salim
salim
أعمدة

إضاءة : إطلالة العيد

31 أغسطس 2017
31 أغسطس 2017

سالم بن حمدان الحسيني -

العيد .. هذا الضيف العزيز الذي نحتفي بإطلالته الجميلة كل عام مرتين اثنتين يأتي ليجدد فينا معاشر المسلمين الطاقات الإيمانية عبر ما يتيحه لنا من فسحة الفرح والبهجة والسرور؛ لذلك علينا أن نعطي النفس المساحة المستحقة من إظهار البشر والفرحة والحبور دون خروج عن حدود الاعتدال لأن هذا الدين الإسلامي الحنيف الذي أكرمنا به عز وجل هو دين التوسط والاعتدال في كل أمر من أموره.. (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).. لذا فان إظهار البشاشة وإضفاء الفرح ورسم الابتسامة على المحيا ومخالقة الناس بالخلق الحسن وتوقير الكبير والعطف على الصغير والإحسان إلى الفقير من موجبات هذا الدين الذي يجب أن تتجلى أسمى معانيه في هذا اليوم البهيج.

والحديث عن العيد لا شك أنه يثير في النفس الشجون فكما أنه يحلّق بِنَا في سماء الأفراح يدعونا كذلك لمشاطرة إخواننا الذين يكابدون معاناة الجوع والفاقة والحرمان وما يعيشونه من أجواء ملبدة بأدخنة آلات الحروب ومشحونة بالقضايا السياسية والطائفية المختلفة؛ لذا فإن العيد فيها يولد عن مخاض متعسر أو بعمليات قيصرية لا تخلو من المقامرة.

العيد .. هذا الضيف العزيز الذي يخرج من رحم كل سنة قمرية جديدة كتوأم يمكث احدهما في رحم أمه الرؤوم تسعة أشهر حاله كحال الإنسان تماما ألا وهو عيد الفطر السعيد الذي يأتي تتويجا لإتمام فريضة الصيام، والآخر عيد الأضحى المبارك الذي نتفيأ ظلاله ونعيش أجواءه الجميلة اليوم يأتي تتويجا لاختتام فريضة الحج وإيذانا برحيل سنة قمرية ختامها مسك مفعم برائحته الزكية العطرة، وبحصاد سنوي من الحسنات والأجور المضاعفة التي تدخل في رصيد الإنسان بحسب اجتهاداته المختلفة التي يجد ثمرتها المرجوة عن خالقه عز وجل في يوم توفى فيه كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

إذن هما ضيفان عزيزان أكرم الله سبحانه وتعالى بهما هذه الأمة يأتيان في العام الواحد مرتين اثنتين فحسب فعلينا أن نحسن استقبالهما ونكرم وفادتهما، وهذا الارتباط الوثيق بالعام القمري يدل على أهمية هذا التاريخ الهجري الذي تدور حول فلكه مناسك تعبدنا الخالق سبحانه وتعالى بها، فعلينا الاستمساك به واتخاذه أساسا في كل مواقيتنا ومعاملاتنا المختلفة، وعلينا أن ندرك أن العيد يأتي ليقرب البعيد ويجبر الخواطر وينهي القطيعة ويستل السخائم والأحقاد ويزيد من روابط الإخوة ويجدد العزائم على السير نهج نبي هذه الأمة الذي وصى أمته بالتعاون والتآلف ونبذ الخلاف الذي هو مهلكة الأمم والاجتماع على كلمة سواء بقلوب نقية طاهرة على مائدة الرحمن الرحيم ففي ذلك الخير لهذه الأمة، فلنكن كما أراد لها خالقها العظيم وكما تمنى له نبيها الكريم ولنتذكر كل وصية وصانا بها في خطبة الوداع التي كانت آخر عهده بِنَا ألا نرجع بعده كفارا يضرب بَعضُنَا رقاب بعض .. وكل عام والجميع في عزة وسعادة وهناء.