كلمة عمان

الألـم والمأسـاة الإنسـانية

27 يونيو 2017
27 يونيو 2017

مزيد من السنين تمضي وكثير من أوضاع المنطقة على عهدها، فالحروب والدماء لم تتوقف، والمواطنون في هذه البلدان لا زالوا يعانون، وكأنه قد حكم على سكان هذه البقعة من الأرض أن يعيشوا دائما على الويلات والأسف المستمر، وهم يفتقدون لطعم المستقبل حلو المذاق، لاسيما مع مناسبات كالأعياد السعيدة التي تأتي وتروح، والجرح نفسه قائم في الأبدان والأوطان.

وهذه السنة يمضي الحال بما يشبه غيره في سالف السنوات، من الألم والمأساة الإنسانية في العديد من البلدان العربية، حتى ليكاد المرء يتساءل أليس من أمل؟ ومن أين سوف يبزغ الفجر المرتقب، حيث يكون للأجيال المقبلة أن تشعر على الأقل بإحساس السعادة الذي يجعلها تثق في مقبل الأيام. لكن أرضية الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي وغيرها من مركبات الحياة، تبدو كما لو أنها تدور في الحلقات المفرغة نفسها، وبحيث بات إنسان هذه البلدان في قلق مستمر، وهو لا يعرف إلى أين سوف تندفع به الحياة ولا كيف؟!

فمنذ سنوات خلت وبعد انتفاضات ما عرف بالربيع العربي، وحيث بدا كما لو أن فجرا جديدا موعودا في البلدان العربية، سرعان ما تبدد الحلم ليشعر الناس أن ثمة أفق جديد مسدود، وأن الحياة تسير إلى المزيد من العثرات مع أرطال من الدماء والوعود الزائفة والتشريد والنزوح الكبير الذي ضرب العديد من البلدان، بالإضافة إلى انتشار الأمراض والفقر وصعوبة ظروف المعيشة، التي باتت مستعصية بالفعل مع موجة النزاعات المسلحة التي دخل بعضها العام السادس ولا جديد يلوح في الأفق.

بالإضافة إلى ذلك كانت موجة التشدد الذي تمثلت في سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من الأراضي في سوريا والعراق وجيوب أخرى متفرقة، ما عطل العديد من مسارات الغد.. والآن تقترب المعركة من نهايتها في مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية، لكن الخوف أن يتحول التنظيم إلى أشكال أخرى مستجدة، كما رأينا في تنظيمات وحركات إرهابية سابقة، لم تمت، إنما استبدلت ثوبها لتظهر بوجه آخر، ليكون الأمس كأنه اليوم، وليس ثمة من شيء جديد يقال.

إن الواقع الذي يعيشه الإنسان العربي بشكل عام يضعه في دائرة التأزم، في ظل مثل هذه المشاهد التي لا يمكن حصرها من الانسداد البائن للعيان، وحتى لو رأينا نهاية الأزمات الراهنة والنزاعات والحروب، فإن عمليات البناء وإعادة التعمير سوف تستغرق وقتا طويلا، وقبل ذلك فإن ذلك يتطلب أموالا هائلة يصعب توفيرها في لمحة عين، أما الخسائر الأوضح فهي على صعيد الموارد البشرية فمئات الآلاف من البشر راحوا ضحايا هذه الحروب والنزاعات المستعرة، كما أن الأطفال والأجيال المقبلة فقدت فرصها في حقوق أولية كالتعليم والعيش السليم والآمن والراحة والطمأنينة.

إن الإنسان لينظر إلى جملة هذا المشهد ليشعر بعميق الأسى ويتمنى أن تعود مناسبة عيد الفطر السعيد، العام المقبل، لنكون أمام ما هو أفضل بإذن الله من انصلاح الحال إلى ما يجعل الإنسان في هذه البلدان المكلومة، يعيش في وضع أحسن وينعم بخيرات بلاده ويرفل في الاستقرار تحت ظلال من الازدهار والنماء.