شرفات

ترجمة عربية لكتاب روح الإرهاب.. للفرنسي جان بودريار

24 أبريل 2017
24 أبريل 2017

القاهرة «العمانية»: في الوقت الذي تشتدّ فيه الحملة على الإسلام بوصمه بالعنف والإرهاب على خلفية تصرفات بعض المنتسبين إليه، هناك أصوات عاقلة في الغرب انبرت للدفاع عنه بعدما تعمقت في فهمه، ونهلت من معين دعوته الصافية المفعمة بالسلام والأمن للبشرية جمعاء.

ومن هذه الأصوات عالِم الاجتماع الفرنسي جان بودريار، الذي أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب ترجمة لكتابه «روح الإرهاب» أخيرا، أعدها الناقد السوري بدر الدين عرودكي. يشتمل الكتاب على مقالات نُشرت في صحيفة «لوموند» الفرنسية، تدحض المزاعم بوجود صلة بين الإسلام والإرهاب، وترد على الحملة الشعواء التي شنها كتاب متطرفون ضد الإسلام.

يقول جان بودريار في كتابه إن ما حدث في 11 سبتمبر 2001 ليس صدام حضارات ولا صدام أديان، بل إنه يتجاوز الإسلام وأمريكا، مؤكدًا أن الحرب تُلازم كل نظام عالمي وكل سيطرة مهيمنة، ولو كان الإسلام يسيطر على العالم لوقف الإرهاب ضد الإسلام.

ويرى أن الإرهاب صار كالفيروس في كل مكان، فهناك انتشار عالمي للإرهاب الذي بات شأن الظل الملازم لكل نظام هيمنة، مستعدًا في كل مكان لأن يستيقظ كعميل مزدوج، ولم يعد هناك أيّ حدود فاصلة تسمح لمحاصرته، فهو في قلب الثقافة التي تحاربه.

ويوضح أن هذا قد يقود إلى حرب عالمية رابعة، وستكون العولمة هي محورها، فالحربان العالميتان الأوليان تعكسان الصورة الكلاسيكية للحرب، إذ وضعت الأولى حدًا لتفوق أوروبا وللعهد الاستعماري، وحطّمت الثانية النازية، أما الحرب الثالثة فهي «الباردة»، التي انتهت بالقضاء على الشيوعية.

ويؤكد المؤلف أن كل حرب من هذه الحروب قادتنا إلى وضع عالمي جديد، لكن الحرب المقبلة أصبحت شاملة، بحيث لم يعد بإمكان أحد الفرار منها أو تجنبها، لأنها في قلب النظام العالمي الجديد.

ويقول إن النظام العالمي المتمثل في شبكة المصالح الرأسمالية العالمية، كان لا بد أن يصنع لذاته عدوًا محدّد المعالم يستطيع من خلاله أن يحقق مصالحه، وهذا العدو هو الإرهاب الذي تم لصقه بالإسلام، في حين أنّ هذا الارتباط غير حقيقي في جوهره، لأن الإرهاب تم توليده من داخل النظام ذاته ولم يأتِ من خارجه، فلا يتعلق الأمر بصدام الحضارات أو الأديان، كما يتعدى بكثير محاولة اختزاله في المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكيّة والإسلام، فصحيح أنّ هناك تقابلًا بينهما، لكنه تقابل يكشف أن العولمة تخوض صراعًا مع ذاتها.

ويرى أن الحروب بهذه الكمية الهائلة من الأسلحة المدمرة، وبهذا العدد المخيف من الجيوش، وبهذه الأخبار الكاذبة، وهذه الخطب المزيفة والمضحكة، ليست قادرة على أن تقضي على الإرهاب وجذوره، فجميع الاستراتيجيات الأمنية ليست إلا امتدادٌ للإرهاب، والانتصار الحقيقي للإرهاب يتمثل في أنه استطاع أن يغرق الغرب كله في هوس أمني، أي في شكل مموّه من الإرهاب المستمر.

ويؤكد المؤلف أن الإرهاب حرب ذاتية داخل جسد العولمة، فالعولمة لم يعد لها عدو خارجي بعد الحرب الباردة، فتشكلت فيروسات ممرضة في خلاياها، فمرض العولمة الداخلي هو عنفها حين تحتكر رواية الحقيقة وتنفي رواية الآخرين، باحتكارها للعلم والتكنولوجيا والمعلومات والسوق، ليتم من خلالها تعريف وحيد لا يقبل التنوع للثقافة والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ويتابع: «هذا هو حال الإرهابيين، الذين قد يدمرون أي هدف في أي وقت وأي مكان، ولا يمكن تحديدهم في بلد معين ولا طبقة ولا مهنة معينة، ويصعب توقع تنفيذ وقت ومكان ونوعية أهدافهم القادمة، وبالتالي لا يمكن السيطرة عليهم.. إنهم أشباح ضد العولمة من داخل خلايا العولمة! فلا عدو خارج العولمة يمكن أن يردعها، وعندما لا يوجد لديك عدو خارجي ستضعف مقاومتك من الداخل وتتورط بأمراضك الداخلية.. والإرهاب هو من الأعراض الجانبية للعولمة».