الملف السياسي

استجابة عملية لاستراتيجية التنمية المجتمعية

17 يوليو 2017
17 يوليو 2017

مروى محمد إبراهيم -

,, سلطنة عمان من أوائل الدول الخليجية التي منحت المرأة حق الترشح والانتخاب، وهو ما ظهر بوضوح خلال انتخابات مجلس الشورى في السلطنة منذ اكثر من عقدين، حيث شهدت صناديق الاقتراع إقبالا نسائيا كبيرا ,,

«إننا ندعو المرأة العمانية في كل مكان، في القرية والمدينة، في الحضر والبادية، في السهل والجبل..أن تشمر عن ساعد الجد، وأن تسهم في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كل حسب قدرتها وطاقتها، وخبرتها ومهارتها، وموقعها في المجتمع»

..لم تكن هذه سوى الدعوة التي وجهها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - للمرأة العمانية للمساهمة في حركة التنمية في البلاد، فخلال السنوات الماضية نجحت المرأة العمانية في التخلص من كل القيود التي خضعت لها من قبل، في إطار يتماشى مع تقاليد وعادات المجتمع العماني، وهو ما أكسبها العديد من الحقوق المدنية، فيما يعتبر اعترافا من الدولة بدور المرأة الفعال في بناء المجتمع.

فمنذ بداية السبعينات من القرن الماضي، دشنت سلطنة عمان استراتيجية لخروج المرأة ومشاركتها في حركة التنمية المجتمعية، من خلال هدف جليل وهو «التعليم للجميع»، والذي وضع المرأة العمانية على أول طريق التعليم والتدريب والمشاركة في الحياة المهنية ثم السياسية. وحددت الـ17 من أكتوبر من كل عام كيوم للمرأة العمانية، وفي عام 2000، شهدت السلطنة انتخاب نائبتين من بين أعضاء مجلس الشورى الـ83، وقد أتاح قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى للمرأة حق الترشح والانتخاب في مجلس الشورى دون أن يكون هنالك شروط أو قيود تميز بين الرجل والمرأة. وتمثل النساء في مجلس الدولة نحو 18% من عدد الأعضاء. كما حققت المرأة العمانية في مواقع السلطة وصنع القرار مكسبا برلمانيا مهما يحسب لها بشكل خاص وللمرأة العربية بشكل عام، وذلك بانتخابها نائبة لرئيس لجنة التنسيق للنساء البرلمانيات التابعة للاتحاد البرلماني الدولي الذي أقيم في أكتوبر عام 2014 بتزكيتها من المجموعة العربية.

وتمثل المرأة العمانية السلطنة كسفيرة، وفي عدد من المنظمات الدولية، ومنها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة الإيسيسكو، ومندوبة السلطنة الدائمة لدى الأمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية. وفي عام 2014 تم انتخاب وزيرة التربية والتعليم عضوة بمعهد اليونسكو للتخطيط، وذلك تعبيرًا عن أهمية ومكانة السلطنة في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، واهتمامها بالتعاون والعمل المشترك في مجالات اختصاص المنظمة.

وتعتبر سلطنة عمان من أوائل الدول الخليجية التي منحت المرأة حق الترشح والانتخاب، وهو ما ظهر بوضوح خلال انتخابات مجلس الشورى في السلطنة منذ منتصف التسعينات، حيث تشهد صناديق الاقتراع إقبالا نسائيا كبيرا، جسدته انتخابات أكتوبر الماضي على سبيل المثال، وهو ما يؤكد أن المرأة العمانية تحظى باهتمام كبير في السلطنة من خلال استمتاعها بالحق في المشاركة السياسية، وتولى المناصب القيادية.

وعلى الرغم من تراجع عدد المرشحات من النساء إلا أن نسبة الحضور النسائية في التصويت عادة ما تكون عالية. وهو ما يرجعه المراقبون إلى الجهود التي تبذلها الجهات الرسمية والجمعيات النسوية للتركيز على أهمية دور المرأة وضرورة مشاركتها في العملية الانتخابية ترشحا وترشيحا. وهو ما يخدم الهدف الواضح الذي حدده جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - أعزه الله - لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في السلطنة.

وسعت الناشطات في المجتمع المدني والجمعيات النسائية إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتذكير وتوعية المرأة العمانية بأهمية مشاركتها في الحياة السياسية لاختيار من سيمثلها في مجلس الشورى في فتراته المختلفة، وذلك بهدف حماية مكتسباتها من حقوق سياسية واجتماعية خلال العقود القليلة الماضية. والمثير أن عدد من الناشطات النسائيات لجأن إلى حث الرجال على ضرورة مساندة المرأة خاصة ممن يروا فيهن أنهن ذوات كفاءة وقادرات على خدمة المجتمع وتأدية الدور المنوط لهن في المجلس باقتدار، وقد شاركت في الانتخابات العمانية الأخيرة 20 مرشحة من بين 590 مرشحا تنافسوا على مقاعد مجلس الشورى العماني في فترته الثامنة في أكتوبر من العام الماضي.

وعلى الرغم من الإقبال النسائي الملحوظ على المشاركة في التصويت، وفقا لما رصدته وسائل الإعلام المختلفة، إلا أن امرأة واحدة نجحت في الفوز بمقعد في مجلس الشورى. وعلى الرغم من أن النتيجة ربما تكون غير كافية، إلا أن وجود عنصر نسائي في المجلس، مهما قل أو زاد، كفيل بالتعبير عن الرؤية النسائية في المجتمع العماني. من المعروف أن «النظام الأساسي للدولة وتعديلاته» يقوم على المساواة بين الرجل والمرأة، و«انطلاقا من هذا المبدأ، أخذت المرأة العمانية حقها من التعليم، والصحة، والعمل، والمشاركة في اتخاذ القرار، وغيرها من المجالات» وهذا لا يتنافى بطبيعة الحال مع دورها الأساسي تجاه أسرتها ومجتمعها، ولكن النظام الأساسي للدولة لعب دورا أساسيا في توسيع دورها الإيجابي في المجتمع من حيث القيام بدور سياسي إيجابي يخدم أسرتها ومجتمعها بالأساس.

من جانب آخر فقد تم التأكيد على الدور الفعال للمرأة في المجتمع العماني من خلال «مشروع الاستراتيجية الوطنية لتقدم المرأة العمانية» والذي تم وضعه عام 2001، ليضع الأسس الأولى والرسمية للاهتمام القومي بقضية المرأة ودعمها نحو التقدم والرقي وتمكينها مجتمعيا للمساهمة في تقدم البلاد. وبمقتضى هذا المشروع تم تشكيل لجنة لمتابعة المشروع وتنفيذه، واللجنة تضم ما لا يقل عن 30 عضوا يمثلون كافة الجهات المعنية برفاهية وحقوق المرأة، وهي تعد خطة عمل وطنية شاملة لمتابعة وتنفيذ المشروع وضمان تحقيق أهدافه. وقد أصدر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات دليلا لتمكين المرأة العمانية.

تجدر الإشارة إلى أن «النظام الأساسي للدولة» تضمن في بنوده ما يصون حقوق المرأة ويعزز دورها، وعلى أساسه تم وضع العديد من التشريعات التي تهدف إلى حماية حقوق المرأة في مختلف المجالات. كما يتعامل قانون الخدمة المدنية مع الرجل والمرأة بشكل متوازن بحيث يستخدم كلمة «موظف» دون تمييز بين الذكر والأنثى، كما «تنص المادة (12) في القانون على المساواة في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي ينص عليها القانون وتنص على مراعاة طبيعة المرأة بتخصيص إجازات مدفوعة الأجر كاملة مدتها 180 يوما في حالة قضاء العدة، و50 يوما في حالة الوضع، وذلك مراعاة لحالتها الاجتماعية والصحية. بالإضافة إلى إعطائها الحماية بعدم السماح بطردها أو إلغاء عقدها في حالة غيابها عن العمل لمدة لا تزيد عن ستة أشهر في مجموعها في حالة الحمل، باعتبارها حالة صحية استثنائية».

كما أن قوانين الرعاية الاجتماعية حرصت على ضمان حقوق المرأة سواء في حالات الزواج أو الطلاق، بالإضافة إلى منحها حقوقا استثنائية في حالة عدم زواجها أو عدم وجود من يعولها. فالقانون يسمح للفتاة التي تجاوزت الـ18 من عمرها بتزويج نفسها في حالة عدم كفاية مبررات رفض ولي أمرها لتزويجها من شخص محدد. وإلى جانب القوانين الكثيرة التي تحافظ على حقوق المرأة كزوجة. هناك سلسلة من القوانين التي تسمح لها بطلب الطلاق، حيث يدعم القانون ذلك طالما أنه لا يتنافى مع قوانين الشريعة الإسلامية.

وهناك أيضا حق المرأة في الحصول على معاش من الدولة في الكثير من الحالات، ومن بينها للمطلقات والأرامل والنساء اللاتي هجرهن أزواجهن واللاتي لم يتزوجن إطلاقا، بشرط ألا يكون لهن مصدر دخل آخر. وهو ما يستدعي تدخل الدول لحمايتهن والتكفل بهن. وفي ضوء ذلك وغيره، فقد نجحت سلطنة عمان على مدار العقود الماضية، في تقديم نموذج يحتذى به في إخراج المرأة العمانية إلى النور، حيث خطت المرأة العمانية خطوات واسعة نحو الاستفادة من حقوقها السياسية والاجتماعية، والمشاركة بفاعلية في مسيرة التنمية السياسية العمانية بشكل يتواكب مع حقوق المرأة المعاصرة ومواكبتها لمتطلبات العصر الحديث ويعود بالنفع على المجتمع أيضا.