أفكار وآراء

مواسم الحب والحياة.. في عمان

05 أغسطس 2017
05 أغسطس 2017

د. حمد بن محمد الغيلاني/ خبير بيئي -

أنشودة مواسم الحب في عمان، من أين تبدأ، وكيف تنتهي، الحديث عن الحب أو مواسمه له شجون، فكيف إن كان في عمان، حديث متسع وعميق وشاهق، بعمق المحيط الذي تطل عليه الجميلة عمان، وارتفاع جبالها الشامخة، وسعة سهولها وصحاريها ووديانها الممتدة.

من أي موسم ابدأ، موسم الربيع، ورود وأزهار شتى تفوح في سفوح الجبال الممتدة، في الحجرين الشرقي والغربي، لعل رائحة الورد وماء الورد للجبل الأخضر، سيضفي جمالا فائقا لربيعك، الورود والأزهار الأخرى، ستفوح بها جبال مسفاة العبريين ووكان، وأزهار شتى ستفوح من جبال ظفار وسهولها، سيبدأ موسم اللبان، لو جرحت هذه الأشجار، ستبوح بأجمل وأنقى لبان على وجه البسيطة، وستنبت منها أزهار صفراء جميلة، سيبدأ طائر النساج الأصفر أيضا، بنسج أعشاشه، قبل وأثناء موسم الخريف، في عين ارزات. وتشاهد التمير اللامع يغرد في عين حمران، ستعود طيور أخرى جميلة، الى الشمال، او تواصل سفرها الطويل الى الجنوب، وستبقى أخرى على ارض الوطن الأم الى حين، في شواطئ الديمانيات وجنوب مصيرة، ستترجل سلاحف الشرفاف والزيتوني، لتضع بيضها.

في موسم الصيف، ستكتسي عمان بمائتي صنف من ثمار النخيل الجميلة، ستتلون بوشاح اخضر أنيق، ثم تتدثر باللونين الأصفر والأحمر سيقانها، سيبشر وادي الطائيين، بثمار النقال، تتلوها أنواع أخرى، في وديان وسهول عمان الممتدة، بعد النقال والقِدْمي، سيأتي الخنيزي والمدلوكي والخلاص، ثم الهلالي، فالخصاب، ستثمر سفوح الجبل الأخضر، الرمان والمشمش والخوخ واللوز والجوز، سنذوق لمبا وادي بني جابر ولوى وشناص، وفي بلاد صور، ستجد القاو والزمبراو، وسيحل موسم الحج والشمام في الكامل، هل ذقت مثل جح وشمام الكامل من قبل..!!؟؟، سيمر الخباط (صغار الكنعد) والتونة، على شواطئ مسندم والباطنة من الخليج، سيستحم الصغار ويلعبون في عين الثوارة والكسفة وجرزيز وافلاج دارس وحيل الغاف وبركة الموز، وآخرون سيستحمون في شواطئ عمان الممتدة، من مسندم حتى ظفار، وفي ظفار ستزهر ثمانمائة شجرة، ستلون الأرض، باللون الأخضر الباهي الجميل، ستكتسي ظفار بأشجار العيريب والميطان وشرص والشبيطة والعطب والسقوط وطيق، سيكون النورس السيبيري آخر المهاجرين الى الشمال، بعد أن يصفى الجو قليلا في شمال الشمال في سيبيريا، ستعود السلاحف الخضراء من البحر الأحمر، الى شواطئ رأس الحد، بينما تصل الى شواطئ مصيرة، من سواحل عمان والخليج واليمن، سلاحف الريماني.

وفي موسم الخريف، أعداد هائلة من الطيور، ستصل الى اكبر تجمع لها في الشرق الأوسط، في شواطئ بر الحكمان الجميلة، نوارس وبلشونات ونحامات وطائر الحنكور الجميل، في بحار ظفار والوسطى، سيظهر الحوت الأحدب العربي، وهو يتوسد الماء، قد تجد معه صغيرة الأنيق، يلاعبه ويداعبه، في عمق البحر ستجد حوت العنبر يغوص في عمق الأعماق، ليتلذذ بأنواع من الأخطبوط، وقد يزفر عنبر، في بحر العرب او بحر عمان، سيبدأ الحوت الأزرق يومه باكرا من شواطئ مسندم، وجبه خفيفة من اسماك الصيمة، سيداعب في طريقه ضحى عند جزر الديمانيات صديقه القديم، وفي وقت الظهيرة، سيتناول وجبة شهية من اسماك العومة، مع رفاق له في بحر قريات، أثناء مروره بصور وجزيرة مصيرة وقت العصر، سيمارس رياضة القفز في الماء، لينفجر البحر، بابتسامة كبيرة من الماء والفرح، قبيل الغروب سيحتسي، شوربة من العوالق النباتية عند جزر الحلانيات، وعند المساء سيحلو له السمر مع أعزائه الكبار، قرب مرباط، وهناك سيتناولون عشاءهم الدسم، من خيرات بحار ظفار الوافرة، ستجد الغزال العربي يعدوا في رأس الشجر والسليل ووديان الدقم.

وسيرتع الوعل العربي في جبل قهوان، ستجد الغزال الرملي (الريم)، والقط الرملي يعدوان في صحراء الربع الخالي ورمال الشرقية، أما النمر العربي والوشق والوعل النوبي، فإنها ستعدو بفرح في جبال سمحان، ستخرج النساء متسلحات برماحهن الى شواطئ جنوب الشرقية ومصيرة والوسطى لصيد الحبار بين صخور الشطآن، سيبدأ موسم الربيان في محوت، يتلوه موسم الشارخة في الجازر، ثم الصفيلح في سدح وحدبين وحاسك، ستتناول وجبة دسمة من اسماك البياح وسرطان البحر في مصيرة، ثم وجبة اخرى من اسماك الهامور في مسندم او الوسطى، وفي نهاية الخريف، قد تستمتع بوجبة دسمة للشعري من بحر الحلانيات.

وعند الشتاء، ستواصل الطيور تعشيشها وغذاءها في سهول وجبال وشواطئ ومزارع عمان، ستفقس البيوض، وتكبر الصغار، ثم تواصل الهجرة الى افريقيا او العودة شمالا، قبل ان يبدأ موسم الصيف، ستظل بعض الطيور في عمان طوال العام، الحيتان والدلافين، ستكون اكثر سعادة وبهجة في المياه الباردة الجميلة، ستتراقص وتلعب معا في كل البحار، وصحراء الحشمان وميتان ومقشن، ستكون اكثر جمالا، والسماء اكثر بهاء وابتهاجا بالنجوم. الأجواء في الداخل ستكون باردة ومنعشة، الحيوانات البرية، ستكون اسرع عدوا واكثر مهارة، ستبوح السحب ببعض الماء، ستتفجر بعض الأفلاج والعيون وستجري بعض الوديان، ستكسو السهول الخضرة، ستعدو الشيارة والجمال، ستغرد الطيور، وترقص الفراشات البرية، سيحلو الشروق والغروب، سيتسامر الكبار، تحت ظلال الأشجار و ظلال القلاع والحصون، وعند الشواطئ، سيتذكر الرحالة القدماء، أيامهم عند الغنجة، او في ميناء سمهرم القديم، سيواصل الصغار لعبهم، بين الأزقة الضيقة والحارات، سيعود الربيع مرة أخرى.

ستغني عمان:

انا وطنك..

افتح للحب حكاياتي..

لا تضمر غير الافراح..

لا تفصح إلا بالحب..

أزهاري في الجبل الأخضر..

امنية العطر..

وفراشاتي فرح الألوان..

حيتاني في بحري..

تراقص كل الأمواج وتزهو

أشجاري تنبت أغنية ولبان

وطيوري ترحل في يسر

في كل الأصقاع

لكن لا تنسى عمان..

يا اجمل ما في الكون حياتك..

يا إنسان

أنا أرضك..

أنا بحرك..

أنا جبلك

وأنا سهلك..

افتح لي قلبك أمنية..

افتح للحب عمان..