أفكار وآراء

الحكـومـة الإلكـتـرونية طـال الانـتـظـار

01 أبريل 2017
01 أبريل 2017

سالم بن سيف العبدلي -

منذ أكثر من عشر سنوات تم الإعلان عن تبني إنشاء الحكومة الإلكترونية في السلطنة وأنشئت لجنة وطنية وهيئة لتقنية المعلومات ولجان فرعية في كل مؤسسة تعنى بتطبيق هذه الحكومة على ان تكون جميع المؤسسات والوحدات الإدارية للدولة مرتبطة معا بنظام الإلكتروني واحد ومتوافق مع الحكومة الإلكترونية وقد حدد عام 2015 الانتهاء من تطبيق هذا النظام في جميع مؤسسات الدولة المدنية.

وقد مرت السنين والأيام وها نحن في بداية الربع الثاني من عام 2017 وما زالت العديد من المؤسسات لم تنجز أعمالها بل ما زال البعض يضع العراقيل أمام أي خطوة نحو الوصول الى ذلك الهدف ومثل هؤلاء نعتقد انهم لا يرغبون أساسا في الانتقال الى تقنية المعلومات والى مكننة المعاملات لأنهم يعتقدون ان ذلك سوف يحد من سيطرتهم ونفوذهم على بعض القرارات والإجراءات فهم يتمسكون بشتى الطرق من أجل بقاء الوضع على ما هو عليه.

الحكومة الإلكترونية تعني «استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتطوير أسلوب أداء الخدمات الحكومية والانتقال بها من الأسلوب التقليدي الى الأسلوب العصري المنظم وبمعنى آخر فهي تعنى بتغيير طريقة أداء وتقديم الخدمة من طريقة تتميز بالروتين والبيروقراطية وتعدد وتعقد الإجراءات إلى نظام يعتمد على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين أداء الخدمات الحكومية من أجل تقديمها للمواطن والمقيم في البلد بطريقة سهلة وميسرة عبر شبكة المعلومات العالمية ( الانترنت) مما يوفر الكثير من الوقت و الجهد والمال وبالتالي تنخفض تكلفة أداء الخدمة». من هنا فإن الحكومة الإلكترونية تساهم أيضا في تقليل البيروقراطية ومكافحة الفساد والعدالة بحيث لا تكون هناك انتقائية ولا محسوبية في تقديم الخدمة فيتساوى الجميع أمام القانون، وتكمن أهمية الحكومة الإلكترونية في كونها تتحقق من خلال إدراك حقيقة أن العالم اليوم ومستجداته يحتّم على الجميع بأن يكون متقدما ويتميز بوجود ثلاثة شروط أساسية وهي المساءلة والمرونة والحكم الصالح، والتي تعتبر ركائز أساسية في الحكومة الالكترونية.

الحكم الصالح أو الرشيد مصطلح استخدم بعد ظهور صور متعددة من الفساد الإداري والمالي في العديد من الدول والمجتمعات والمؤسسات ومن أجل إصلاح هذا الأمر تم البحث عن سبل للمعالجة والانتقال من الأنظمة التقليدية في إدارة المؤسسات الى النظام العصري الحديث والمتمثل في الحكومة الالكترونية والتي تعتبر أحد العلاجات الواقية من انتشار الفساد من ناحية والعمل على منعه من ناحية أخرى.

كما أن مقتضيات الإصلاح الإداري تلزم المؤسسات العامة والوحدات الإدارية خاصة تلك التي تقدم الخدمات للمواطنين والمقيمين التقيد بالمرونة و الإيضاح والشفافية والإفصاح وسرعة الإنجاز في منهج عملها وهذا لا يتأتى بالطرق التقليدية والتي تتحكم فيها اهواء ورغاب البشر، وقد جرت العادة قيام الأجهزة الحكومية بتوصيل خدماتها عن طريق إدارة قنوات متعددة للنقل وبالطرق التقليدية مثل استخدام الهاتف، والفاكس، أو الطرق اليدوية.

من المهم تجويد الخدمات ورفع كفاءة الأداء خاصة وان العالم يشهد ثورة معلومات لا مثيل لها فمن العوامل الإيجابية للحكومة الإلكترونية انها تعمل على تخفيف نسبة العلاقات المشبوهة وغير الشرعية المحتملة عند المسؤولين والعاملين لأنها تعنى أولا وقبل كل شيء بتدفق المعلومات، وعلانية تداولها عبر مختلف وسائل الاتصال، وتوفر تواصل المواطنين بصانعي القرارات والقائمين على الأمور لتحفيزها ومحاصرة الفساد.

بمعنى آخر فإن الحكومة الالكترونية تعنى بالانفتاح على الجمهور فيما يتعلق بهيكل وظائف الجهاز الحكومي والسياسات المالية للقطاع العام الذي من شأنه تعزيز المسائلة والمصداقية وتأييد السياسات الاقتصادية السليمة وتساهم في الإفصاح والشفافية.

ما زالت هناك العديد من المستندات والمعاملات تفقد في بعض المؤسسات ولا زالت العديد من الإجراءات تتأخر والمواعيد تأخذ بالأشهر وما زلنا نسمع عن قصص حول المحسوبية والواسطة في بعض المؤسسات الخدمية وهذا يدل دلالة أكيدة بأننا ما زلنا نسير ببطء في تطبيق الحكومة الإلكترونية، لذا فالمطلوب الإسراع في الربط الإلكتروني وتطبيق هذا المشروع المهم إذا ما أردنا ان نكون في ركب التقدم.

والحق يقال إن هناك بعض المؤسسات استطاعت فعلا الوصول الى مراحل متقدمة جدا في تطبيق الحكومة الإلكترونية كشرطة عمان السلطانية بكافة أجهزتها فأنت الآن خلال خمس دقائق تستطيع ان تجدد جوازك او بطاقتك الشخصية وكذلك رخصة السيارة وملكيتها، كما يمكنك دفع المخالفات والرسوم الأخرى الكترونيا من خلال تطبيقات يمكن تنزيله على الهواتف الذكية مما سهل على الجميع انجاز معاملاتهم بكل سهولة ويسر ، كذلك بالنسبة لوزارة القوى العاملة ووزارة التجارة والصناعة من خلال برنامج «استثمر بسهولة» وزارة التربية والتعليم من خلال البوابة الإلكترونية وان كانت هذه الجهات لم تصل بعد الى التطبيق الكامل لهذا النظام.