humada
humada
أعمدة

«أُمَّةٌ دفانة»

09 أبريل 2017
09 أبريل 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

لن أدعي معرفة المغفور له بإذن الله تعالى الفنان سالم بهوان، لا على الصعيد الشخصي ولا الفني كوني لست متابعة لما يحدث في الساحة الفنية، خاصة بعد هجرتي الاختيارية للتلفزيون إلى سحر الهاتف الذكي الذي يمنحني حرية اختيار البرامج والتنقل بينها متى شئت وحيث شئت، لكنني كغالبية البشر، يهزني خبر الموت حين يأتيني على حين غرة، وبدون سابق إنذار، حتى لو لم أكن أعرف من المتوفى سوى صورة تعرضها علي وسائل الإعلام بين حين وآخر، وتفزعني فكرة الموت ذاتها وتثير حزنا عميقا على المتوفى حتى لو لم تجمعني به طرق الحياة ولو صدفة، أو لعله حزنا على نفسي لإدراكي بان (كل نفس ذائقة الموت) وأن موت الغريب هو إيذان بحقيقة الموت، كمصير محقق لا بد منه..

أنا كغيري لا نبالي بمن حولنا حتى نفقده، حينها فقد ننبش في حياته وماضيه باحثين عن مزاياه وصفاته، ونبدأ في سردها، لغرائب الصدف أن شبكة التواصل الاجتماعي الشهيرة (تويتر) حملت لي خلال تلك الفترة تغريدة هزتني من العمق، يبدو أنها مقولة للأديب الراحل محمد حسين زيدان مفادها (نحن أمة دفانة)، لا نذكر مزايا رجالنا حتى يغيبهم الموت، ثم نشرع في كتابة المراثي التي تمجد أعمالهم ومزاياهم.

لست أدري كم من المحيطين بالفنان الراحل، أو معجبيه، قد عبروا له عن مشاعرهم الحقيقية تجاهه، والتي اشتعلت بها شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام إبان انتشار خبر وفاته.

هل كان المغفور له يعلم بما يظنه به الآخرون، والصورة الحقيقية التي يرونه بها، هل كان يعلم بأن من حوله كانوا يقدرون (إنسانيته) و(إحسانه) و(ابتسامته) التي كانت تبعث الفرح فيمن حوله، أم بخل بها أصحابها عليه في حياته، ترى كيف سيكون وقع هذه الكلمات على روحه المعطاءة لو انه سمعها في حياته، كيف سيكون تأثيرها على إنتاجه الفني، وأعماله وتعامله مع الحياة، هذه التساؤلات لعلني أثرتها هنا قبل مدة، وأستحضرها دائما أمام فاجعة الموت، الذي يفترض أن نعتبر منه، إلا أننا ما نلبث أن ننسى، وهي نعمة عظيمة لا يقدرها إلا من ذاق مرارة الموت المتتالية، فلولا هذه النعمة العظيمة لن يقدر لنا العيش بعد من نفقد من أحباء، ولن نتمكن من مواصلة الحياة بدونهم.

قدر هذه الأمة أن تكون (أمة دفانة) وقدر عظمائها أن لا يعرفوا قدرهم وقيمتهم الحقيقية في حياتهم، وليت أن الأمر يتوقف فقط عند البخل بالتعبير عن المشاعر، المؤلم أن ذلك يتعداها إلى النقد القاسي غير البناء، والتحبيط وتثبيط الهمم، والبحث عن المثالب، فلا نحن نرحم ولا ندع رحمة الله تنزل على حد تعبير الحكمة الدارجة، غفر الله لموتانا، وجزاهم عنا خير الجزاء.