1083745
1083745
تحقيقات

الحلاقون... الدفع حسب المزاج والأدوات المستعملة حسب طلب الزبون

05 سبتمبر 2017
05 سبتمبر 2017

أماكن غير ملائمة لبيئة العمل ومعدات مستخدمة لا تعرف طريقها للتعقيم !

أحمد بن علي الذهلي -

قائمة طويلة تضم أسعارا مختلفة لقصات الشعر، يتم ضرب بما فيها عرض الحائط، وأدوات الحلاقة بعضها لم يعرف منذ بداية مشواره في العمل طعم التعقيم، أو النظافة بمعناها الحقيقي.

محلات تنتشر هنا وهناك، بعض الممارسين للمهنة يتعلم أصولها بعد مضي أشهر من وصوله إلى السلطنة، وكأنه يتعلم أبجديات المهنة في رؤوس الزبائن، الأسعار يتم تحديدها من خلال نظرة الحلاق إلى هيئة الزبون.

بعض الحلاقين يتفنن في وضع بصماتهم في رؤوس الزبائن ولحاهم، لكن شريحة منهم لا يراعون الله في الأدوات التي يستخدمونها،فقط في أذهانهم اعتقاد راسخ بأن مهنتهم هي الربح الوفير، والسرعة في إنجاز المهمة هي مطلب لكثير من الزبائن في الوقت ذاته الجوانب الصحية غير مهمة أو لا تندرج في أولوياتهم، وعند السواد الاعظم منهم « للأسف غائبة»، تنتفض فرائص الحلاقين في لحظات معدودة، خاصة عندما يلوح في الأفق ظل موظف البلدية المختص بالمراقبة الصحية على المحلات،رغم الجهود التي تبذلها البلديات إلا أن إحصائيات المخالفات تتحدث عن نفسها.

وقت طويل استغرقناه في إعداد هذا التحقيق، عقبات عدة وقفت حجر عثرة في طريقنا، جزء منها يتعلق برصد جانب من الإهمال في محال الحلاقة، وحين وقفنا على لب المشكلة، لم نستطع تصويره، فالحذر كان سمة الحلاقين، منذ البداية توجسوا من آلات التصوير فرفضوا السماح لنا بالدخول، وكأن الصور سوف تكشف جزءا من وجه قبيح لا يود بعض الحلاقين إظهاره للمجتمع، ونحن على ثقة بأن القارئ سوف يصدم من الحال الذي وصلت إليه بعض تلك المحلات سواء من الكراسي المتهالكة التي يجلس عليها الزبائن والتي توضح أنها بحاجة إلى تجديد أو صيانة بعضها والبعض الآخر مصيره إلى صناديق القمامة. وبالمقابل،حتى نكون أكثر إنصافا وحيادية، هناك الكثير من المحال التي يطبق أصحابها الاشتراطات واللوائح التي تفرضها البلديات سواء في محافظة مسقط أو في بقية ولايات ومحافظات السلطنة، والتي تستحق الإشادة بها وبجهود أصحابها.

نقطة مهمة أوردها رد بلدية مسقط وتتمثل في الخط الساخن الذي لم يسجل أي بلاغات من قبل الزبائن تجاه محلات الحلاقة،لكن أرقام المخالفات تكشف جزءا من الأخطاء التي يرتكبها الحلاقون.

في هذا التحقيق نرصد عددا من ملاحظات الزبائن، وأيضا ننشر ردا وصلنا من بلدية مسقط في هذا الموضوع الحيوي.

مستوى خدمة متواضع

في البداية يتحدث خالد المعشري قائلا:قد يستهين البعض بالخطر الذي قد يسببه تلوث أدوات الحلاقة، واحتمالية انتقال الأمراض ما بين الزبائن،خاصة في ظل غياب ضمير الممتهنين في هذا العمل، وتشكل الرقابة التي تمارسها البلدية والأجهزة التابعة لها طرفا احادي الجانب والطرف الآخر هو الزبون أو المستهلك الذي يجب أن يقف عند أي مخالفات يرصدها سواء في نظافة المعدات أو المكان ومدى ملاءمته لبيئة العمل.

وردا على سؤال حول السر في إقبال الكثير من الزبائن على المحلات الرخيصة سعرا والأضعف في مستوى الخدمة والنظافة أجاب المعشري قائلا: قبل كل شيء يجب أن نعي نقطة مهمة للغاية،وهي أن مستوى دخل بعض الزبائن تمنعه من دخول محلات حلاقة التي يتقاضى العامل فيها نحو 5 ريالات وما فوق في كل زيارة لمحل الحلاقة، خصوصا إذا كان الزبون لديه أعباء أو مجموعة من الالتزامات المترتبة عليه، وبالتالي تكون أحد الأسباب التي تأخذ بيد البعض نحو القبول بمستوى خدمة متواضع أو لنقل ضعيفا مشيرا إلى أن من بين العوامل الأخرى هو البعد المكاني لمحل الحلاقة، فالبعض يفضل الذهاب إلى المحل القريب أو المحيط بالسكن الخاص به، والبعض الآخر من الزبائن يحاول أن ينتهي من عند الحلاق بسرعة كبيرة، ولا غرابة أن تشاهد بعض الزبائن ينتقل من محل إلى آخر ليتجنب الازدحام دون أن يضع الامور الصحية في الحسبان.

الخوف من المفتشين

أما ناصر بن عبدالله الجهوري يتحدث عن ضعف مستوى النظافة في العديد من محلات الحلاقة حيث يقول: بعض المحلات تفتقر إلى التنظيم، فتجد أدوات الحلاقة مبعثرة، وأرضية المكان غير لائقة، أضف إلى ذلك أن بعض الحلاقين لا يستخدمون شفرات الحلاقه ذات الاستخدام الواحد والذي أكدت عليه البلدية، بحجة أن الزبون لم يطلب هذه النوعية من الشفرات،وأيضا بعض الأدوات المستخدمة غير معقمة مثل المقص وشفرات الحلاقة والفرش وغيرها، رغم أن جهاز التعقيم لا يزال بصورته الأولى وكأنه لم يتم استخدامه، وإنما الغرض من وجوده هو للزينة أو لتجنب الحصول على مخالفة من المفتشين أضف إلى ذلك أن البعض لا يزال يستخدم فرشاة الحلاقة وهي في الغالب تتجمع بداخلها الميكروبات والجراثيم.

وأضاف: أصبح الكثير من الحلاقين يعرف هيئة المفتشين،وبالتالي يحاول أن يقدم أفضل ما عنده من أدوات،وأيضا يهيئ المكان بالشكل اللائق،وعلى النقيض من ذلك تجد أن بعض الحلاقين هيئته غير لائقة من خلال الملابس التي يلبسها أو من الروائح التي تنبعث منه.

عدم الالتزام باللوائح

يشير إبراهيم بن محمد البلوشي في حديثه إلى أحد الأمور التي شاهدها في أحد المحلات التي زارها سابقا قائلا: بعض الحلاقين يضع الأسعار من رأسه،ولا يلتزم باللائحة المعلقة في المحل بحجة غير منطقية ، ويستغل في كثير من الأحيان جهل الزبائن، خاصة الأطفال أو طلبة المدارس، ويطلب ضعف المبلغ المكتوب في اللائحة،وبعضهم يوضح أن السعر المرتفع نظير الخدمة ، وكأن الخدمة الأقل تكون بالمجان.

واستطرد قائلا: دعونا نكون أكثر صراحة ووضوحا، فالمحلات تنتشر في الولايات والمحافظات كالنار في الهشيم ، ولا أتصور بأن جميع البلديات لديها العدد الكافي من المفتشين لتغطية جميع المحال الموجودة، فالزيارات على محلات الحلاقة يمكن أن يكون في الشهر مرة واحدة، وبالتالي فإن فرص التلاعب تكون أكبر، لكن المسؤولية ليست فقط ملقاة على عاتق مفتشي البلديات ، وإنما أيضا المواطن أو لنقل الزبون الذي يرتاد تلك المحلات يتحمل جزءا من المسؤولية، خاصة وأننا اصبحنا نعيش في عالم مليء بالتحديات وتحديدا فيما يتعلق بالنظافة الشخصية وانتقال الأمراض عبر استخدام الأدوات غير المعقمة أوالنظيفة.

انتقال الأمراض

يرى خلفان العامري أنه من الضروري جدا زيادة الجرعات التثقيفية لدى جميع فئات المجتمع، وكيفية انتقال الأمراض المعدية و الوبائية مثل الكبد الوبائي بأنواعه وغيرها من الأمراض الخبيثة كنقص المناعة المكتسبة (الأيدز)، وأن يعي الكل كافة الجوانب التي قد تضر بحياة المستهلكين ولا يتردد مطلقا في الإبلاغ عن أي تجاوزات لأن ما تدفعه في محل الحلاقة لا يوازي شيئا بالذي قد تدفعه عند حدوث مكروه -لا قدر الله - وأضاف: يرى البعض أن الحل الناجح لإشكالية انتقال الأمراض تتمثل في تخصيص كل زبون أدوات الحلاقة الخاصة به وعندما يريد أن يقوم بالحلاقة يستخدمها في المحل حتى يضمن بأنها نظيفة وصالحة للاستخدام وفي الوقت نفسه تكون آمنه مشيرا إلى أن الكثير من محلات الحلاقة التي توجد في الولايات والمحافظات عليها الكثير من الملاحظات خاصة تلك التي توجد في القرى أوالأحياء الصغيرة والبعيدة عن مركز الولاية التابعة لها.

مستوى الجودة منخفض

أما عادل بن يوسف البلوشي فيلتقط خيط الحديث ويشاطر زملاءه السابقين الحديث مؤكدا على أهمية توخي الحذر عند استخدام أدوات الحلاقة، مشيرا إلى أن بعض الزبائن يرفض استخدام أدوات الحلاقة ذات الاستخدام الواحد بحجة أنها اقل مستوى من الجودة وأنها من النوع الرديء ولا يفي بكافة أمور الحلاقة ويؤذي البشرة ويحدث بها تجرحات مقارنة بالشفرات العادية التي تباع في الأسواق مطالبا البلدية باختيار أنواع أكثر فاعلية وإلزام المحلات باستخدامها.

أما سالم الفارسي من محافظة مسقط فيرى أن عدم تسجيل شكاوى لدى الخط الساخن التابع للبلدية يرجع إلى صفة التسامح التي يمتاز بها العمانيون خاصة فيما يتعلق بقطع الأرزاق وبالتالي يضع المسؤولية كاملة أمام المفتشين كونهم الجهة المسؤولة عن رصد المخالفات.