sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: جارتي الأجنبية

10 مايو 2017
10 مايو 2017

شريفة بنت علي التوبية -

جارتي الأجنبية لا تعمل، ليس لأنها لم تحصل على عمل وليس لأنها لا تملك شهادة جامعية ودراسة عليا، فهي بإمكانها الحصول على عمل بحكم تخصصها وشهاداتها، لكنها تركت الوظيفة لتتفرغ لتربية أطفالها، ولأنها اختارت أن تكون أماً فقط وذلك بالنسبة لها يعني عملاً يستحق الوقت والجهد كاملاً، انه عمل شاق ومهم جداً كما تقول ولا يمكن أن تقوم به إلا وهي متفرغة لهذه المهمة العظيمة ومخلصة لها.

جارتي الأجنبية ليس لديها عاملة في المنزل تساعدها في تربية الأطفال وإعداد الطعام، فهي من تقوم بتربية أطفالها وهي من تعد الطعام لأسرتها، لا بأس أن تستعين بعاملة مؤقتة لساعة أو ساعتين في اليوم، جارتي الأجنبية ما رأيتها يوماً إلا وهي سعيدة وضاحكة، أعلم بوجودها من ضحكتها التي تملأ المكان بهجة دون أن تدري، وتقوم بأعمال تطوعية كثيرة أقلّها أن تجمع أطفالنا في بيتها وتقرأ لهم وتلعب معهم وتشاركهم هواياتهم المختلفة، جارتي الأجنبية يحبها الأطفال فهي صديقتهم، ونحن في المقابل نترك أطفالنا الرضع منذ الصباح الباكر مع عاملة المنزل وقد نطلق عليها اسم مربية كي نمنح أنفسنا شعورا أنها مهيأة لهذا الدور، تترك الواحدة منا طفلها دون الشهرين من عمره وتذهب إلى العمل، نترك بيتنا للعاملة ونمنحها الثقة الكاملة في كل شيء، حتى تربية أطفالنا!

ومع عدم وجود إجازة أمومة تتناسب مع مصلحة الطفل، لم تعد الأمومة بالنسبة للكثير منا أكثر من عملية إنجاب فقط، لأننا لا نملك القدرة لأن نكون أكثر من ذلك، فنحن لا نملك الوقت لنعتني بصغارنا الرضع ولا نملك الوقت للاهتمام بهم، فأهم واخطر سنوات أعمارهم تمضي دون أن نكون بجانبهم، نحن نعمل ولكي ننجح علينا أن ننسى أننا أمهات وعلينا أن نربط على قلوبنا كي نرتقي في سلم النجاح على حسابهم، لتبقى قلوبنا وعقولنا مقسمة في كل الاتجاهات، نحارب في أكثر من جبهة ونحلم بالانتصار، لم يعد مهماً أن يكون هذا العمل ضرورة ملحة أو ترفا اجتماعيا، المهم أن لا نحمل مسمى (ربة بيت) وتصبح كل منا (موظفة)، إنه واقع أحببناه وساحة حرب انتصرنا فيها، وإذا تركت إحدانا العمل من أجل أطفالها اعتبرنا تلك تضحية كبيرة منها، وننسى ونسينا أن الأمومة أولاً ونجاحنا الحقيقي نجاحنا كأمهات ثم الحياة وما بها.. ترى أين المشكلة، هل في المرأة أم في العمل وقوانين العمل؟