fatma
fatma
أعمدة

رأيها: إنه الشغف

17 مايو 2017
17 مايو 2017

فاطمة الاسماعيلية -

في مواقف الحياة الكثيرة ثمة سر صغير لتخطي وتجاوز المصاعب المختلفة، وهو الشغف عند إنجاز أي عمل، فبدون الشغف يموت الإصرار والتحدي الذي يحرك أي عمل كان نحو الاستمرار والتميز، هناك أمور نقوم بها بدافع الفطرة، لكن ثمة أمور قد لا تظهر بصورة مُتقنة إذا لم يكن بداخلنا ما يدفعنا نحو الإنجاز والإبداع والإخلاص وإذا لم يتوفر ذلك البريق الذي يُعرف بالشغف، فهناك فرق بين أن تؤدي عملك كمهنة وواجب فقط أو أن تؤديه بشغف.

أبسط الأمور كالطبخ مثلًا، هناك من يطبخ فقط لسد الجوع وثمة من يطبخ بشغف، لذا أطباقه تكون حاضرة بنكهة مميزة، وهناك من يعمل في مجال مختلف تماما عن مجال دراسته ليس لأنه لم يجد الفرصة بعد ليعمل بمجاله، بل لأنه قرر ألا يكسر ما بداخله من شغف تجاه ما يحب. تذكرت بائعة الورد اللطيفة التي تنسق الورود المخملية بشكل متناغم ولطيف وبذوق رفيع، في إحدى زياراتي لها ومع تجاذب أطراف الحديث علمت أنها كانت تعمل في مستشفى في بلدها! ورغم أن عملها كان في صلب تخصصها إلا أنها لم تحتمل رؤية المرضى وآلامهم -بالرغم من تعاطفها الكبير معهم- لتقرر أن تهرب من روائح العقاقير إلى رائحة الزهر والياسمين ولتلحق بشغفها وتكون قريبة من ألوان تبعث السرور بالنفس، وتساهم ولو بجزء بسيط بإدخال البهجة في نفوس المرضى بتنسيق أجمل باقات الزهور للزبائن الذين يحملونها لمرضاهم.

ولا أنسى تلك المُعلمة المُتفانية في عملها، والتي تحمل شهادة جامعية في تخصص مهم (ويحلم به كثيرون) لكن شغفها كان بتدريس الأطفال الصغار لحبها وتعلقها الشديد بهم ولرغبتها بتحفيظهم ورد من القران، وقد تحول ذلك الشغف إلى إبداع وسعي حثيث للتطوير في التدريس- ولأن الأطفال لا يعرفون المجاملة – كسبت قلوبهم وأحبوها بصدق وتعلموا منها أبجديات (حب العِلم) قبل كل شيء.

ونموذج آخر لشاب طموح قرر أن يترك عمله في القطاع العام ليلحق بأحلامه بالاتجاه نحو العمل الحر، لم يلتفت كثيرًا للعبارات السلبية حول مدى صعوبة الإجراءات وغيرها فالتحديات موجودة في كل مكان، لذا شق لنفسه طريقه بثقة يقودها شغف المغامرة التي يقول إنها أساس التفكير بالاستقلال المهني.

القصص كثيرة والشاهد: تسلح بما تحب أن تقوم به بكل شغف لتنجز أعمالك بتميز، ولكي لا تصبح الأشياء التي تقوم بها باهتة وتفقد الوهج.