنع وقوع حوادث عسكرية غير مقصودة بين الطرفين من الأوضاع في الجزء الجنوبي الشرقي. إن قلة من المحللين هي التي تتوقع إمكانية إعادة توحيد سوريا بواسطة الرئيس بشار الأسد. لذلك سيتم تقسيم البلد في المستقبل المنظور إلى مناطق النفوذ المذكورة انتظارا لعملية انتقال سياسي يمكنها إعادة تأسيس الشرعية والسلطة لحكومة جديدة في دمشق. القطعة الأمريكية في لعبة اللغز هي منطقة شرق الفرات. فالمليشيا الكردية السورية المعروفة باسم وحدات حماية الشعب، والتي تقدم لها قوات نخبة أمريكية المشورة وتساندها الولايات المتحدة بقواتها الجوية اكتسحت هذه المنطقة في الأعوام الثلاثة الماضية. ومن المتوقع أن تستولي على الرقة خلال حوالي ستة أسابيع. لقد جند الأكراد، مع تقدمهم العسكري، حلفاء عربا سنيين في تحالف أوسع يعرف باسم قوات سوريا الديمقراطية. لدى هذا التحالف العسكري الوقتي الذي أنتج قوات سوريا الديمقراطية نقاد عديدون. فالمعارضة السورية التي يهيمن عليها السنة تخشى من أن المقاتلين الأكراد يريدون تأسيس دولة مستقلة. وتنظر إليهم تركيا المجاورة كإرهابيين. لكن النجاح في أرض المعركة يولد زخمه السياسي الخاص به. فمع تقدم الولايات المتحدة وقوات حماية الشعب بدأت تظهر نزعة محاكاة (ركوب للموجة.)فجماعات المعارضة السورية تبدو الآن متلهفة للقتال إلى جانب القوات التي يقودها الأكراد تحت القيادة العامة للولايات المتحدة.

لقد عبر عن هذا الاستعداد الجديد للعمل إلى جانب الأكراد رياض حجاب، رئيس تحالف المعارضة السورية المعروف باسم الهيئة العليا للمفاوضات. فقد قال في مقابلة معه مؤخرا إن مؤيديه يريدون محاربة داعش والجماعات الإرهابية الأخرى مع قوات حماية الشعب «إذا ظللنا نقاتل باستقلال وفي جبهات منفصلة.» وزعم حجاب أن ما يصل إلى 5000 من أفراد قوات المعارضة السنية سيكونون على استعداد للانضمام إلى الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية لتحرير دير الزور، وهي المدينة الكبيرة التالية في وادي الفرات جنوب شرق الرقة. فجماعات المعارضة السنية، كما يظهر، تفضل التحالف مع الأكراد على نظام الأسد. المسؤولون الأمريكيون سعداء برغبة حجاب وقادة المعارضة الآخرين في الانضمام إلى القتال في وادي الفرات. ولكنهم يقولون إن المجندين الجدد غير مهيئين لخوض قتال حامي الوطيس. وقالوا من المؤكد تقريبا أن تسقط دير الزور في يد حوالي 10 آلاف جندي من قوات النظام السوري موجودين أصلا في المدينة وانضمت إليهم قوات أخرى تتحرك الآن إلى الشرق بإسناد روسي وإيراني. يثير الوجود الإيراني قلق المسؤولين الأمريكيين ولكنهم يقولون ان سيطرة النظام على دير الزور قد تكون حتمية. ويقول القادة الأمريكيون ان الجائزة الإستراتيجية الحقيقية توجد إلى الجنوب. فهم يرون أن قوات سوريا الديمقراطية (ومعها أية قوات عربية أخرى مستعدة للقتال) تتطلع بمجرد تأمين الرقة إلى التقدم ناحية أدنى وادي الفرات جنوب دير الزور. وتأمل الولايات المتحدة في أن تساعد القوات العراقية عبر الحدود في التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة.

ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ سيعتمد هذا جزئيا على بقاء أو عدم بقاء المستشارين العسكريين الأمريكيين في شرقي سوريا. ويقول المسؤولون انهم إذا ظلوا هناك سيمكنهم لجم طموحات الأكراد في الاستقلال وتشكيل رادع يحول دون تدخل الأتراك وتشجيع المعارضة السنية على العمل مع كل الأطراف. ويقول حجاب ان الوجود الأمريكي في المستقبل «سيكون ضروريا.» ولكن ماذا إذا غادر الأمريكيون بسرعة ؟ لقد سبق لنا أن شهدنا هذا الفيلم من قبل. (ما ترتب عن مثل هذا الانسحاب في الماضي كما في تجربة العراق- المترجم.)