روضة الصائم

الاحتياج الذاتي للممكنات

02 يونيو 2017
02 يونيو 2017

هلال بن علي اللواتي -

بما أن الإنسان متعدد الأبعاد والجوانب لذا قد قمنا بتجاوز الكثير من الحواجز التي تحجب دون تحقيق تلك السعادة والحضارة والكمال، فدخلنا إلى عمق الإنسان، ونظرنا إلى «الاحتياج الذاتي» له، ليشكل هذا الاحتياج محور هذا العلم، وموضوعه، فما نريده من الإنسان من خلال منظار «علم النور» هو: (ما يتعلق بنفسه وذاته)، وعوالمها، ومناشئ سلوكها، ومصادر صفاتها، وعلل أفعالها، وشرائط كمالها، والموانع التي تقف دون وصولها إلى هدفها السامي، وطريق سعادتها المطلقة، والأهم من كل هذا الوقوف على «الاحتياج الذاتي» لها. ومن هنا نجد أن الانطلاقة الأساسية الناجحة لتحقيق المشروع الحضاري للإنسان لابد وأن تكون من «الاحتياج الذاتي» له، فبعد معرفة هذا الاحتياج الذاتي للإنسان، وبعد النظر إلى «الاحتياج الذاتي» لسائر الكائنات، ستتحدد معالم عناصر نجاح المشروع المراد تبنيه لصالح الإنسان والكائنات، وعندها سيكون مصدراً للوقوف على السر الذي يحتوي على نجاح التجربة البشرية على الإطلاق. وبالوقوف على هذه الحقيقة سنتمكن من الوقوف على سر المشكلات البشرية، وعلى كيفية علاجها من جذورها، وهذا العلم يقدم للإنسان الحل الجذري الذي به يتمكن من حل جميع مشكلاته التي تعرف بــ(المشكلة الإنسانية).

وبما أن «علم النور» يتمتع بعنصر النجاح والقوة والغنى في مفاهيمه وفكره ورؤيته فإنه بهذا يشكل مقياساً لتقييم كل ما يوضع للإنسان لأجل تحقيق مشروع سعادته وحضارته، وبتعبير آخر .. فإن أي فكر أو سلوك يلامس «الاحتياج الذاتي» للممكنات عامة وللإنسان خاصة يجب أن يتوافق وينسجم مع مستوى هذه الملامسة وحجمها وثمارها، فإذا توافق وانسجم أخذنا به واعتمدناه، وإذا ما وجدناه بعيداً عن هذا المحور علمنا أنه غير صالح للإنسان، فدور عرض الفكر والسلوك على «الاحتياج الذاتي» دور كاشفي يكشف لنا مستوى مقبوليته وفق ملكات ومتطلبات وعناصر هذا الاحتياج.

وهذا الكلام يشمل كل ما يقع في طريق تحقيق سعادة الإنسان وحضارته، فهو يعني أنه يشمل الجانب الفكري والسلوكي والتربوي والنفسي والاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني والصحي والاجتماعي والفلسفي والفني والثقافي ... إلخ من العلوم التي تقع في طريق مشروع تحقيق سعادة الإنسان وحضارته.