أفكار وآراء

هل أصبح حل الأزمة السورية وشيكا؟

21 يوليو 2017
21 يوليو 2017

سمير عواد -

بحسب لافروف، لم يعد النظام القديم الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية قائما. وأكد لافروف أن اللقاء الأول بين ترامب وبوتين، سوف يمهد للقاءات ومبادرات ستخرج إلى النور في القريب

كان وقت اللقاء الأول بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين على هامش قمة العشرين أخيرا في هامبورج، محددا له نصف ساعة فقط. لكنه استغرق أكثر من ساعتين وخطف الأضواء بالنظر لأهميته لعدة أسباب يتعلق أبرزها بالجدل الدائر في الولايات المتحدة عما إذا كانت روسيا قد تدخلت في الحملة الانتخابية الأمريكية لترجيح كفة ترامب ضد منافسته هيلاري كلينتون، ثم الأزمات والقضايا الدائرة في العالم، مثل الحرب في سوريا والحرب ضد «داعش» والأزمة في الخليج، والنزاع مع كوريا الشمالية، والأزمة في أوكرانيا، وغيرها.

وقال أحد المعلقين «تحولت قمة العشرين في هامبورج إلى قمة بين ترامب وبوتين».

وتجدر الإشارة إلى أن ترامب أكد خلال الحملة الانتخابية رغبته في تحسين علاقات بلاده مع روسيا، بعدما تعرضت للانتكاس خلال الولاية الثانية للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. وأضاف ترامب عندما وصل إلى هامبورج، أنه سيسعى مع بوتين إلى حل بعض القضايا.

ثم جاء الإعلان عبر ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، الذي صرح لصحفيين أمريكيين، أن واشنطن ترغب في التعاون مع موسكو لإيجاد حل للأزمة في سوريا. ولم يكن مجرد صدفة أن يتم إعلان هدنة هناك، بعد نهاية اللقاء الأول بين ترامب وبوتين، نسبة إلى تأثير البلدين على مسار الأحداث في سوريا. فبينما تدعم واشنطن وحلفاؤها في المنطقة، الفصائل المعارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، تدعم روسيا دمشق بالقوة العسكرية منذ سبتمبر 2015. وتم إنشاء لجنة عسكرية أمريكية - روسية مشتركة، للتنسيق حول العمليات العسكرية في سوريا، تفاديا لوقوع صدام بين الجنود الأمريكيين والروس. وتؤكد واشنطن وموسكو أن هدفهما في سوريا، هو القضاء على «داعش» الذي انتشر في سوريا بعد اندلاع الحرب. وبحسب مصادر دبلوماسية ألمانية، صادقت الأردن وإسرائيل على قرار وقف إطلاق النار في سوريا، إضافة لواشنطن وموسكو.

وأكد تيلرسون، الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع بوتين منذ أن كان رجل أعمال له باع طويل في مجال الطاقة، أن لدى واشنطن وموسكو مصلحة كبيرة في تحقيق الاستقرار في سوريا، ويعتزمان السعي لإنهاء الحرب الدائرة فيها منذ أكثر من ستة أعوام وكلفت حسب التقارير الدولية الأخيرة أكثر من 320 ألف ضحية واثني عشر مليون من المهجرين.

وقال صحفيون أمريكيون في هامبورج أنه بينما كانت إدارة أوباما تصر على عدم إشراك بشار الأسد في العملية السياسية مستقبلا في سوريا، فإن إدارة ترامب لم تعد تلتزم بذلك، رغم تأكيد تيلرسون أن روسيا لا ترغب بالتمسك بالرئيس السوري الحالي لزمن طويل.

وتجدر الإشارة إلى أن ترامب رد بالقوة العسكرية في أبريل الماضي على استخدام القوات السورية أسلحة سامة ضد الفصائل المعارضة، حسبما أكدت واشنطن، وتم استهداف قاعدة الشغور العسكرية التابعة للنظام، لكن روسيا انتقدت هذا العمل بشدة، انطلاقا من نفيها استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية في «خان شيخون» ومطالبتها بتحقيق دولي شفاف وهو ما تعارضه واشنطن بقوة. وقال بعض المراقبين أن ترامب لم يعد يفكر باستخدام القوة العسكرية ضد نظام بشار الأسد، ويريد إيجاد حل دبلوماسي للأزمة وذلك بالتعاون مع موسكو.

وقال بوتين حول نتائج لقائه الأول مع ترامب، انه تم بحث عدد من القضايا إلى جانب الأزمة السورية، مثل الأزمة في أوكرانيا، والأمن الإلكتروني. ذلك أن المخابرات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي «ناتو» يتهمان روسيا منذ فترة، بشن هجمات قرصنة إلكترونية ضد مؤسسات في الدول الغربية.

وقال تيلرسون إن ترامب بحث مع بوتين هذه الاتهامات التي نفاها الرئيس الروسي جملة وتفصيلا.

واهتمت وسائل الإعلام بكل كلمة صدرت عن ترامب وبوتين، والمصافحة التي تمت بينهما، والتي كانت حدثا بارزا في وسائل الإعلام في أمريكا وروسيا. واتجه ترامب صوب الرئيس الروسي خلال استراحة تناول القهوة بين جلسات القمة، ثم لوحظ كيف أن بوتين أمسكه من إبطه كأنهما صديقان قديمان رغم اختلافهما كليا عن بعضهما البعض.

والملاحظ أن ترامب غير موقفه كثيرا من روسيا عما كان عليه خلال حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية. وما زال هو وأفراد عائلته وأعضاء في فريقه الانتخابي، يواجهون الاتهام بتدخل روسيا في الحملة الانتخابية لترجيح فوزه ضد منافسته هيلاري كلينتون، وقد عين ترامب قبل أيام مستشارا قانونيا للبيت الأبيض لمتابعة التحقيقات في هذه المسألة.

ومعروف أن ترامب اضطر إلى إقالة مستشار الأمن القومي الجنرال فلين، بعد اكتشاف عقده اتصالات مع السفير الروسي في واشنطن بعد أن كان قد نفى ذلك، كما تجدد الجدل في الأيام الأخيرة حول دور لابنه في هذه الاتصالات مع روسيا خلال الحملة الانتخابية وأكد ترامب على براءة نجله.

وفي هامبورج شارك وزيرا خارجية البلدين في اللقاء الأول من نوعه بين ترامب وبوتين، فتيلرسون يعرف بوتين عندما كان يرأس شركة الطاقة الأمريكية «إيكسون»، أما لافروف فهو أكثرهم خبرة في مجال الدبلوماسية والذي قال مؤخرا ما معناه أن واشنطن وموسكو سوف تقيمان نظاما عالميا جديدا، يتوليان قيادته.

وبحسب لافروف، لم يعد النظام القديم الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية قائما. وأكد لافروف أن اللقاء الأول بين ترامب وبوتين، سوف يمهد للقاءات ومبادرات ستخرج إلى النور في القريب.

غير أن في الولايات المتحدة من ينظر بارتياب إلى العلاقة المثيرة للجدل بين ترامب وبوتين، فهناك معارضون لنهجه اللطيف جدا تجاه الرئيس الروسي، داخل الحزب الجمهوري الحاكم، والديمقراطي المعارض.

كما أن مجلس الشيوخ الأمريكي على وشك تشديد العقوبات المفروضة على روسيا بسبب دورها في الأزمة الأوكرانية، وهذه ليست أنباء سارة بالنسبة لبوتين ووزير خارجيته.

وعلى أية حال فان العلاقة الأفضل بين بوتين وترامب تسهم في فتح المجال أمام السير نحو تسوية الأزمة في سوريا، برغم كل ما جرى ويجري على الأرض.