مرايا

أوروبا جنة لعشاق ركوب الخيل في أحضان الطبيعة

05 يوليو 2017
05 يوليو 2017

يحلم الكثيرون من عشاق ركوب الخيل بقضاء إجازة على صهوة الحصان في أحضان الطبيعة الساحرة، حيث يمنون النفس بامتطاء الحصان ليركضوا به بلا حدود في شواطئ بعيدة تمتد على مدى البصر أو يغزون به سلسلة جبلية بديعة يصعدون إلى قمتها على ظهره كالفرسان المظفرين.

وتُعد أوروبا جنة لراغبي قضاء الإجازات على ظهر الخيل، وذلك بفضل التنوع الشديد في الإمكانيات التي تزخر بها، حيث تتيح رحلات التجول بالخيل المنظمة في ربوع الطبيعة الأوروبية للسياح فرصة معايشة تجربة غاية في الروعة والجمال تحفل بالمغامرة والإثارة لن ينسوها طيلة حياتهم.

وتُعد النمسا من أكثر الدول الأوروبية المحببة لقضاء إجازات ركوب الخيل، فليس هناك مكان يقدم للسياح الفرصة لاعتلاء قمة جبل الألب على صهوة الحصان أفضل من ولاية كيرنتن التي تقع في أقصى جنوب النمسا. (هيا .. سننطلق!) .. هكذا يصيح توني زاوبر الذي يقود مجموعة من السياح انطلاقا من «وادي مول» إلى جبال الألب، ويضيف زاوبر: (امتطوا خيولكم لصعود قمة الجبل، سنسير في الطرق التي كان ناقلو الحمولات قديما يسيرون فيها بخيولهم عبر الجبال).

وتمضي فرسة الهافلينغر التي تسمى «Lady» قدمًا وتبلغ حدود الأشجار بسرعة، وبدءًا من هذا الموضع يضيق الطريق ويتحول إلى طريق وعر يعج بالأحجار والحصى. ويكبح العنان خطوات الخيول التي ترتدي نعلا مُزودًا بمانع للانزلاق تتمتع خوابيره بنفس صلابة خوابير نعال التزلج على الجليد، مما يحول دون انزلاقها على الأحجار بسهولة. وعلى الرغم من أن رحلات ركوب الخيل في جبال الألب ليست هي الأسرع، غير أن زاوبر يؤكد: (من يمتطي حصانه ويذهب إلى الجبال، فسوف تبوح له الطبيعة الخلابة بمزيد من أسرارها).

الغرق في الوحل

وبحسب ما جاء في وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) فإنه تتسم سياحة ركوب الخيل في فرنسا بالتنظيم الجيد منذ فترة طويلة، حيث تُعد رحلات ركوب الخيل بمحاذاة نهر «لوار» من أشهر رحلات ركوب الخيل في فرنسا، حيث يبدأ برنامج السائح اليومي بركوب الخيل نهارا متنقلا من قصر إلى قصر ثم تناول الطعام مساءً في قاعة الفرسان بإحدى القلاع ثم الخلود للراحة ليلا في قصر صغير خاص، ولا يوجد مكان في العالم يزخر بالقصور كهذه المنطقة. ويوضح بيارو شيمينو من إسطبل «ليزابرون» الذي يرافق الفرسان عبر رحلة الأحلام قائلا: في عصر النهضة كان الأمراء والنبلاء دائمي الترحال، وبالطبع كانت الخيول وسيلتهم في التنقل.

وتتراوح المسافات التي يتم قطعها نهارا من 24 إلى 39 كيلومترًا، وفي الظهيرة غالبا يحط الفرسان الرحال أمام أحد القصور ليأخذوا فترة استراحة ينعمون خلالها بنزهة بديعة في الهواء الطلق ليجددوا نشاطهم وحيويتهم. وبينما تلتقط الخيول أنفاسها في رحاب مرعى طبيعي يزخر بالعشب، يتفقد الفرسان كل يوم أحد القصور الشهيرة من بين «شينونسو»، «أمبواز»، «شيفرني»، «شومون». ويلهب بيارو حماس السياح قائلا: المتعة الحقيقة للرحلة لا تكتمل إلا في نهايتها بزيارة قصر «شامبور» الذي يُعد بمثابة درة القصور المقامة على ضفاف نهر لوار.

ويَعد ويلي ليهي عشاق ركوب الخيل برحلة تحفل بروح المغامرة والإثارة على الساحل الغربي لأيرلندا، وليس بوسع أحد من ضيوفه أن يتوقع المفاجآت التي تنتظره خلال جولته على ظهر الحصان في منطقة «كونامارا». ففي هذه المنطقة ذات الأرضية الأقرب إلى طبيعة المستنقعات تغرق الخيول في الوحل الذي يصل إلى مستوى ركبها. وخلال هذه الرحلة المثيرة التي تستغرق أسبوعا في رحاب طبيعة مقاطعة «جلوي» الأيرلندية يتعين على الفرسان تزويد الخيول كل يوم تقريبا بحدوات جديدة بسبب فقدان الحدوات التي كانت ترتديها في المغامرة السابقة.

ومن عند مطالع شديدة الانحدار يصعد الحصان الأيرلندي «آيريش هانتر» ومهر كونامارا الهضاب الصخرية في مشقة بالغة فيحل عليها الإعياء الشديد، على عكس بعض الفرسان. ويربط ويلي اختياره لهذا الطريق الشاق بالشعار الذي يرفعه دائما عند ركوب الخيل، حيث يقول: أي شخص يمكنه ركوب الخيل في طرق سهلة ومريحة، أما أنا فأبحث عن التحدي والمغامرة. ويقود ويلي البالغ من العمر 71 عاما رحلات ركوب الخيل في بلدته كونامارا منذ 40 عاما.

ويذكر أن كثير من المشاهير توافدوا إلى هذه البلدة ليعايشوا تجربة المغامرة والإثارة، من بينهم على سبيل المثال تشيلسي كلينتون ابنة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.

وبعد أيام على ظهر الحصان تحت أشعة الشمس والرياح والطقس العاصف والمبيت عدة ليال في منازل ريفية ذات طراز عتيق، تصل الرحلة إلى نهايتها ببلوغ الساحل الأطلنطي. وعلى الرغم من علو الأمواج في خليج «مانين» بالقرب من بلدة «كليفدن» إلا أن الخيول تخوض المياه دون رهبة وتحترق هي الأخرى شوقا للركض في رحاب الشواطئ الممتدة على مدى البصر.

فوهة البركان

وبالطبع تُعد إسبانيا منذ فترة طويلة أحد أبرز المقاصد السياحية المحببة إلى قلوب عشاق ركوب الخيل، وبالمقارنة بالأندلس تمتاز جولات ركوب الخيل في جزيرة تينيريفي بسحر خاص، فهنا تمتطي المرشدة نيكول فيرنر فرسها لترافق السياح إلى فوهة البركان. وفي مركز ركوب الخيل «Finca Estrella» بالقرب من بلدية «اكود دي لوس فينوس» شمال الجزيرة يعيش 8 خيول في إسطبل مفتوح به ساحة للركض.

وفي رحلات ركوب الخيل غربي الجزيرة يصعد السياح جبلا ويتجولون عبر غابة مترامية الأطراف تعج بأشجار الصنوبر التي تشتهر بها جزر الكناري وشجر الأوكالبتوس والغار. وتكتسي أغصان الأشجار بالطحالب، مما يضفي على الغابة جواً من الغموض الذي يغلفه طابع المغامرة والإثارة. وبمشقة بالغة تصل الخيول إلى ارتفاع 1400 متر بالقرب مباشرة من فوهة بركان «Negro» الذي أغرقت حممه البركانية مدينة «جاراشيكو» عام 1706م.

وأثناء التجول على ظهور الخيول عبر حقول اللافا يخالج السياح شعور بأنهم يسيرون على سطح القمر، حيث تزخر الطبيعة بمنحدرات تعج بالأحجار السوداء وتمتد لمساحات شاسعة. وفي الأفق تلوح قمة جبل «بيكو دي تيدي» الذي يُعد أعلى جبل في إسبانيا، حيث يبلغ ارتفاعه 3718 مترا، وفجأة جاءت سحابة لتغطي الخيول والفرسان، فاختفى جبل تيدي، عملاق جزر الكناري، مجددا بسرعة.