كلمة عمان

نحو عالم إيجابي وخالٍ من العنف

03 يوليو 2017
03 يوليو 2017

ثمة علاقة وطيدة بين العنف والإرهاب، بحيث إن كل عنف يمكن أن يفسر على أنه نوع من الإرهاب، وكل إرهاب هو بلا شك نوع من أنواع العنف حتى لو كان معنويا، ولم يتخذ الشكل المادي.

لكن الاصطلاحات أو التعريفات بخصوص هذه المفاهيم مثل العنف، الإرهاب، العنصرية، الاضطهاد، وغيرها من المفردات ذات الدلالة، التي تكاد تكون واحدة في محمولها السلبي، تشير في مجملها إلى مضاد التصور المفترض لعالم إنساني وراقٍ يقوم على التفاهم والإخاء بين البشر.

وعلى مدار التاريخ فإن الحروب والدماء لم تتوقف، وكان الإنسان وهو يعيش أوج الحضارة وتقدمها يخترع المزيد من المساحات التي تباعد بينه والآخر، بما يقدم صورة مضادة تماما للمتحقق على صعيد التطور أو النماء الحاصل.

وهذا يفتح العديد من الأسئلة حول الأسباب التي تجعل الحضارة الإنسانية برغم كل ذلك، الارتقاء، تدخل في ارتداد بسبب هذا الوعي السلبي الذي ينعكس في تصرفات مؤلمة وقاسية على الإنسانية!

ومن وهلة أولى تبدو الإجابة سهلة وممكنة، لكن من نظرة ثانية أكثر عمقا فإن الإجابات لن تكون بمثل هذا الشكل السريع، فهي تتطلب المزيد من الاستقراءات والمضي بعيدا في تحليل وفهم أنساق وبنية العنف والطريقة التي يعمل بها الخيال البشري على إنتاج هذه القيم السلبية ومن ثم الإصرار عليها.

وقد تكون الأسباب واضحة أحيانا كالتخلف وعدم الرقي المعرفي، أو غياب النوازع الأخلاقية، لكن في بعض المرات يصعب أن نعثر على الأسباب المباشرة، التي يجتهد العلماء والباحثون إلى اليوم في سبيل التوصل إليها.

ولهذا ففي العصر الحديث، بل الأكثر حداثة نشأت العديد من العلوم التي تحاول أن تصل إلى نظريات بخصوص هذه الموضوعات بحيث توسع دائرة المعرفة بها، وبالتالي يكون ممكنا التوصل إلى حلول لها.

من ناحية عامة فإن مسار الإنسانية يفترض أن يصعد نحو الإيجابية والرقي والحد من كافة أشكال صور العنف والتفرقة بين البشر، ولكن من مسار تطبيقي، فإن المشهد يبدو غير ذلك، فالمصالح المتضاربة وغياب القيم والنوازع الأخلاقية والأنا المتوحشة كل تلك المسائل، تظل من الأسباب التي تعمق من الأشكال السلبية لظاهرة الحضارة البشرية وما يقع فيها من فراغات وثقوب تدل على أن العالم يتطلب المزيد من الحكمة والروية والانتباه لما هو أكثر رسوخا في تجسير المسافات بين الناس.

ولسنوات خلت، فقد ظن العالم أن العولمة سوف تختصر كل شيء، وتربط بين سكان الأرض قاطبة، ثم اتضح بعد مرور بعض من الزمن القصير، أن نتائج العولمة كانت سلبية بقدر ما هي إيجابية، فقد أفرزت العديد من أشكال التحيز العرقي والجغرافي ووسعت من الهويات الإثنية والأفكار الشعبوية وغيرها من الاتجاه نحو الذات المنغلقة.

لكن يبدو ثمة أمل على الوجه الآخر، يتمثل في تلك المقاومة التي يبديها المتنورون، وذلك بخصوص أن تصبح للعالم صورة أو مجاز آخر يتحقق فيه التوازن والتقريب بين الناس ومسح أو حذف صور الارتباك والقلق السلبي، مع التأكيد على أن الناس تحتاج إلى التعايش والوئام في هذا الوقت من تاريخ العالم، وأن الفرص الممكنة لذلك أكبر من أي عصر مضى، لتعاظم المصالح المشتركة بين سكان الكوكب في الراهن.