صحافة

طبول الحرب تقرع في جبل طارق

10 أبريل 2017
10 أبريل 2017

ما إن شرعت بريطانيا في تفعيل إجراءات الخروج من الاتحاد، حتى انهالت عليها متاعب الانفصال من كل جانب. فاسكتلندا طرحت مجددا المطالبة بتنظيم استفتاء للانفصال عن بريطانيا، وأسبانيا تطلب من الاتحاد الأوروبي مساندتها للسعي في ضم جبل طارق إليها. علما بأن هذه المنطقة هي آخر مستعمرة استولت عليها بريطانيا عام 1713 عندما اضطرت أسبانيا للتخلي عنها في نهاية الحرب الأنجلو إسبانية. وظلت العلاقة بين بريطانيا وإسبانيا متوترة حتى عام 1834 عندما تم توقيع معاهدة تحالف رسمي بين البلدين، ولكن بقيت المستعمرة أو كما تلقب بـ«الصخرة» شوكة في جانب أي تحسن في العلاقات بين البلدين.

وفي عام 1981 قررت حكومة بريطانيا إقامة حكم ذاتي في المنطقة، فطالبت إسبانيا باسترجاع المنطقة على اعتبار أن بريطانيا التزمت بأن تعيدها إلى إسبانيا في حال قررت التخلي عنها. لكن بريطانيا متمسكة بها رغم إقامة حكم ذاتي فيها، استنادا الى أن الحكم الذاتي لا يعني إخراج المنطقة من تحت سيطرة التاج البريطاني.

وما زالت الصحف البريطانية تركز بشكل مكثف على قضية جبل طارق الى الحد الذي يتصور فيه القارئ أن طبول الحرب تدق في هذه المنطقة. فصحيفة «المترو» كتبت في عنوانها الرئيسي تقول: «سوف نحارب من أجل جبل طارق مثلما حاربنا من قبل من أجل الفولكلاند». كذلك كتبت صحيفة «آي» في عنوانها الرئيسي تقول: «محادثات حرب حول جبل طارق».

ونقلت صحيفة «الغارديان» عن زعيم حزب المحافظين السابق مايكل هاورد قوله «ان ماي مستعدة لخوض حرب من أجل إبقاء جبل طارق تحت السيطرة البريطانية مثلما فعلت مارجريت ثاتشر في حرب الفولكلاند عام 1982». غير أن حزبا العمال والأحرار الديمقراطيين سارعا الى شجب تصريحات هاوراد باعتبارها تصريحات تحريضية، في الوقت الذي أعلنت فيه تريزا ماي تصميمها على إبقاء جبل طارق منطقة تحت السيادة البريطانية.

وبحسب «الغارديان» أيضا فان دبلوماسيين أوروبيين كبارا اكدوا للصحيفة أن الاتحاد الأوروبي لن يتساهل بشأن قضية جبل طارق، وان أسبانيا تأخذ الموضوع على محمل الجد، وأنها تتمتع بتأييد عام بين الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي.

وكتب تشارلز مور مقالا في صحيفة «ديلي تلجراف» ذكر فيه ان إسبانيا تنازلت لبريطانيا عن الإقليم للأبد عام 1713، وأنه يبدو أمرا غريبا أخذ الأمور بجدية في القرن الـ21 للمطالبة باستعادته. وان هذه الاستعادة غير المبررة كانت نوعا من الهوس لدكتاتور إسبانيا اليميني المتطرف الجنرال فرانكو الى يوم وفاته قبل أكثر من 40 عاما، والآن تستغل إسبانيا خروج بريطانيا من الاتحاد للمطالبة بالإقليم مرة أخرى».

ويتساءل الكاتب عن سبب رغبة إسبانيا في مكان لا يريد أحد أن يسكن فيه فعليا، مثلما حدث مع تطلعات الأرجنتين بالنسبة لجزر فوكلاند. موضحا أن بريطانيا ليس لديها تطلعات استعمارية أو محاولة إعادة استعمار أرض، كما يتساءل الكاتب عما يوجد في الثقافة الإسبانية الذي يجعل هوسا رومانسيا بقطعة أرض يتجاهل أمنيات الأشخاص الفعليين المقيمين فيها.

وتشير التقارير الإخبارية إلى أن الانفعال البريطاني بلغ مداه من خلال تصريحات السياسيين البريطانيين وعلى رأسهم النائب المخضرم زعيم حزب المحافظين السابق مايكل هاوراد الذي تحدث عن إمكانية نشوب حرب للإبقاء على سيادة بريطانيا على منطقة جبل طارق. كما أعلنت رئيسة الوزراء تريزا ماي في وقت سابق إن «لندن لن توقع أية اتفاقية يمكن أن تسمح بانتقال سكان جبل طارق إلى سيادة دولة أخرى بدون إرادتهم وتعبيرهم عن ذلك بشكل ديمقراطي وحر».

وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون: «السيادة على جبل طارق لا يمكن أن تتغير بدون موافقة واضحة من جانب شعب بريطانيا وسكان المنطقة». وقال وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، «إن جبل طارق سيبقى تحت حماية بلاده لأن السيادة عليه لا يمكن أن تتغير».

وجاء الرد على هذه التصريحات الانفعالية من وزير الخارجية الإسباني ألفونسو داستيس بقوله: «الحكومة الإسبانية متفاجئة قليلا من اللهجة الصادرة عن سياسيين بريطانيين معروفين بضبط النفس والاتزان وهدوء الأعصاب في الكلام».