كلمة عمان

ضرورة تعميق التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب

26 مايو 2017
26 مايو 2017

في الوقت الذي يشكل فيه التفجير الإرهابي في قاعة حفلات مدينة مانشيستر البريطانية، عملا إرهابيا خسيسا آخر، راح ضحيته العشرات من الضحايا الأبرياء والمصابين، وهو ما أدانته السلطنة والعديد من الدول على امتداد العالم بأشد العبارات، فإن تكرار وتعدد العمليات الإرهابية، وبأساليب متنوعة، في الأشهر الأخيرة، سواء في المدن الأوروبية أو غيرها على امتداد العالم، يفرض ضرورة الإسراع في تحقيق وتطوير سبل ومستويات التعاون الدولي في مواجهة هذه الظاهرة الإجرامية، التي لا يتورع أعضاء التنظيمات الإرهابية الممارسة لها، عن قتل الأبرياء بدم بارد ومع سبق الإصرار، وتحت شعارات ومبررات يرفضها الدين الإسلامي الحنيف، وكل الأديان والشرائع السماوية، والقوانين والقيم والنواميس الإنسانية أيضا.

ومع الوضع في الاعتبار أن مختلف الدول تسعى، وفي إطار ما هو متاح لها من إمكانيات، إلى حماية شعوبها ومؤسساتها ومرافقها من المخاطر المتزايدة لممارسات التنظيمات الإرهابية المختلفة، إلا أنه من الواضح أن الضغوط الكبيرة والمستمرة التي يتعرض لها تنظيم «داعش» خاصة في العراق وسوريا ودول أخرى من ناحية، وما تتيحه عمليات تدفق اللاجئين إلى الدول الأوروبية وغيرها من دول العالم، تسمح بتسرب وتسلل أعداد من الإرهابيين إلى العديد من المدن، داخل وخارج أوروبا، ليتحولوا بعد ذلك إلى خلايا نائمة، وإلى ذئاب منفردة، يمكن أن تمارس إرهابها عندما ترى أن الظروف مواتية لها، في أي وقت ومكان، ودون تمييز، ولمجرد الإعلان للعالم أن تلك التنظيمات الإرهابية، التي ينحسر وجودها ونفوذها في العراق وسوريا وغيرها، لا تزال قادرة على العمل والإيذاء وترويع الآمنين، في أي فرصة تسنح لها.

وبالرغم من تعقد وصعوبة هذا الوضع، وما يفرضه من إجراءات كثيرة ومعقدة، سواء على مستوى الوقاية، أو على مستوى مطاردة العناصر الإرهابية المختلفة، وإحباط مخططاتها، إلا أنه ثبت أن التعاون العميق والواسع بين الدول، والتنسيق فيما بينها لمكافحة الإرهاب، بات يشكل ضرورة لا تقبل التأجيل ولا التسويف، لأن الجماعات والتنظيمات الإرهابية، تتحول إلى وحوش جريحة، عندما تشعر باقتراب هزيمتها والقضاء عليها، وهو ما تعيشه تلك التنظيمات بشكل حقيقي، على الأقل في بعض المناطق العراقية والسورية والليبية وغيرها. وفي مواجهة ذلك، فإن تحقيق مزيد من التعاون والتنسيق لمواجهة التنظيمات والجماعات الإرهابية بألوانها المختلفة والمتعددة، إسلامية وغير إسلامية، أصبح ضرورة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، ولا يغني عن ذلك أن كل دولة تقوم بما يمكنها لحماية نفسها ومجتمعها من هذه الظاهرة الإجرامية، خاصة أنه من المعروف أن تشديد الإجراءات الأمنية وحدها لا يشكل ضمانة تامة أو كافية لمنع العمليات الإرهابية، الانتحارية وغيرها، ولذا يظل التعاون والتنسيق وتبادل المعلومات ضرورة ومصلحة لكل الأطراف حتى يتم القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة.