hamda
hamda
أعمدة

عودوا للمطبخ

09 يوليو 2017
09 يوليو 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

عاشقة أنا للمطبخ، وشغوفة بالطعام فهو بالنسبة لي من أجمل متع الحياة، أمر كان على متابعي حالتي على موقع التواصل الاجتماعي الشهير (الواتساب) أن يكتشفوه مؤخرا بعد أن أتاح التطبيق لمشتركيه عرض أنشطتهم من خلاله، وبسبب عشقي للمطبخ فمن الطبيعي أن يكون أغلب ما أشارك به أصدقائي يدور حول الطعام، وهو ما جعلني أتلقى كثيرا من التعليقات التي أعترف بأنها إلى حد ما أزعجتني، فقد أظهرت لي إلى أي حد انحرفنا بمفهوم النجاح الشخصي في حياتنا، إذ استنكر البعض أو استغرب دخولي للمطبخ وتولي مهام البيت.

الأمر الذي أوحى لي بتخصيص إحدى الأمسيات الرمضانية التي بدأتها منذ سنوات للمصليات بعيد صلاة التراويح لشؤون المطبخ والطعام، خاصة أنني قبيل ذلك بأيام كنت في جلسة نقاشية مع نخبة من المثقفات العمانيات الرائعات، حيث عدد الجميع الهوايات والفنون اللائي يجدنها ولم يتطرق أحد للمطبخ حتى ذكّرت أنا به، وتكشف لي شغف الكثيرات من الحاضرات بالطبخ، لكنه لم يكن من ضمن الفنون التي قمن بذكرها خلال الجلسة، رغم أن إعداد الطعام هو أبو الفنون وأجملها وأقدمها كذلك، حيث تخصص له في كثير من دول العالم المدارس والمعاهد المتخصصة، وتقام له المهرجانات السنوية والمسابقات والمعارض.

بغض النظر عن كل هذا يبقى إعداد الطعام من أهم الأعمال اليومية وأكثرها قدسية من وجهة نظري، فهو مرتبط بعماد الحياة، وهي مهمه رائعة إن تمت تأديتها بحب وعناية، فهي قادرة على السمو بالمشاعر كأي معزوفة موسيقية أو لوحة فنية، يؤلمني أن بعض النساء أصبحن يستعلين على هذه المهمة وكان فيها إنقاص لنجاحهن.

شخصيا أرى أن قمة الفشل أن يكون المرء رجلا كان أو امرأة ناجحا في عمله وفاشلا في بيته، فالنجاح لا يتجزأ، والمرأة التي تعتقد بأن كونها ربة بيت ناجحة فهذا ينقص من قيمة نجاحها في عملها لم تفهم النجاح كما ينبغي، فالحياة تتطلب التوازن بين جوانبها المختلفة، ذلك كما ذكرت هنا مرارا وتكرارا فإن الإنسان روح وعقل وجسد، لا بد من إشباع رغبات هذه الجوانب الثلاثة معا ليستشعر المرء النجاح.

ذكرت مرة أن المرأة التي تطالب بالمساواة مع الرجل هي امرأة لا تقدر ذاتها حق التقدير، كوني أنثى فإن هذا مصدر فخر واعتزاز، وأسعى بكل ما أوتيت من قوة أن أعبر عن أنوثتي سواء في العمل أو البيت، فأنا ناجحة في عملي بسبب كوني أنثى لا بالرغم من ذلك، فسواء في بيئة العمل أو البيت فنحن نكمل بعضنا بعضا، لأن هذه سنة الله في خلقه أن جعلنا ذكورا وإناثا، في سيمفونية جميلة تجعلنا أنصافا لا نكتمل بدون النصف الثاني..

كأم وزوجة أنا لست أقل نجاحا وأهمية عني كامرأة عاملة، وإن كنت أرى أن الأساس هو البيت، فمتى ما كنت ناجحة فيه فأنا ناجحة في كل مكان.

عودي لمطبخك إذن عزيزتي المرأة واستمتعي بأحد أجمل الفنون وأعرقها وأرقاها فهذا لن ينقص من شأنك بل سيرفعك، واستمتعي بشراء وإعداد وتناول طعامك مع أسرتك، فوجبة تعدينها بقلبك هي أجمل من أي وجبة أعدت بيد أمهر طباخ في الوجود فالطبخ (نفس) كما تقول المقولة الشهيرة و(النفس) هو نفسك نبض الأمومة وألق الحب.

وهذا أيضا يسري على هواة المطبخ من الرجال، عبروا عن شغفكم في أي مجال كان، فالعمل عبادة لأنه يسمو بالروح، ويرفع المعنويات، ويزد الحياة بهجة.