1038211
1038211
روضة الصائم

«ليلة القدر» في العشر الأواخر كما ورد في السنة ولياليها أفضل الليالي وزمانها أفضل الأزمنة

17 يونيو 2017
17 يونيو 2017

دل القرآن على أنها في شهر رمضان المبارك -

المعتكف يؤمر أن يقبل على ربه تبارك وتعالى ليقضي أوقاته بقدر مستطاعه في تلاوة كتاب الله والتهجد والذكر تسبيحا وتحميدا وتهليلا وتكبيرا -

متابعة -  سيف بن سالم الفضيلي -

يؤكد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة في إحدى حلقات سؤال أهل الذكر أن القرآن الكريم دل أن ليلة القدر هي في شهر رمضان المبارك، والسنة النبوية تؤكد على أنها في العشر الأواخر من رمضان؛ لذلك فإن لياليها أفضل الليالي وزمانها أفضل الأزمنة.

وحث سماحته المعتكف على أن يقبل على ربه تبارك وتعالى ليقضي أوقاته بقدر مستطاعه في تلاوة كتاب الله والتهجد والذكر تسبيحا وتحميدا وتهليلا وتكبيرا، وأن بإمكانه أن يدرس العلوم الشرعية أو يدرس أو يلقي دروسا على من في المسجد. وبين سماحته أنه من الممكن الاعتكاف في الأيام الوتر فقط من العشر الأواخر.

وأوضح سماحته أن «شد مئزره» كناية عن الجد في العمل، و«أحيا ليله» يواصل العمل في جميع الليل بالتهجد.

** عن فضل العشر الأواخر يقول سماحته: إن الله تبارك وتعالى يفضل ما يشاء من الأزمنة على ما يشاء، كما يفضل ما يشاء من الأمكنة على ما يشاء، ويفضل من يشاء من البشر على من يشاء، هذه هي سنة الله تبارك وتعالى في خلقه، وفضل الأزمنة والأمكنة بما يكون فيها من خير.

والله سبحانه وتعالى اختار شهر رمضان المبارك لأن يكون ميقاتا لنزول الكتاب الكريم على قلب خاتم النبيين سيدنا ونبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم، فقد قال الله سبحانه وتعالى (إِنا أنزلناهُ فِي ليلةٍ مُباركةٍ إِنا كُنا مُنذِرِين * فِيها يُفرقُ كُلُ أمرٍ حكِيمٍ * أمرا مِن عِندِنا إِنا كُنا مُرسِلِين)، ويقول سبحانه وتعالى فيها (إِنا أنزلناهُ فِي ليلةِ القدرِ * وما أدراك ما ليلةُ القدر * ليلةُ القدرِ خيرٌ مِن ألفِ شهرٍ * تنزلُ الملائِكةُ والرُوحُ فِيها بِإِذنِ ربِهِم مِن كُلِ أمرٍ * سلامٌ هِي حتى مطلعِ الفجرِ).

وكما ترون نوه الله سبحانه وتعالى بفضل هذه الليلة المباركة العظيمة في سورة الدخان، وأنزل سورة القدر بأسرها مبينة عظم منزلتها وجلالة قدرها وشمول فضلها، فهذا فضل عظيم لا يسامى، ولذلك كانت الليالي التي تحتوي هذه الليلة المباركة هي أفضل الليالي، والزمن الذي تقع فيه هذه الليلة المباركة هو أفضل الأزمنة.

ومن المعلوم أن هذه الليلة دل القرآن على أنها في شهر رمضان المبارك؛ لأنها كانت ميقاتا لنزول القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله سبحانه وتعالى في هذا القرآن (شهرُ رمضان الذِي أُنزِل فِيهِ القُرآنُ هُدى لِلناسِ وبيِناتٍ مِن الهُدى والفُرقانِ). تبين بذلك أن هذه الليلة هي إحدى ليالي هذا الشهر، ثم جاءت السنة النبوية لتقرر وتبين أن هذه الليلة إنما تلتمس في العشر الأواخر في شهر رمضان المبارك، وفي الليالي الوتر منها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر. ومعنى ذلك أنها تلتمس في ليلة الحادي والعشرين والثالث والعشرين والخامس والعشرين والسابع والعشرين والتاسع والعشرين، أي في الليالي الأوتار من هذه العشر المباركات.

هذا يدل على أن هذه العشر الأواخر متميزة على بقية الشهر الكريم كتميز الشهر الكريم على بقية الأشهر والأزمنة، فالشهر الكريم متميز بكثير من المزايا، من بين هذه المزايا أنه تضاعف فيه الحسنات، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من عمل فيه نافلة كان كمن عمل في غيره فريضة، ومن عمل فيه فريضة كان كمن أدى في غيره سبعين فريضة، وهذا يدل على مضاعفة أجر العاملين في هذا الشهر الكريم. وكذلك دل الحديث على أن العمرة في هذا الشهر الكريم يضاعف أجرها حتى تكون بمثابة الحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه لأم سنان الأنصارية رضي الله تعالى عنها: إذا كان رمضان فاعتمري، فإن عمرة في رمضان تعدل حجة معي، وهذا فضل عظيم وشرف كبير.

وهذه الليلة على أي حال هي لما كانت في العشر الأواخر فإن هذا يعطي العشر الأواخر منزلة تفوق منزلة بقية الشهر؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هذه العشر الأواخر، كان إذا دخلت العشر شد مئزره وأيقظ أهله وأحيا ليله.

(شد مئزره) كناية عن الجد في العمل، لأن من أراد أن يجد في شيء إنما يتشمر ويشد مئزره ويشد ثيابه، فهذا كناية عن الجد في العمل، أو أنه كناية عن البعد عن الشهوات بحيث إنه لا يقارب النساء في خلال هذه الأيام لأنه يكون في معتكفه، وقد قال الله تبارك وتعالى (ولا تُباشِرُوهُن وأنتُم عاكِفُون فِي المساجِدِ تِلك حُدُودُ اللهِ فلا تقربُوها)، فلا يجوز للإنسان أن يباشر أهله وهو عاكف في المسجد، كما أن المرأة أيضا عندما تكون معتكفة لا يجوز لها أن يباشرها زوجها.

ومعنى كونه (أحيا ليله) أن يواصل العمل في جميع الليل بحيث يتهجد الليل كله، بخلاف بقية الليالي، فبقية الليالي يتهجد فيها وينام، أي يأخذ قسطا من الراحة، ولكنه في العشر الأواخر يبالغ في العبادة حتى أنه يحيي الليل كله. (ويوقظ أهله) لأجل أن ينالوا من هذا الخير من هذا الفضل حتى لا يأخذهم النوم فيحرموا من هذا الفضل العظيم، هكذا كان شأن النبي صلى الله عليه وسلم، فاعتكافه في هذه العشر الأواخر من أجل ليلة القدر، لأن هذه الليلة وحدها هي خير من ألف شهر نظرا إلى حال من أحياها بالتهجد والقيام، لا إلى حال من نام فيها واشتغل بملذاته ولم يعن بالتهجد ولم يعن بالذكر، ولا أقول إن ذلك خاص بالذي يحيي الليلة بأسرها من أولها إلى آخرها، فإذا أحيا الإنسان جزءا من هذه الليلة بالتهجد والصلاة والذكر وتلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى يكون قد أخذ حظه من هذا الخير العظيم، ويكون قد نال من شرف هذه الليلة ما نال، فلا ينبغي للإنسان أن يفوت التهجد في أي وقت من الأوقات ولا سيما شهر رمضان المبارك، ولكن في هذه العشر الأواخر أكثر فينبغي للإنسان يجد فيها وأن لا يفوت التهجد أبدا، والله تعالى المستعان.

علامات

وعن العلامات المعينة التي يمكن أن يستدل بها المؤمن على ليلة القدر، يشير سماحته: قد يرى الإنسان أنوارا أحيانا، من المحتمل، ليس ذلك ببعيد، لأن الملائكة تتنزل فيها، وقد يكشف الله تبارك وتعالى خبايا أسرار هذا التنزل لمن يشاء من عباده فكيف بالمصطفين الأخيار، هذا من المحتمل، قد يرى شيئا من هذه العلامات، لكن لا على أساس أن نظام الكون يتبدل فيها.

الاعتكاف

** يوضح سماحته القيمة الروحية والتربوية التي يتحصل عليها المسلم من الاعتكاف فيقول: من المعلوم أن الله تبارك وتعالى خلق هذا الإنسان متكونا من روح وجسم، ولكل واحد من هذين الأمرين تطلعاته وضروراته وحاجاته، والروح دائما تتطلع إلى المحيط الواسع وتستشرف الغيب؛ ولذلك خص الله تبارك وتعالى الذين يؤمنون بالغيب بما خصهم به إذ جعلهم من المهتدين، فإن الإيمان بالغيب نقطة الافتراق بين فريقين فريق ينحبس بين مضيق المادة ولا يخرج عنها، فلا ينظر إلى شيء إلا بمقياسه المادي، ولا يتطلع إلى ما وراء المادة، وهذا الفريق في حقيقة الأمر عمي عن الحقيقة، فإن وراء المشاهدات الحسية عوالم واسعة الآفاق، ووراء ذلك كله من هو بكل شيء محيط، وعلى كل شيء قدير وبكل شيء خبير، وبكل شيء بصير الذي يصرف هذه الكائنات كما يشاء سبحانه، وهو الذي كان قبل خلق الزمان والمكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا يُسأل عنه بأين، ولا ينظر إليه بعين، إنما هو تبارك وتعالى كما كان من قبل.

فالإنسان الذي يؤمن بالغيب يخرج من هذا المضيق، وينطلق مع الذين خرجوا من هذا المضيق إلى آفاق واسعة في العوالم الأخرى التي تحيط بهذا العالم المادي الذي يعيش فيه الإنسان، ويتجاوز ذلك إلى أن يكون مع خالق هذا الوجود كله، مع الذي هو بكل شيء بصير وعلى كل قدير، فالإنسان بحاجة إلى هذه الصلة، الصلة التي تربط روحه بالعوالم الأخرى التي هي أيضا في نفس الوقت تصله بمن هو محيط بكل عالم وهو الله تبارك وتعالى، ولأجل ذلك شُرعت العبادات، فكل عبادة من هذه العبادات لها أثرها الكبير في تنوير البصيرة وترويض النفس وفتح الآفاق الواسعة لهذه النفس حتى تخرج من هذا المضيق الذي تعيش فيه. فالإنسان بمجرد وقوفه بين يدي ربه تبارك وتعالى ماثلا راكعا ساجدا قائلا الله أكبر يستشعر عظمة الخالق تبارك وتعالى، وتتراءى أمام ناظريه مشاهد العوالم الساجدة لله تبارك وتعالى المسبحة بحمده التي هي كما أخبر الله تبارك وتعالى عنها لا يشذ شيء منها عن السجود والتسبيح لله تعالى كما يقول عز وجل (سبح لِلهِ ما فِي السماواتِ وما فِي الأرض)، (يُسبِحُ لِلهِ ما فِي السماواتِ وما فِي الأرض)، (تُسبِحُ لهُ السماواتُ السبعُ والأرضُ ومن فِيهِن وإِن مِن شيءٍ إِلا يُسبِحُ بِحمدِهِ ولكِن لا تفقهُون تسبِيحهُم إِنهُ كان حلِيما غفُورا)، وكذلك بجانب كونها مسبحة لله تعالى هي ساجدة أيضا لجلال الله، فكل شيء في هذا الكون أيضا يسجد لله إلا من يشذ من الجنس البشري، فالله تعالى يقول (ألم تر أن الله يسجُدُ لهُ من فِي السماواتِ ومن فِي الأرضِ والشمسُ والقمرُ والنُجُومُ والجِبالُ والشجرُ والدوُابُ وكثِيرٌ مِن الناسِ وكثِيرٌ حق عليهِ العذابُ)، أي وكثير منهم هم الشاذون عن هذا النظام الذي جعله الله تبارك وتعالى موحدا ما بين هذه العوالم كلها. فالمسلم في خلواته إنما يحس بهذه الصلة ما بينه وبين هذه الكائنات.

بل يحس المسلم أيضا بأنه لا يُسبح بلسانه الناطق فحسب، بل هنالك ألسنة صامتة في نفسه هي تسبح مع تسبيحه بلسانه الناطق، فكل خلية من خلايا جسمه هي تسبح بحمد الله تعالى، بل كل ما هو أدق من الخلايا من الجسيمات أيضا يشترك في هذا التسبيح.

فهناك نستطيع أن نقول إن ملايين الملايين من الألسنة في جسم الإنسان الواحد تسبح بحمد الله تسبيحا صامتا، وإن كان هذا التسبيح لا يصل إلى فهمه وإدراكه إلا أولو البصائر الذين نوّر الله تبارك وتعالى بصائرهم حتى عرفوا أن الكائنات بأسرها منتظمة في هذا النظام العجيب، وأما حركة الإنسان الاضطرارية فهي أيضا منسجمة مع نظام الوجود، وشذوذ الإنسان بعدم تفاعله مع ذلك عندما يكون خارجا عن المنهج الرباني يؤدي به إلى النشاز بينه وبين نفسه، يدرك ذلك أولو البصائر كما قلت.

وهذا ما قاله بعض العلماء الربانيين عندما كان يفكر في مثل هذه الأمور وهو الإمام الرباني سعيد بن خلفان الخليلي رحمه الله تعالى فقد قال:

أعاين تسبيحي بنور جناني

فأشهد مني ألف ألف لسانِ

وكل لسان أجتلي من لغاته

إذا ألف ألف من غريب أغاني

ويُهدى إلى سمعي بكل لُغيةٍ

هُدى ألف ألف من شتيت معاني

وفي كل معنى ألف ألف عجيبة

يقصر عن إحصائها الثقلان

ولم أذكر الأعداد إلا نموذجا

كأني في أوصاف ميططران

وإلا ففوق العد أمر منزه

عن الحد يفنى دونه الملوان

ولا تتعجب إن عجبت فإنها

حقائق صدق ليس بالهذيان

فالإنسان إذا الذي يخرج بنفسه من هذا العالم المادي الضيق بحيث يأوي إلى ربه سبحانه في بيت من بيوته، مستشرفا عالم الغيب، متطلعا إلى نفحات الله تبارك وتعالى يحس هذا الإنسان بروحانية عجيبة، يُحس أنه خرج من سجن كان فيه إلى رحاب واسعة لا يحيط بها إلا الله تبارك وتعالى، يحس أنه خرج إلى رحاب عالمية واسعة لا يمكن أن يحيط بها فكره، ولا يمكن أن يحيط بها علمه إنما المحيط بها هو الله سبحانه، بل يشعر أنه يعيش في الملأ الأعلى.

وعندما يتلو كتاب الله تبارك وتعالى الذي تتجلى فيه آيات الله سبحانه وتعالى الواسعة المتطابقة مع آياته الصامتة في مخلوقاته الواسعة التي لا يحيط بها غيره سبحانه يحس أيضا بالعجب العجاب؛ لأنه يحس أنه يشاهد العالم من خلال ما يقرأه في كتاب الله سبحانه وتعالى من آيات الله تعالى الواسعة التي تحدث عن هذا الوجود وأنه بأسره خاضع لجلال الله، مستجيب لداعيه، مسبح بحمده، ساجد لكبريائه.

فهذه من جملة الثمرات التي يجنيها المعتكف عندما يقضي تلك اليوميات في بيوت الله سبحانه وتعالى حيث القدسية وحيث الطهارة وحيث النزاهة وحيث الإيمان وحيث الأمان، وبجانب ذلك أيضا يشعر أنه زالت حواجز بينه وبين ربه، فهو وإن كان في أي حال من الأحوال يمكنه الاتصال بربه سبحانه وتعالى من خلال مناجاته إلا أن هنالك حواجز تقف في سبيله منها أطماعه الكثيرة ومنها رغباته في هذه الحياة الدنيا ومتعها، ومنها صلاته بعباد الله، ولكنه عندما يقطع هذه الصلات كلها، وينفرد مكانه بربه سبحانه وتعالى مناجيا خاضعا راكعا ساجدا متضرعا تاليا لكتاب الله يشعر بتلكم الحواجز قد تحطمت كلها فيصل بفضل الله تعالى ومشيئته إلى درجة الإحسان التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فإن هذا الشعور إنما يخامر الإنسان في مثل هذه اللحظات الطيبة.

** ويبين سماحته أنه من الممكن الاعتكاف في الأيام الوتر فقط من العشر الأواخر؛ لأن الاعتكاف لا يلزم أن يعتكف الإنسان جميع العشر، وقد يعتكف النهار وحده، أقل ما يمكنه في اعتكافه أن يعتكف النهار وحده، وذلك أن يعتكف من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وهذا لأن المعتكف لا بد أن يكون صائما، فالاعتكاف مقترن بالصوم عندنا وعند طائفة من علماء المذاهب الأخرى.

وهناك طائفة أخرى لا ترى لزوم الصيام في الاعتكاف وهؤلاء يبيحون الاعتكاف ولو ساعة، أما بناء على هذا القول الذي عليه أصحابنا وعليه جماعة من علماء المذاهب فإن أقل ما يمكن أن يعتكفه المعتكف في المسجد هو النهار وحده بحيث يدخل قبل طلوع الفجر في معتكفه ويخرج من معتكفه بعد غروب الشمس، أما إن نوى الليل مع النهار فإنه يدخل قبل غروب الشمس ويخرج في اليوم الثاني بعد غروب الشمس.

فمن أراد أن يعتكف في الأيام الوتر وحدها فعليه أن يدخل قبل غروب الشمس، ويلبث هنالك إلى غروب الشمس في اليوم التالي، ولا حرج عليه بعد ذلك إذا خرج حتى تأتي الليلة التي هي الوتر من الليالي الأوتار ففي هذه الحالة يدخل أيضا قبل غروب الشمس ويستمر إلى غروب الشمس في اليوم التالي.

آداب الاعتكاف

** يوضح سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة آداب المعتكف؛ يؤمر أن يقبل على ربه تبارك وتعالى بحيث يقضي أوقاته بقدر مستطاعه في تلاوة كتاب الله، وفي التهجد في جنح الليل، وفي ذكر الله في التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وأيضا لا حرج عليه وهو في معتكفه أن يدرس العلوم الشرعية التي تنفعه فيما بينه وبين ربه، ولا حرج عليه أن يُدرس إن كان ذا أهلية للتدريس، فالإنسان الذي هو في معتكفه يمكن أن يلقي دروسا على من في المسجد، ويمكن أن يلقي دروسا أيضا على من كان خارج المسجد عبر الوسائل التي تنقل هذه الدروس إلى من هم خارج المسجد، فلو أمكن نقل هذه الدروس عبر الإذاعة إلى آفاق الأرض من معتكفه لا حرج عليه في ذلك، كما أنه لا حرج عليه أن يلقي خطبة الجمعة من خلال منبر المسجد الذي هو معتكف فيه وتنقل هذه الخطبة عبر الإذاعات وغيرها هذا كله مما هو ممكن، وإنما يتجنب اللغو ويتجنب هجر المقال، يحترم المسجد، يحترم بيت الله بجانب احترامه لما هو مقبل عليه من ذكر ربه سبحانه وتعالى.