1101312
1101312
الاقتصادية

التفتيش الذاتي يُســهم فـي حمــاية الأســواق مــن التلاعبــات والمســتهلكين مـن الوقــوع فــي الغـش

05 سبتمبر 2017
05 سبتمبر 2017

يلعب المفتشون دورا كبيرا ومحوريا في كشف التلاعبات التي تحدث في الأسواق، وجعلها خالية من التضليل والغش، بما يُعزز البيئة التنافسية، ويشجّع على الممارسات الصحيحة التي تُحافظ على صحة المستهلكين، وتقدّم لهم الخدمة والمنتج بصورة سليمة، لكنّ جهود المفتشين الكبيرة تصطدم أحيانا بعقبات قد تحدّ من أعمالهم، أو تجعل المُخالِفين بعيدين عن أعين الرقابة، الأمر الذي يستوجب معه تكاتف كل الجهود لترسيخ الثقافة التفتيشية لدى المستهلكين أو مزودي الخدمة بما يسهم في تحقيق التكاملية المنشودة لحماية الأسواق وضمان سلامتها من التلاعبات. صفحة (المستهلك) لهذا الأسبوع تسلط الضوء على كيفية ترسيخ التفتيش الذاتي لدى المستهلكين وأيضاً مزودي الخدمة، وما المطلوب من جميع الأطراف للوصول إلى هذه التكاملية؟

في البداية يقول حميد بن سعيد العامري ـ مستهلك- بأن الكل حماية للمستهلك، والكل جدار عازل للغش التجاري، فلماذا لا يعملون كمستهلكين على فهم ودراسة خطوات التعرف على الغش التجاري، ولماذا لا يدركون ما هي الخطوط الحمراء التي يقف الجميع معها ولا يتجاوزونها لحماية أولادهم وأنفسهم، فهناك خطوات تفصلهم ليكونوا جداراً عازلاً وليدركوا أنهم المستهدفون والقادرون على توقيف أي تجاوزات قد تحدث ضدهم كمستهلكين مؤكداً على أهمية تنظيم الحلقات والمحاضرات في المساجد والمجالس والبيوت وجعلها ركيزة من الوعي ليفهم بأنه هو القادر على تغيير حاله.

وذكر العامري بأنه يُحكى في الزمان القديم أنه من غش الناس نبذته الناس وجعلت منه الحديث والحدث وقاطعته جميع الفئات من المجتمع، وعند الدخول لتلك الأسواق تجد نفور الناس عن استهلاك سلعته والنفور عن ذلك المحل المعمول بالطين فلم يكن يتزين بنقوش وديكورات لكنه كان يتزين بسمعة وأخلاق صاحبه والكم الكبير من الوعي والفهم من المستهلك في ذلك الزمان، ولو نقف قليلا لوجدنا أن التعليم مقتصر على الكم البسيط من الناس لكنّ الفطرة البشرية بداخلهم كانت يقظة وفي أعلى القمم من الخوف من الغش التجاري، وهنا نفهم أنه رغم التقدم في العلوم والتقنيات إلا أن الفهم الاستهلاكي لا يزال بسيطا فيجب أن نحاسب أنفسنا ونعاتب حالنا ونقف مع هذا الحساب ونرجع لصفحات دفاتر أيامنا لنجعلها جديدة بفكر مستهلك له أسس ومبادئ ونقول كلنا لا للغش في الاستهلاك ونحن نستحق الأفضل لنا وللجيل القادم.

وأضاف ان الجهود التي تبذلها هيئة حماية المستهلك لكشف التلاعبات في الأسواق ملموسة وواضحة، إلا أن اليد الوحيدة لا تحدث إلا صوتاً في الجدار وعندما تتحد اليد اليمنى مع اليسرى سيحدث التغيير بشكل تدريجي، وبالتالي يتطلب ذلك إسهامًا من المستهلك نفسه مع هذه الجهود.

المستهلك خط الدفاع الأول

ويرى حامد بن سعيد الجابري- مستهلك- بأن من الواجب على المستهلك أن يكون بالمقام الأول هو -المفتش الأول أو خط الدفاع في الحد من التلاعب بالأسعار والغش التجاري، وذلك على الرغم من أنه لا يخفى على الجميع دور الهيئة في كشف التلاعبات في الأسواق لكنّ المسؤولية الأكبر تقع على المستهلك وبصفته هو من يقوم في المقام الأول بالتعامل مع تلك المؤسسات والعروض التجارية موضحاً بأنه ومن تجربته كمستهلك قام بتفتيش عدد من السلع قبل الشراء والتي تثير بعض الشكوك حولها وبالفعل قام بإبلاغ الهيئة في بعض التجاوزات التي رآها شخصيا، وكان آخرها التلاعب في تاريخ الأدوية لإحدى العيادات البيطرية.

ويشير الجابري إلى أن من إيجابيات تفتيش السلع قبل الشراء الحد من ظاهرة التلاعب بالأسعار والغش التجاري وتاريخ الانتهاء والصنع وهو ما يسهم في تجنب الوقوع في أي ضرر جراء ذلك التلاعب. ويؤكد الجابري أن من الواجب على جميع المستهلكين الإبلاغ عن جميع حالات الغش التجاري بمختلف أنواعها وذلك للإسهام في وجود بيئة تجارية خالية من مخاطر هذه الآفة التي تعود سلباً في إنهاك صحة البشر ، كما أن من واجب الهيئة وجميع الجهات المختصة إشراك المستهلك في جهودها المباشرة وذلك من خلال تشكيل فرق متابعة من المواطنين أنفسهم ممن لهم النزاهة لتعقب حالات الغش التجاري،وجهود غير مباشرة كحملات التوعية للمواطنين سواء في إقامة المحاضرات التوعوية أو من خلال الزيارات الميدانية إلى القرى والمساكن.

ويذكر ياسر بن عوض النخيلي ـ مستهلك ـ أن السلوكيات التي يتبعها أثناء تسوقه هي فحص البضاعة والنظر لتاريخ الإنتاج والانتهاء إذا كانت من المواد الغذائية، وكذلك مقارنة السعر مع محلات أخرى إذا كانت البضاعة غير غذائية كمواد البناء مثلا والبحث عن السعر الأفضل، مضيفاً بأنه يعمل على تفتيش السلع خوفًا من الغش وبخاصة في موسم العروض والتنزيلات، كما أنه يقوم بالتأكد من جودة البضاعة.

ويقول النخيلي بأنه يجب على المستهلك التعاون مع هيئة حماية المستهلك والتبليغ عن التلاعبات التي يشاهدها في الأسواق، وعدم غض الطرف عنهم كي لا يقع المستهلكون ضحية لهم. كما تمنى من الهيئة توعية المستهلك بحقوقه بشكل مستمر، وكذلك نشر القضايا في وسائل الإعلام لتحذير الناس من الشركات المتلاعبة من أجل ردعهم عن القيام بمثل هذه التصرفات في المستقبل.

ثقافتان لدى المستهلك

ويؤكد يحيى بن خميس البحري-مستهلك- بأنه علينا كمستهلكين أن يكون لدينا ثقافتان هما الثقافة القانونية والثقافة الصحية والاستهلاكية، فبمعرفته للقوانين يستطيع المستهلك التمييز بين ما يُعد تصرفا مخالفا وما لا يعد كذلك، كما لابد له من أن يُدرك كيفية التعامل الصحيح مع المخالفات التي يجدها، وبالثقافة الصحية يستطيع التمييز بين المنتجات الصالحة وغير الصالحة، ومن المهم كذلك الانتباه لطرق الغش المتنوعة، والسؤال عنها وقراءة التنبيهات التي تصدرها البلديات وحماية المستهلك والتأكد منها، وبعد ذلك تأتي أهمية المبادرة بالإبلاغ للجهات المختصة، فللأسف قد يرى بعض المستهلكين المخالفات لكنهم لا يبادرون بالإبلاغ عنها لأسباب كثيرة، منها عدم الرغبة في الانشغال بالبلاغ ومتابعته وغيرها من الأسباب.

ويوضح البحري السلوكيات التي يتخذها أثناء التسوق قائلا: أنظر لتغليف البضاعة هل هو محكم أو متلاعب به، وشكلها الخارجي، فالبقوليات المعلبة مثلا تتعرض لتسرب مواد ضارة من المعدن إن تعرضت العبوة المعدنية للصدمات، وكذلك من المهم النظر لتاريخ الإنتاج وتاريخ الانتهاء. والانتباه للمكونات فمن المهم شراء المواد التي تحتوي على أقل كمية من الألوان والمواد الحافظة ومحسنات الطعم والنكهات والزيوت المهدرجة والزيوت الرديئة كزيت النخيل، وكذلك الانتباه للتنبيهات والتحذيرات الموحدة على العبوات كمعلومات الحساسية والمقدار المسموح باستخدامه، وطرق التعامل مع الأضرار الجانبية المحتملة وطرق الحفظ الصحيحة، وكذلك بالنسبة للأواني يجب الانتباه لنوعية البلاستيك الذي يصنف حسب أرقام دولية ذات خصائص معينة، كما ينبغي الاهتمام بالصفات الظاهرة كالرائحة والطعم والشكل بالإضافة لمقارنة الأسعار.

ويؤكد البحري أنه يفتش السلعة قبل شرائها لتجنب الأخطار الكثيرة المحتملة، ولاكتشاف طرق الغش المحتمل في السعر أو المواد الضارة التي قد توجد في البضاعة. كما يشير إلى أنه على المستهلكين تثقيف أنفسهم ثقافة قانونية وصحية واستهلاكية، والتواصل مع الهيئة عند وجود مخالفات أو حتى الشك في وجود تلاعب بالمكونات أو تاريخ البضاعة، وعلى الهيئة تسهيل وصول المستهلك إليها عبر أكثر من طريقة، ومن المهم نشر أرقام هواتف الهيئة وحساباتها في طرق التواصل، وعليها كذلك إجراء استطلاعات لمعرفة عوائق التواصل مع المواطنين -إن وجدت- فهذا يساعدها على التغلب عليها وإيجاد الحلول المناسبة لها، فلو كانت إجراءات الإبلاغ تأخذ وقتا طويلا سيتباطأ المستهلك بالإبلاغ، ومما قد يشجع المستهلك أن يرى آثار تفاعل المستهلكين وشكرهم بعرض نماذج من المواطنين ساعدت الهيئة في اكتشاف الغش التجاري، كما أن طرق الاحتيال الكبيرة قد يأتي البلاغ عنها من قبل موظفين في تلك الشركات، فإذا وفرت لهم الهيئة الحماية القانونية من تسريحهم من العمل أو إضرارهم من جهة عملهم فلا شك سيكون ذلك حافزا لهم للإبلاغ. ويختم قائلا: بما أن المستهلك يحتاج لثقافة استهلاكية وقانونية فعلى الهيئة أن تكثّف من التوعية بهذا المجال عبر وسائل الإعلام والتواصل بطرق مبسطة.

الإهمال تعريض للخطر

ويقول يحيى بن علي السليماني ـ مستهلك ـ بأنه كمستهلك يعمل عند التسوق على تسجيل السلع التي يكون بحاجة إليها في ورقة أو في الهاتف، ويقارن بعض السلع من حيث الدول المنتجة وتواريخ الإنتاج والانتهاء، والأسعار المعروضة، وينوّع المحلات التي يتسوق منها بين فترة وأخرى، ويؤكد بأنه أحيانا يفتش السلعة، قبل اختيارها وغالباً ما يكون التفتيش أثناء انتظار المحاسب، بهدف الاطلاع عليها، والتعرف على مكوناتها، والدول المنتجة لها، وتواريخ الإنتاج والانتهاء خصوصا السلع التي لا تدوم طويلا كالألبان و العصائر.

ويوضح السليماني أنه يفترض أن يكون المستهلك هو خط الحماية الأول لما يقتنيه من بضائع وسلع، فهو المستهلك، والمنتفع، وإهماله لهذا الدور قد يعرّض حياته أو أمواله للتلف، ولذلك عليه أن يتفطن لما يشتري، ويطلع على أبرز المعلومات المسجلة على السلع، وأن يسهم بنشر الوعي للآخرين، وأن يقدم ملاحظاته لأصحاب المتاجر أو المحلات، وأن يتواصل مع حماية المستهلك إن استدعى الأمر ذلك، متمنياً أن تواصل الهيئة حملاتها التوعوية المباشرة، وتستثمر مختلف وسائط التواصل، وأن تضاعف جهودها في حملات المتابعة الدورية والرقابة، وأن تنشر - صراحة - المحلات المتجاوزة للخطوط الحمراء المحددة قانونياً، وأن تنشر أيضاً ما تسفر عنه الضبطيات والتحقيقات والأحكام لتحقيق الردع العام والخاص، وأن توصل صوتها لصناع القرار لتغليظ بعض الأحكام القانونية فيمن يتهاون بصحة المستهلك وسلامته.

تكثيف التوعية

يتحدث إبراهيم بن محمد الجهضمي ـ صاحب مركز تجاري - قائلا بأنه على المستهلك أن يتابع تواريخ إنتاج البضائع وتاريخ انتهائها، وكذلك مقارنة الأسعار بين مركز وآخر، موضحًا بأن السلع تختلف فالبعض منها يمكن للمستهلك أن يقوم بتفتيشها وانتقائها مثل الخضار والفواكه لمعرفة مدى صلاحيتها، أما بعض السلع المغلفة فليس بالإمكان تفتيشها، ولا يستطيع المستهلك إلا أن يتابع تواريخها.

ويؤكد الجهضمي على أهمية أن يقوم المستهلكون بتوصيل المعلومة عن المحلات المخالفة عبر القنوات المتاحة لهم فالآن وبعد انتشار التقنيات الحديثة أصبح توصيل المعلومة الموثقة بالصور أمرًا سهلًا.

من العادة إلى الثقافة

ويرى بدر بن سالم العبري - باحث في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية - بأن المستهلك يكون مفتشا بتحقيق بعدين هما حضور الوعي الاستهلاكي لدى الأفراد بتحول الاستهلاك من عادة يومية إلى ثقافة يمارسها المستهلك ومنها يعرف حقوقه الاستهلاكية، وثانيا تحقيق البعد الجماعي أو المجتمعي لأن المستهلك عندما ينطلق من الجماعة يكون حافظا لهذه الجماعة ومن هنا عندما يمارس دور المفتش هو لا يحفظ نفسه وأولاده فقط وإنما يحفظ أبناء مجتمعه جميعا. كما أوضح بأن من أهم السلوكيات التي يجب على المستهلك اتباعها هي معرفة المواد الاستهلاكية الصحية من الضارة، والمواد التي تتضمنها وتاريخ الانتهاء ومكان الصنع مع قيمتها السوقية ومكان وضعها ونظافة المكان داخلاً وخارجاً ونظافة العامل أيضاً فهذا حقه، وكذلك لا بد من تفتيش السلعة قبل الشراء فهذا حق وواجب لأنه حفظ لسلامة الذات والأسرة ثم المجتمع.

ويوضح العبري أن التعاون مع حماية المستهلك يتمثل أولاً في إدراك أن هذه الجهة حق لكل مواطن التواصل معها وأنها وضعت للجميع والتعاون معها حفظ لحقه وللوطن جميعا بمن فيه، وعليه لا بد من الاطلاع على القوانين الحافظة للحقوق التي أصدرتها حماية المستهلك ونشر هذه الثقافة بالتعاون مع هذه الجهة من خلال مرشديها حيث يتم نشر هذه الثقافة في النوادي الرياضية والثقافية والمجالس الأهلية والمجتمع المسجدي وأماكن التربية كالمدارس مع الاستفادة من منشورات الهيئة، وبهذا يتحقق الوعي العام الذي ينمو يوماً بعد يوم حتى يتحول إلى سلوك وعادة مجتمعية حسنة ثم يكون كل واحد من نفسه قدوة استهلاكية في المجتمع.