sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: حقيقة الحب

03 مايو 2017
03 مايو 2017

شريفة بنت علي التوبية -

نتحدث عن الحب ونكتبه ونتغنى به، إنه أسطورتنا، حكايتنا، حياتنا، ولكن لن نعرف معنى الحب إلا حين نعيشه كحقيقة، لا يمكن أن ندركها من خلال علاقة عابرة في عاطفة مشحونة بالرغبات الجسدية، ولا من خلال قصيدة شعر، ورغم كل ما كُتب عن الحب ويكتب، هناك حقيقة لا نعرفها سوى في وقت متأخر، وحينها سنعرف كم هذا العالم غارق في الزيف ومفتقد للحب، وكم هذه البشرية تعاني من هذا الفقد العظيم، وسنعرف أن الإنسان فقد صفته الإنسانية، وما عاد أكثر من كائن حي فقط .

قد تتفاجأ إن قلت لك إن كل حب مرّ بك، ما كان حبًا حقيقيًا، وما كان سوى حكايات عابرة لعاطفة لها تاريخ بداية وتاريخ انتهاء، لأن الحب الحقيقي لا ينتهي لفطرة إلهية في النفس، وهو ذلك الحب الذي تعرفه في اللحظة التي تراه فيها فتعلم أنه ذلك الحلم الذي ظللت الطريق طويلاً وأنت تبحث عنه، فتتجرد لك الحقيقة الغائبة عنك لحب أنت بحاجة إليه، لحب يجعلك تنكر نفسك أمامهم، أنها اللحظة الأولى التي تكون فيها أبًا أو أمًا، فتعرف أنك الآن بدأت، وأن ما مضى ليس سوى طريق ضائع بك ومنك، وأن ما أنت فيه اليوم شعور مختلف لا يشبه أي شعور عشته أو عرفته من قبل، فتعرف قيمة محبة أمك وأبيك لك، وتعرف ذلك المعنى الغائب عنك والحقيقة المدهشة التي لم يستطع أحد من قبل أن يوصلها إليك، ولا أن يلامس بها شغاف قلبك كما تتعمق الآن فيك كأب أو أم بحكم تكوينك البيولوجي الذي يصنف دورك في هذه الحياة، ستكتشف وأنت تحمل حقيقة محبتك بين يديك أي وهم كنته، سيغمرك ذلك الشعور الأبوي الخالص لحب كبير في قلبك، كنت بالأمس تحياه وهماً وغربة وألماً أو فرحاً وفق تلك الحالة المزاجية العابرة بك في دروب شتى، دون أن تدرك أن للحب وطنا دائما في قلب أمك وأبيك وأن الوطن ما ضاق يوماً بساكنيه ولا خان.

يمتلئ قلبك يقيناً بتلك الحقيقة المذهلة التي لا تحتاج إلى دليل كي تبرهن عليها، لذلك ستعجب كيف بمن لم يصل لتلك الحقيقة ولم يجرب هذا الشعور أن يتحدث عنه، وكيف لك أن تسمي تلك المشاعر العابرة في حياتك حُباً وما هي كذلك، لأن الحقيقة الوحيدة في الحب هي تلك الحقيقة التي تكشف لك عن نفسها في محبة والديك لك ومحبتك لأبنائك.