Ali
Ali
أعمدة

أوراق : ماذا نأكل؟

12 أبريل 2017
12 أبريل 2017

علي بن خلفان الحبسي -

الشكر لله رب العالمين على نعمه التي أسبغها على عباده، فموائدنا اليوم ملونة وعامرة بشتى المأكولات في الإفطار والغداء والعشاء وجلسات القهوة والمطاعم والمقاهي على طول الطرقات فاطلب منها ما شئت، بل حتى أنها بمجرد مكالمة ورسالة نصية تتهافت إليك عشرات قوائم الطعام تصلك المائدة الى بيتك وفي عملك وفي رمساتك وأنت قابع في مركبتك، وبعض بيوت شباب اليوم أضحت بلا مطابخ وان وجدت فهي خاوية لأن المطعم والمقهي الفلاني لا يقصر مادام الجيب عامرا، واذا تحدثنا عن الأمس فلم نكن نعرف الملفوف الأحمر والسبانخ والجرجير والبقدونس وفطيرة الصاروخ وأشباهها، وكانت السحناة والأرز ومرقة اللحم تفوح روائحها من مسافات طويلة، وصوت المغراف يسمعه كل الجيران، رغم أنه لا مطبخ في البيت سوى مخبأ تحت درج البيت يكسوه دخان العساوة والشغراف والكرب والليف وغيرها من المصطلحات الأخرى، ومن لا يفهمها فعليه بالأولين الذي قاموسهم يحوي كل هذه المصطلحات.

اليوم نسمع ونقرأ ونشاهد ما تقترفه بعض مطابخ المطاعم والمشاهد المقززة من تلك التي تديرها الأيدي العاملة الوافدة، أماكن طبخ تقشعر لها الأبدان قبل الأكباد، ورغم أن طاولات تناول الطعام منمقة، وقوائم الطعام مليئة بشتى الألوان، تسبح صورها في الخيال، فإن مطابخ بعض من مطاعمنا تكون في بيوت هذه الأيدي العاملة الوافدة لإعداد الوجبات، وبالرغم من جهود الجهات المختصة المتمثلة في بلدية مسقط والبلديات الإقليمية في الولايات وحماية المستهلك الذي يضبطون كل يوم عشرات التجاوزات، الا أن المشهد لا يزال يتكرر، لأنهم أتوا ليس من أجل صحتنا أو راحتنا أو من التخفيف على أعباء مطابخنا، التي أضحت ورشا من كثرة الخلاطات والعجانات والصحون والملاعق، ولا ينقصنا سوى أدوات تطرح المأكولات في أفواهنا وربما سيصنعونها، هذه الأيدي العاملة جاءت من أجل العمل وكسب المال، لذلك فنتوقع منهم المزيد مع تنامي وجودهم بدون عمل، لأنهم سيبحثون عن فرصة سانحة من أجل اقتناصها ولو على حساب صحتنا وأطفالنا.

لن ننسى قصة الحلويات وغيرها من الأشكال والأنواع التي يتناولها اطفالنا صباحا ومساء، ولن ننسى قصة الثور الميت الذي قدم لحمه في مسالخنا، والأرز الفاسد وغيرها من التجاوزات التي ربما توجد في أسواقنا ومراكزنا التجارية وفي محلات حاراتنا التي تعمل ثلاجاتها نهارا وتغلق ليلا، ومع تطور التلاعب والغش الذي أصبح نهجا لدى البعض ممن تسول لهم أنفسهم الضرر بصحة المواطن والمقيم على حد سواء، فإنه على الجهات المختصة أن تكون أكثر ردعا لمثل هؤلاء، ولا تكفينا غراماتهم لأنهم سيستردونها ولو بعد حين، وحتى لا يتكرر المشهد في فصول أخرى، كما أنه يجب أن يكون لدى الأسرة وعيا من نوع آخر، وهو الاعتماد على مطابخها وأدواتها وطرقها بدلا من الاعتماد على المطاعم والمقاهي معظم أيامها، الا عند الضرورة التي ترفع عندها الأحكام، عندها لن نسأل ماذا نأكل؟ وعلى ربات البيوت دورا مهما في هذا الجانب بأن يكن أكثر وعيا من أي وقت مضى وأن يدربن بناتهن على إدارة المطبخ لأنها جزء لا يتجزأ من إدارة منظومة أسرة ناجحة وتدريب يأتي على حجم المطبخ الذي يحتل مساحة واسعة من البيت والمزين بأرقى السيراميك والطاولات والمعدات التي لا دور لها عند بعض الأسر.

[email protected]