Untitled-155
Untitled-155
روضة الصائم

الشيخ محمد بن عامر المعولي عاش في القرن الثاني عشر الهجري وعاصر حكم 8 أئمة

13 يونيو 2017
13 يونيو 2017

«المُهَذَّبُ وعينُ الأدب» وكتاب «التهذيب» و«كتاب في التاريخ».. أهم مؤلفاته -

عرض: سالم بن حمدان الحسيني -

تناول الشيخ عبدالله بن سعيد القنوبي كتاب «التهذيب» .. وهو أكبر مؤلف عماني في اللغة وعلوم القرآن للشيخ القاضي الفقيه: محمد بن عامر المعولي دراسة وتحقيقا حيث بدأ المحقق أولا التعريف بالشيخ المِعْوَلِي ومؤلفاته وبكتابه «التهذيب» بدءا بالعصر الذي عاش فيه الشيخ المِعْوَلِي (سياسياً واجتماعياً): حيث يقول: عاش الشيخ المِعْوَلِي في عصر دولة اليعاربة التي حكمت عُمان (1034هـ/‏‏‏‏ 1624م – 1162هـ /‏‏‏‏ 1749م)، وكانت ولادته في عصر الإمام الرابع لدولة اليعاربة وهو الإمام سيف بن سلطان بن سيف الملقب «قيد الأرض» المتوفى في (1123هـ/‏‏‏‏1711م)، وامتدت حياة الشيخ المِعْوَلِي حتى عاصر حكم ثمانية أئمة من اليعاربة، وشهد انتهاء حكم هذه الدولة التي امتد حكمها في عُمان ثمان وعشرين ومائة (128) سنة، كما شارك في قيام دولة آل بو سعيد؛ التي من امتدادها سلطان عُمان الحالي قابوس بن سعيد.

وأضاف: وعلى هذا فالشيخ المِعْوَلِي عاش عصرين سياسيين مهمين: عصر اليعاربة وعصر آل بو سعيد، وقد تعرضت عمان في تلك الحقبة لأحداث جسيمة، عصفت رياحها على كل ربوع عمان، وعانى العمانيون من لهيبها معاناة شاقة، شملت النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كل هذه الأحداث أثرت في شخصية الشيخ المِعْوَلِي، وأسهمت في تكوين فكره وتجربته مما حداه أن يدلو بدلوه في تلك الأحداث الجسام، ويكون له الدور الفعال في توجيه دفتها-كما سيأتي في ذكر أعماله.

وقال القنوبي: كما اشتهرت في عصر المؤلف الكتابة والتأليف والرسائل الديوانية، تلك التي تتناول التهنئات بالنصر وتقليد الوظائف ومكاتبات العمال والملوك ونحوها، وكذلك كتابة الصكوك، وكان لابن عَرِيق (المعولي) الباع الواسع في كتابتها، ووضع تقنينها وشروطها، وإن كان يغلب عليها السجع. كما شاع في عصر المِعْوَلِي كتابة الرسائل التي تحمل أجوبة على أسئلة الناس في مسائل الفقه وفي شؤون حياتهم، كما تكون بين العلماء والحكام.

نسبه ومولده

وعرف القنوبي الشيخ المؤلف نسبة ومولدا حيث يقول: هو الشيخ محمد بن عامر بن راشد بن سعيد بن عبدالله بن راشد بن محمد بن خميس بن محمد بن عدي المِعْوَلِي العُماني الإباضي، وتعرف عائلته ببني عدي، وينتسب المِعْوَلِي إلى قبيلة مِعْولة بن شمس الشهيرة من عرب اليمانية القحطانية، ويلقب بابن عَرِيق -بفتح العين- نسبة إلى محمد بن خميس بن محمد بن عدي؛ حيث كان اسمه «عَرِيق» في حال صغره، ثم بعد سمي محمداً، ونظم الشيخ المِعْوَلِي في نسبه وتصحيح لقبه سته أبيات جاء فيها:

وليس على التصغير يُنسب جدُّنا

«عَرِيق» بضم العين؛ بل هي تُفتحُ

وإن عَرِيق القوم والخيل مَن له

لدى كرم الأنساب عِرْقٌ مصححُ

وطالع به القاموس يأتيك واضحاً

كما هو في شمس العلوم مصرحُ

وسمي بهذا قبل ثم محمداً

بما قد تناهى لي فإني موضحُ

وإن عديّاً جدنا تنتمي به

فصيلتنا فاسمع بما أنا أشرحُ

ومن دوحة الأزد الكرام انتسابنا

إذا افتخر المستشرف المتمدحُ

وأشار الى ان ولادته كانت في قرية «أفي» - إحدى قرى ولاية وادي المعاول - في عصر الإمام الرابع لدولة اليعاربة وهو الإمام سيف بن سلطان بن سيف الملقب «قيد الأرض» المتوفى في (1123هـ/‏‏‏‏1711م)، وامتدت حياة الشيخ المِعْوَلِي حتى عاصر حكم ثمانية أئمة من اليعاربة، وشهد انتهاء حكم هذه الدولة التي امتد حكمها في عُمان ثمان وعشرين ومائة (128) سنة-كما تقدم سابقاً. وعلى هذا يكون الشيخ المِعْوَلِي عاش في القرن الثاني عشر الهجري، الثامن عشر الميلادي.

طلبة العلم

أما عن مشايخ العلم الذين تلقى الشيخ المؤلف على أيديهم العلم فأوضح ان الشيخ المِعْوَلِي تعلم على يد والده، فقد كان أبـوه والياً لليعاربة على بركاء، وتعلم على يد بعض علماء عمان آنذاك، ونشأ في بيت علم وصلاح وشرف. أما أبرز شيوخه: فقد عاصر الشيخ المِعْوَلِي من علماء عُمان خاصة من تخرجوا من مدرسة جبرين التي أسسها الإمام بلعرب بن سلطان بن سيف اليعربي، وكان من علماء عُمان في تلك الفترة الشيخ خلفان بن جمعة بن محمد الرقيشي، والشيخ خلف بن سنان الغافري، والعلامة سعيد بن بشير الصبحي، والشيخ سعيد بن زياد بن أحمد الشقصي، والشيخ عدي بن سليمان بن راشد الذهلي، والشيخ عبدالله بن محمد بن بشير المدادي، وابنه محمد بن عبدالله، والشيخ ناصر بن خميس بن علي الحمراشدي، والشيخ ناصر بن سليمان بن محمد المدادي، والشيخ سعيد بن أحمد بن مبارك الكندي، وغيرهم من العلماء. وعن أهم الأعمال والمناصب التي تقلدها الشيخ فقال: تقدم ذكر كون الشيخ المِعْوَلِي شهد انتهاء الدولة اليعربية، وذلك لما ظهرت بعض الأحداث من سيف بن سلطان الثاني أحد حكام اليعاربة ؛ كان المِعْوَلِي من جملة العلماء الذين اجتمعوا لخلعه، وبايعوا بلعرب بن حمير الإمامة الأولى سنة 1146هـ/‏‏‏‏ 1733م، ثم شهد الأمور الفظيعة التي جرت بعمان من حروب أهلية وغزوات أجنبية، فأحزنه ذلك، فكان على رأس العاقدين للإمام أحمد بن سعيد؛ الذي استطاع أن يوحد البلاد ويطــرد الأعداء، لذلك عينه أحمد بن سعيد القضاء في مسقط عاصمة عُمان، وكان يصطحبه الإمام في رحلاته غالبا. وكان ابن عَرِيق (المعولي) ممن يؤهل للمهام الكبرى في الفصل بين الخصوم، وحل المشكلات والمنازعات، لذلك كان له رسائل وصكوك كتبها مضمناً إياها الجواب أو الحكم، ووضع لها ضوابط في كتابه «التهذيب»- كما سيأتي ذكره في مؤلفاته مفصلاً-.

مؤلفاته

وأشار الى ان الشيخ المِعْوَلِي كان من فقهاء زمانه، وبرع في علم الميراث خاصة، كما كان له باع في اللغة العربية نثراً وشعراً، ونحواً وصرفاً، كما كان لعمله وهو القضاء الدور البارز في التأليف في الصكوك والقضايا والمواريث واللغة، يصفه الشيخ عبدالله بن سلطان المحروقي بقوله: «الشيخ يتميز بالمواهب العقلية القوية والأخلاق الإسلامية العالية، فكان على استعداد تام للعلم بعقله وخلقه، وانطبع في أسرته بالبيئة الدينية الفاضلة، وانغمست فيه العقيدة الصافية الثابتة»، وقد ترك مؤلفات متعددة، منها المطبوع، ومنها ما زال مخطوطاً ينتظر من يخرجه لحيز الطباعة محققاً تحقيقاً علمياً، ومن تلك المؤلفات: «المُهَذَّبُ وعينُ الأدب» (مطبوع): كتاب في الفرائض، طبع في جزأين، وقد جعله مؤلفه في مقدمة واثنين وثلاثين بابا، شرع في تأليفه يوم الأحد 14 من ربيع الآخر سنة 1145هـ/‏‏‏‏ 4 أكتوبر 1732م، وسبب تأليفه هو رغبته في تسهيل تعلم علم الفرائض، ومنهجه أنه يذكر القاعدة التي يبنى عليها في الفرائض، ثم يذكر الأدلة والمسائل المختلف فيها، وقد عرض كتابه في أسلوب سهل سلس، يشبه كتب الميراث التي تؤلف حديثا من حيث ترتيب أبوابه ومسائله، ونظراً لما للكتاب من مزايا جمة فقد قرضه العديد من الشعراء، طبع الكتاب وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان بتحقيق محمد علي الصليبي، صدر الجزء الأول منه عام 1408هـ/‏‏‏‏ 1989م، بينما صدر الجزء الثاني بعده بعام. وله أيضا كتاب «التهذيب» (مخطوط): وهو الكتاب الذي يعتبر علوم القرآن -عنوان الدراسة- جزءاً منه، توجد منه نسختان بمكتبة السيد محمد برقم 1398 و1399، وقد قسمه مؤلفه إلى عشرة أبواب، وموضوعه في فقه اللغة؛ وخصوصاً في الكتابات الشرعية؛ مثل كتابة الصكوك والوصايا، والمفرد في الأسماء والجمع، مشيرا الى ان امتهان ابن عَرِيق لوظيفة القضاء وما يتطلبه من كتابة الصكوك ونحوها لعل ذلك ما دفع ابن عَرِيق (المعولي) لتأليف كتابه المذكور، ويتضح جلياً من الكتاب تضلُّعُ مؤلفه في علم اللغة.

ومن مؤلفاته «كتاب في التاريخ»: يتضمن تاريخ عمان منذ دخول مالك بن فهم إلى عمان خلال العقود الأولى من القرن الثاني للميلاد؛ حتى نزول الحملة الفارسية مدينة صحار في 1156هـ/‏‏‏‏1743م، وقد طُبِعَ الكتاب باسم «قصص وأخبار جرت في عمان»، قامت بطبعه وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان بتحقيق عبدالمنعم عامر. و«كتاب في نسب عشيرته خاصة»: أورده ابن رزيق في ترجمته للمؤلف في كتابه الصحيفة القحطانية، تناول فيها ابن عَرِيق (المعولي) نسب عشيرته وما يتعلق بها من الأقارب والأرحام، ويذكر الهاشمي بأنه توجد منه نسخة بالمكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم 385 من ضمن مخطوط «قصص وأخبار جرت في عمان». وله أيضا أسئلة وأجوبة فقهية نثرية: توجد مبعثرة في كتب الأثر. وله كذلك قصائد في المدح والرثاء وبعض المناسبات .. ، وأسئلة وأجوبة وألغاز نظمية في الميراث ضمن كتابه المُهذَّب.

وفاته:

أما عن تاريخ وفاة المعولي فأشار الى انه توفي في صباح يوم الثالث عشر من ذي الحجة 1190هـ/‏‏‏‏ 23 يناير 1777م، ودفن بالوادي الكبير من مسقط، ويرى ابن رزيق أن وفاة الشيخ المِعْوَلِي في بلده ورأس مولده في «أفي» من وادي المعاول، وأن قبره مشهور بها.